179

له عقیدې نه تر ثوراته (۲): التوحيد

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

ژانرونه

لا يعني نفي الرؤية الموضوعية لله كموضوع أي تعطيل أو جحود على ما تقول الأشاعرة، بل يعني التنزيه وإعطاء الله حقه في تحقيق مقصده في العودة إلى العالم والاتجاه من الله إلى العالم، ومن شخص الله إلى البناء الاجتماعي. الرؤية مطلب إنساني نتيجة الاغتراب في العالم والإشاحة بالوجه عنه، وقلب القصد. الرؤية سؤال ومطلب إنساني ممكن، ولكنه يعبر عن وضع غير طبيعي أو غير شرعي، عندما يسقط العالم من الحساب، ويضيع العقل، ويغيب المنطق، ويخرج الإنسان خارج العالم فيظهر السؤال. هناك فرق بين الخيال والواقع، فالخيال أوسع نطاقا من عالم الأشياء، وليس كل ما يطلبه الوهم يكون له وجود في الخارج، وليس كل ما في العالم الداخلي له مقابل في العالم الخارجي. إذا تمت الرؤية فإن الجبال تدك، وتطبق السموات على الأرض، أي تدمير العالم وانتهاء الكون، وخرق قوانين الطبيعة، وبالتالي يعيش الإنسان في عالم مستحيل لأنه أصبح له موقف غير شرعي. تعليق الرؤية على استقرار الجبل لا يثبت الرؤية لأن تحقيق الرؤية يستلزم تدمير الجبال وبالتالي تعليق الجواز على شرط مستحيل يكون أقرب إلى الاستحالة والامتناع.

166

الرؤية اغتراب عن العالم وخروج بالوعي إلى خارج العالم، خارج الزمان، وخارج التاريخ تحت أثر الأشعرية والصوفية. إن الله ليس هدفا، بل الهدف هو العالم والإنسان، وبالتالي تكون رؤية الله تحويل الإنسان عن موقفه الطبيعي واغتراب له، وتحويل للوحي عن مقصده الشرعي. في الرؤية يتحول الوحي إلى شخص، وتتحول عواطف التأليه إلى تشخيص، والتشخيص داء العصر، وتصور كل شيء على أنه مادي محسوس بطريقة غيبية لا علمية. رؤية الغير ممكنة أما رؤية الذات فمستحيلة. ليس المقصود بالرؤية رؤية شخص واحد إله مشخص أو نبي، بل الرؤية ذاتها كحقيقة مستقلة، كأحد جوانب نظرية العلم. الله ليس موضوعا بل ذات، وليس مشخصا بل مقصد، وليس جسما بل معنى. هناك إذن ضرورة للانتقال من رؤية الله إلى رؤية العالم، فالله ليس موضوعا للرؤية، بل موضوع للتحقيق، وليس من ناحية المعرفة بل من ناحية الوجود، وليس من جانب النظر بل من جانب العمل. هناك ضرورة للانتقال من رؤية الذات إلى رؤية الموضوع، فالله ذات تتحقق في العالم. رؤيته تحيله إلى موضوع وبالتالي يكون أقل قيمة من الذات الإنسانية. الله وعي خالص مثل وعي الإنسان الخالص، ولا غرابة في ثورة الإنسان وغضبه إذا ما تحول إلى موضوع عن طريق نظرة الآخر إليه أو عن طريق تحويله إلى موضوع طبيعي من العلوم الإنسانية. وهناك ضرورة العودة إلى العالم والقضاء على الاغتراب، فالرؤية للعالم، لمشاكله وقضاياه، للبشر ولأوضاعهم. لا تتم الرؤية إلا للجسم والمادة والموضوع والشيء. الرؤية خارج العالم تعمية وتغطية وتستر وتسكين وتخدير وإيهام. الرؤية ليست نعيما ولا لذة، بل ألم وحسرة وغضب مما يحدث الفعل من مأس للبشر، من فقر وجهل ومرض وتخلف وضياع وتشرذم وقهر وتعذيب. هي الرؤية التي تبعث في النفس الغثيان من العجز عن المقاومة للعدو الخارجي. ومن النفاق والمداهنة للحكام، ومن اللهث وراء لقمة العيش بأبخس الأثمان.

ما دام وجود الشيء هو الحاجة إليه، والشيء الذي لا حاجة إليه لا يكون موجودا، فإن رؤية الله موضوع من هذا النوع، لا يحتاج إليه العصر في هذه الصورة المغتربة المقلوبة. يحتاج العصر إلى رؤية العالم وإلى معرفة المعاني وإدراك الماهيات. إن وجود الشيء هو قصده، وقصده شرعيته. وبالتالي لا وجود للرؤية كقصد وكوجود شرعي. لقد حاولت الحركات الإصلاحية من قبل إلغاء الموضوع والعودة إلى بساطة الموضوع.

167

فما أهميته حاليا؟ هل هي مشكلة؟ هل أنكرت إسرائيل رؤية الله ونحاربها نحن لإثبات الرؤية أم احتلت الأرض وتركناها تحتل ما تشاء في عصر الهيمنة الإسرائيلية؟ ومهما قال المتكلمون وفصلوا وصاغوا وبرهنوا فإنها كلها مسالك مردود عليها باعترافهم أنفسهم ولم يزيدوا على الواقع شيئا إلا تأكيدا للاغتراب واستمرارا فيه.

168

وقد بلغ القدماء حد تكفير مثبت الرؤية وتكفير نافيها وتكفير من شك في إثبات الرؤية أو نفيها أو في نفيها إلى ما لا نهاية، وكأن رؤية الله معركة وطنية تتحرر بها أراضي المسلمين من الاحتلال، وبها تقام مجتمعات حرة دون قهر، تعمها العدالة والمساواة دون استغلال وتفاوت طبقي، وبها تتوحد الكلمة بدل التشرذم والتفتت والتجزئة.

169

يعني هذا الوصف الخامس «الوعي الخالص» الشعور الخالص الذي لا تخالطه شائبة المادة، فالوعي ليس في محل، والفكر ليس في الدماغ، والإحساس ليس من الحواس. لا يوجد الوعي الخالص في محل لأنه غير متحيز، وهذا ما عبر عنه القدماء بالاستغناء وعدم الافتقار والاحتياج. لا يرى، وليس موضوعا للرؤية، بل راء ومدرك وعالم، شرط القيام بالنفس هو بقاء الذاتية دون أن تتحول إلى موضوع من خلال الرؤية.

ناپیژندل شوی مخ