له عقیدې تر ثورت (٥): ایمان او عمل - امامت
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
ژانرونه
4
فما حقيقة الطاعة والمعصية؟ تتحدد الطاعة بالمتابعة أو الموافقة؛ أي متابعة الله في أغراضه أو الاتفاق معه في إرادته. والحقيقة أن هذا التعريف صوري خالص، يرجع موضوع الفعل إلى التوحيد من جديد في قضية الصفات، صفة الإرادة . كما أنه تحديد للشيء بغيره، للفعل الإنساني بإرجاعه إلى مصدر آخر خارج عنه، وليس تحديدا للفعل في ذاته. وهل يمكن معرفة الإرادة الإلهية حتى يمكن الاتفاق معها؟ فإذا كان الأمر تعبيرا عنها، وكان الأمر وحيا مكتوبا بلغة، ظهرت مشكلة التفسير والتأويل كشرط للموافقة مع الأمر. وطالما اختلفت التفسيرات والتأويلات له طبقا للمصالح والأغراض، يستحيل إذن الاتفاق معه إلا على نحو معين؛ وبالتالي تختلف الأفعال. أما تحديد المعصية فلا يأتي إلا عن طريق القلب، أي قلب الطاعة؛ وبالتالي القياس عليها. فإذا كانت الطاعة هي الموافقة مع الإرادة تكون المعصية هي المخالفة معها. وتظل الإشكالات كما هي قائمة. وقد يكون هذا الاتفاق بين الفعل الإنساني والإرادة الإلهية أولى المقدمات لعقائد الاتحاد والحلول التي يتبناها التصوف ارتكازا على علم الأشعرية.
5
وإذا كانت المعاني اللغوية هي الأساس، فالإسلام لغة كما يعني التسليم أو الإخلاص فإنه يعني أيضا التبرؤ؛ أي التحرر من كل شيء. فالإسلام هو البراءة الأصلية، العيش على الطبيعة، حيث تكمن الحرية. الإسلام إذن هو تحرر الوجدان البشري من كل طوق وطاغوت وجبر وقهر وخوف وجبن وممالأة ومداهنة لكل قوى البشر، حتى يعود الإنسان إلى طبيعته الأولى وبراءته الأصلية. وهذا هو فعل النفي «لا إله» في الشهادتين؛ فإذا ما تحرر الوجدان البشري انتسب إلى مبدأ عام واحد شامل يقف البشر أمامه سواء، وهذا هو فعل الإيجاب «إلا الله». ويشارك الإيمان الإسلام في معنى التبرؤ والبراءة، ولكن الإيمان يضيف التصديق، أي البرهان الداخلي، على صحة مضمون الإيمان وشمول المبدأ ووقوعه؛
6
لذلك استوجبت الطاعة المعرفة كما يتطلبها التصديق. ومع ذلك يظل للفعل الخير استقلاله الذاتي عن المعارف النظرية التي يقوم عليها؛ نظرا لوجود الحسن في ذاته والقبح في ذاته كأساس نظري كاف للفعل. وفي هذه الحالة لا يكون الفعل هو إطاره النظري الذي يقوم عليه، أو الإقرار باللسان، أو فعل الفرائض أو النوافل؛ فهذه أفعال مركزة، وسيلة للفعل الخير. كما لا تكون المعصية إطارا نظريا مخالفا أو كبائر أو صغائر؛ فهذه أيضا أفعال مركزة، وسيلة لفعل السيئ؛
7
لذلك ليست الطاعات هي إقامة الشعائر، أي أركان الإسلام الخمس المشهورة؛ فهذه وسائل مركزة لتحقيق غايات عامة. وقد تتفاضل فيما بينها من حيث سرعة التحقيق وانتشاره؛ فالشهادة تتطلب فهما نظريا وعمقا في إيجاد الدلالة وممارسة فعلي النفي والإثبات. والصلاة تتجه نحو الجماعة في صلاة الجمعة، والزكاة تتجه نحو سيولة المال العام في المجتمع، والصوم يهدف إلى الإحساس بحاجات الآخرين، والحج مؤتمر سنوي عام للناس جميعا لدراسة أحوال الأمة. ويمكن معرفة ذلك بالعودة إلى المعاني الاشتقاقية التي هي أساس الأسماء الاصطلاحية؛ فالصلاة تعني الدعاء، أي الارتفاع والسمو والتعالي قبل العودة إلى العالم والدخول في الصراع الاجتماعي الذي تكشف عنه الزكاة والصوم، والحوار وتبادل الرأي الذي يظهر في الحج. والزكاة تعني الزيادة والسخاء؛ أي إن العطاء زيادة، والإنفاق وفرة، ضد الاكتناز والاختزان بدعوى الوفرة والتراكم؛ فلا زيادة إلا من خلال السيولة وتوظيف المال في المجتمع؛ وذلك تطهيرا للنفس، وتحريرا لها من أسر المال، واعتباره موضوعا اجتماعيا وليس استحواذا أو ملكية فردية. والصيام يعني الوقوف؛ أي التوقف والمراجعة والصمود ومراقبة النفس حتى يمكن رؤية الآخر أو المجتمع، فيظهر التفاوت في الرزق بين الفرد والجماعة؛ مما يدفع الإنسان إلى إعادة التوازن في الدخول بين الطبقات الاجتماعية المختلفة.
8
وقد يكون هذا الموضوع أدخل في علم الفروع منه في علم الأصول؛ أي في علم الفقه أكثر منه في علم الأصول، أصول الفقه أو أصول الدين. ومع ذلك يمكن تحليل العمل بالعودة إلى اللغة والمعاني الاشتقاقية من أجل معرفة ما يسمى في التربية الدينية «الحكمة من»؛ أي الهدف من الشعائر باعتبارها وسائل. فالصلاة مثلا تهدف إلى إيصال عدة مضامين للشعور من أجل الحصول على المعاني الأصلية، مثل: الاتصال الدائم بالفكر، والعيش المتصل في عالم الفكر، والتعرف على المثال قبل التوجه إلى عالم الواقع الذي تدفع إليه الشعائر الأخرى كالصوم والزكاة والحج، تفاديا لضياع الإنسان ومحوه في خضم الحياة اليومية، وإبقاء على دعوته الفكرية فيها والإحساس بالزمان، وبأن اليوم هو مجموعة من اللحظات، وبأن لكل لحظة فعلها؛ فلا يتحقق الفعل قبل لحظته فيكون استباقا، ولا بعد لحظته فيأتي بعد فوات الأوان. الإحساس بالزمان كلحظات متميزة يقوم فيها الإنسان بمراجعة النفس، وقياس المسافة بين المثال والواقع، النظافة البدنية وأثر ذلك على الفكر والحياة، الرياضة البدنية وأثر الحركات على البدن وقوامه، العمل الجماعي وما يقتضيه من تنظيم ومداولة وعمل مشترك، وحدة الجماعة بتوجيهها نحو غاية واحدة واتباعها نظاما واحدا لا ينفي التعدد والمشاركة بالرأي والحوار ... إلخ. وعلى هذا النحو تأخذ المعاني الثلاث للفظ عند الأصوليين القدماء اللغة والاصطلاح والعرف وظيفة جديدة؛ فاللغة هي المعنى الثابت، والعرف هو الحاجة المتغيرة، والاصطلاح هو الصلة بين الثابت والمتغير.
ناپیژندل شوی مخ