وكبرًا وغرورًا، والمرء في فكره وعواطفه خاضع أبدًا لحالة جسمه ودرجة صحته، فرأيت هذا الصخرَ إلى زوال قد عبث به الماء، والماءَ إلى ذهاب قد بخرته الشمس، والشمسَ إلى غياب قد ابتلعها البحر، ورأيتني وحدي الذي يبقى، أنا الذي فتَّتَ الصخر وأنا الذي أذلّ البحر وأنا الذي اتخذ الكون كله معمل تجارب لعقله وسخَّره لمنفعته، وأنا الذي يحوي في صدره عالَمًا أكبر من هذا العالم ونورًا أبهى من هذه الشمس، وعواطف أعمق من هذا البحر وأرقَّ من هذا الماء وأشد من هذا الصخر ...
وذهبت إلى المدرسة وأنا أقول «أنا»، والعياذ بالله من «أنا» فإنها كلمة إبليس ... ذهبت ماشيًا فأكلت من فوري أكل من لبث في البحر ساعتين، ومشى ساعة كاملة، من الروشة إلى الحرج، وكانت سكرة النشاط ونشوة «أنا» لا تزال ضاربة في رأسي، فذهبت مع الطلاب أمشي وأعدو وأثِبُ وأفعل كل ما لا يفعل عاقل، ولم أعد إلى المدرسة إلاّ غارقًا في العرق فشربت قازوزتين (١) مثلّجتين من «القازوز» وصارعت ... واغتسلت بالماء البارد، ونمت فأصبحت مريضًا!
* * *
يا لهذا المغرور الأحمق الذي أصاب ذرة من العلم، وعبث بالكون عبث الوليد يرفع ويضع، فلم يعد يرضيه إلاّ أن يدّعي الألوهية أو «يؤلِّه» هذا العلم ... يا لهذه القوة الكاذبة وهذه السطوة الفارغة، هذا القويّ الجبار الذي فتت الصخر وأذلّ البحر، يذلّه