له عقیدې تر ثورت (٥): ایمان او عمل - امامت

حسن حنفي d. 1443 AH
181

له عقیدې تر ثورت (٥): ایمان او عمل - امامت

من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة

ژانرونه

110

كما تظهر المعتزلة إثباتا لدعوى المنزلة بين المنزلتين كدعوى مناقضة للكفر أو للإيمان؛ ومن ثم تشارك الخوارج في الصلة بين الإيمان والعمل.

111

وفي الإمامة يقول فريق بالتعيين وهم الشيعة، ثم يظهر رد الفعل عند فريق آخر في القول بالاختيار المطلق وهم المعتزلة والخوارج، ثم يأتي فريق ثالث يجمع بين التعيين والاختيار، ويجعل الأئمة من قريش، وهم أهل السنة والأشاعرة.

وكثيرا ما يكون الجمع بين النقيضين أقرب إلى طرف منه إلى الطرف الآخر؛ فالطبائع المخلوقة أقرب إلى إنكار الطبائع منه إلى إثباتها، وإثبات الصفات أقرب إلى التشبيه منه إلى التنزيه، والكسب أقرب إلى الجبر منه إلى الاختيار، واتفاق النقل مع العقل أقرب إلى القول بأولوية النقل على العقل، والمنزلة بين المنزلتين أقرب إلى إيمان الأشاعرة منه إلى إيمان الخوارج، وجعل الأئمة من قريش أقرب إلى التعيين منه إلى الاختيار. وقد لا يبدو الوسط على الإطلاق نظرا لأنه لا يمثل شيئا، وأن التعارض الفعلي هو بين الموضوع ونقيضه، فهما طرفا الفكر، وهما الاتجاهان ولا ثالث لهما، ولا يذكر الوسط على الإطلاق، وهما في الغالب المعتزلة والأشاعرة؛ ففي التوحيد هناك إثبات الصفات وإنكارها ... إلخ.

112

ويظهر التعارض بين النقيضين دون وجود حل ثالث بينهما خاصة في المسائل الصغرى؛ فالتعارض بين الطرفين أقوى من الجمع بينهما في طرف ثالث، فتغيب المقولة الثالثة بتاتا. ففي الحسن والقبح يظهر الطرفان المتناقضان: الحسن والقبح صفتان من خارج الأشياء، فالأشياء ذاتها ليست حسنة ولا قبيحة. والحسن والقبح صفتان من داخل الأشياء، صفتان موضوعيتان في الأشياء يدركها العقل. ولكن الطرف الثالث، وهو أن الحسن والقبح بناءان اجتماعيان، غائب تماما. وفي العقل والنقل أيضا يبدو الطرفان المتقابلان على أنهما النقل أساس العقل أو العقل أساس النقل، وإذا تم التوحيد بينهما فإنه يتم عن طريق التخصيص والاستثناء وإخراج ميدان الشرائع من العقليات. أما المقولة الثالثة، وهي الواقع، فهي غائبة بتاتا. فالواقع هو أساس النقل والعقل على السواء؛ أي التطابق مع الواقع. وقد تظهر الحلول الثلاثة، النقيضان والجمع بينهما في لا زمان، تظهر جميعا في وقت واحد؛ مما يدل على أن الحلول الثلاثة نماذج دائمة للفكر، وأنه لا يعني ظهورها بالضرورة ظهور فرقة تاريخية متزامنة أو متتالية في الزمان لتمثيلها والتعبير عنها؛ فالقول بأن الإنسان بدن فقط أو روح فقط أو بدن وروح يظهر في الوقت نفسه وعند كل فرقة. وقد يظهر قانون الجدل داخل الفرقة الواحدة بين الغلاة والمعتدلين؛ مما يجعل الحد بين الفرق صعبا؛ فمعتدلو الروافض مثلا الزيدية مثلا لا يبتعدون عن المعتزلة، وغلاة أهل السنة لا يبتعدون عن التجسيم والتشبيه عند الروافض.

