له عقیدې نه تر ثوراته (۲): التوحيد
من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد
ژانرونه
35
لا يفرق الدليل إذن بين العلة والسبب، العلة سبب طبيعي، والسبب علة ميتافيزيقية، العلة للأثر، والسبب للوجود. إن علاقة الحركة بالمحرك والمعلول بالعلة على هذا النحو المشخص الطولي الذي لا بد من الوصول فيه إلى علة أولى مشخصة ليست علاقة علمية بل علاقة دينية إيمانية تقوم على التشخيص، فليس لكل حركة محرك، وليس لكل علة معلول. هناك حركة ذاتية، وتغير ذاتي، وفعل ذاتي. وهناك دوران أبدي بين العلة والمعلول على شكل دائري، كل معلول علة، وكل علة معلول، دون الوصول إلى علة أولى ليست معلولة لعلة أخرى، دون الوصول إلى «بيضة» أولى أو «فرخة» أولى. لماذا لا تكون الموجودات فاعلة لنفسها؟ لماذا يحدث كل فعل بفاعل خارجي، وكأن العالم لا فعل له بما في ذلك الإنسان، لا فعل له، ولا خير منه، ولا قوة له؟
وبعض مقدمات الدليل لم تصل إلى صياغة منطقية محكمة، ولا تتجاوز كونها تحصيل حاصل. فاستحالة عدم القدم تحصيل حاصل لأنه قلب لجواز عدم الحادث، ونتيجة طبيعية للقدم، فالقدم والبقاء طرفان لشيء واحد، ما لا أول له ولا نهاية له، ويستحيل وجود أحدهما دون الآخر. ولماذا إثبات استحالة عدم القديم، فالقديم لا يعدم، وإثبات استحالة العدم متضمن في إثبات القديم. هذا بالإضافة إلى أن استحالة العدم يأتي لصفة الوجوب وإثبات استحالة القديم يأتي باستحالة الحدوث وليس باستحالة العدم.
36
كما لا يمكن إثبات حدوث الجواهر بحدوث العالم، فالحدوث هو المطلوب إثباته في كلتا الحالتين. الجواهر هي العالم، والعالم هو الجواهر. كما لا يمكن إثبات الحادث بالممكن أو الممكن بالحادث، فهما مفهوم واحد مرة بلغة الطبيعة ومرة بلغة الميتافيزيقا، مرة عند المتقدمين وأخرى عند المتأخرين. وكذلك مقدمة «ما لا ينفك عن الحوادث فهو حادث» تحصيل حاصل، فكأن الإنسان يقول: ما لا ينفك عن الماء فهو ماء، أو ما يتصل بالهواء فهو هواء. بالإضافة إلى أنها لا تصدق على كل الموضوعات. فما لا ينفك عن الماء قد يكون حيوانا مثل السمك، وما لا ينفك عن الحوادث قد يكون قديما مثل الجواهر. ولماذا يحتاج علم التوحيد إلى إثبات الأعراض والأكوان (الجواهر)؟ فالأعراض مرئية، أما الأكوان فهي مجرد وجود الأجسام، وهي أيضا مرئية مع الأعراض.
ويظهر الفكر الديني صراحة في مفاهيم التناهي والحدوث، وفي سؤال النشأة، بل وفي التقابل بين الجوهر والعرض، والقدم والحدوث، واللاتناهي والتناهي، وفي القفزة التي ينتقل بها المتكلم من عالم الأذهان إلى عالم الأعيان، ومن الأمور الاعتبارية إلى الحقائق الوجودية، ومن العلم «بالله» بالذهن إلى وجوده بالفعل. فلولا إدانة العالم بالحدوث والتناهي بناء على افتراض ديني مسبق بأن «الله» لا متناه وقديم لما أمكن صياغة مقدمة مثل استحالة حوادث لا أول لها، وتصبح ممكنة بقدم الجواهر. حدوث العالم ذاته بالتجرد التام عن الافتراض الديني المسبق في حاجة إلى إثبات. إلا أن إثباته يأتي من عاطفة دينية وموقف إيماني صرف لا يقوم على شهادة حس أو حكم عقل أو بداهة وجدان طبيعي لم يضعفه بعد الإيمان الديني. ولماذا يكون المتناهي في المقدار دليلا على الحدوث؟
37
في حقيقة الأمر هذا فكر ديني مقلوب؛ لأن «الله» هو اللامتناهي القديم، فكان العالم هو المتناهي المحدث. قد يكون التناهي دليلا على العظمة، الإنسان المتناهي، العمر المتناهي، اللذة المتناهية، الحب المتناهي، الألم المتناهي، الغياب المتناهي، بل وحتى الجبل المتناهي، والطعام المتناهي ... إلخ. قد لا يفيد التغير والفناء أي حدوث، بل يشير إلى بناء الطبيعة. التغير جوهر الطبيعة، وبين التغير والحدوث فرق كبير. التغير يحدث في الطبيعة ومن الطبيعة، ولا يدل على شيء آخر غير التغير والتطور والارتقاء، ولا يشير إلى أي ذات مشخصة تحدث هذا التغير كما هو الحال في صور التفكير العلمي البدائي الذي يفسر الظواهر بقوى وملكات غيبية قادرة على إحداث هذه الظواهر. فالمطر يحدث بالقوة الممطرة، والحرارة بالقوة المحرة، والبرودة بالقوة المبردة ... إلخ.
38
ولماذا افتراض التركيب والقسمة في كل شيء كأحد مظاهر التناهي أو الحدوث؟ الأجسام قد تكون بسيطة لا تركيب فيها. الإنسان بسيط، ولو كان مركبا لما كان إنسانا، والشيء بسيط، ولو كان مركبا لما كان شيئا.
ناپیژندل شوی مخ