113

ولا يكون فريق بعينه باستمرار هو الممثل للفعل أو لرد الفعل أو للجمع بينهما، قد يكون فريق هو صاحب الفعل مرة، وهو القائم برد الفعل مرة ثانية، وهو الذي يجمع بين النقيضين مرة ثالثة. ففي التوحيد الشيعة هم أصحاب الفعل بقولهم بالتأليه والتجسيم، وأصحاب الفعل أيضا في الإمامة في قولهم بالتعيين، ولكنهم في العقل والنقل أصحاب رد الفعل في ممارستهم للتأويل كرد فعل على الالتزام الحرفي بالنصوص، وفي كشفهم لميدان الشعور والعواطف والانفعالات ضد عالم العقل المجرد، وفي تركيزهم على الحلول كرد فعل على المفارقة. والمعتزلة باستمرار هم أصحاب رد الفعل؛ فهم القائلون بالتنزيه ضد التشبيه، والمثبتون للحرية ضد الجبر، والمثبتون للعقل ضد الحشوية، والقائلون بالشورى ضد التعيين، والقائلون بالطبائع ضد أهل السنة. ولكنهم يحاولون أيضا الجمع بين النقيضين في المنزلة بين المنزلتين. ولكن الغالب بأن الأشاعرة هم القائلون باستمرار بالجمع بين النقيضين؛ فهم يمثلون أهل الوسط والاتزان. ففي الطبيعة يقولون بطبائع مخلوقة، وفي التوحيد يثبتون الصفات بلا تشبيه ولا تعطيل، وفي الحرية يثبتون الكسب وسطا بين الجبر والاختيار، وفي العقل والنقل يوفقون بينهما دون إعطاء الأولوية لأحدهما على الآخر، وفي الإيمان والعمل يحاولون الجمع بينهما دون الحكم بأحدهما على الآخر. وفي الإمامة يحاولون الجمع بين التعيين بالنص والبيعة بالشورى بجعل الإمامة في قريش.

وبالرغم مما يقال عن مميزات الجمع بين النقيضين من فضائل الاتزان والاعتدال، والتعبير عن الأصول وعدم الانحراف عنها، واتباع الحق دون الهوى، والتعبير عن مصلحة الجماعة العامة دون ترجيح حق فئة على أخرى ، فإن العيوب والمثالب أوضح وأكثر خطورة وأشد ضررا؛ فكثيرا ما يتحدد الجمع بين النقيضين عن طريق النفي، مثل إثبات الصفات بلا تشبيه أو تعطيل، أو إثباتها بلا كيف. وهذا مستحيل؛ لأن إثبات الصفات يقتضي وصف هذا الشيء المثبت، والقول بأن الصفة لا توصف تهرب من الإشكال الأول. الاكتفاء بتحديد الفكر عن طريق النفي اتجاه سلبي خالص وهروب من أخذ المواقف. وفي هذه الحالة يكون التوقف عن الحكم وإلغاء المشكلة أفضل وأكثر صراحة. فإذا حاول التوفيق بين النقيضين قول شيء إيجابي فإنه لا يتجاوز تحصيل الحاصل، مثل صفة بلا وصف، أو شيء لا ككل الأشياء؛ فمثل هذه الأحكام لا تتجاوز «محلك سر»، خطوة إلى الإمام وخطوة إلى الخلف. فإذا حاول الجمع بين النقيضين قول شيء أكثر إيجابية، فإنه في العادة يمكن نقضه بالعقل؛ لأنه لا يقوم أساسا على نظرية في العقل، بل يلحق العقل بالنقل، ويجعل عمله الفهم والتفسير، وليس الوضع والتأصيل وتأسيس بداهات العقول. وفي الغالب يكون تنظيم العقل على هذا النحو غامضا صعبا على الجمهور، كما يمكن للعقلاء نقضه. وقد كان هذا الموقف هو العدو الألد لموقف الفلاسفة، خاصة آخر الحكماء الذين شنوا باسم العقل أشنع هجوم على الجمع بين النقيضين والمواقف المتوسطة باسم العقل. وأخيرا فإن التوسط بين الطرفين نهاية للحضارة وقضاء على الفكر؛ فهو يعبر عن نقص في الشجاعة وعدم التزام بالمواقف، ومحاولة تجاوز المتناقضات لا عن طريق صراعها، بل بالتعالي عنها وتفادي حركتها المتناقضة. وهذا ما حدث بالفعل؛ فقد انتهى الفكر، وتوقفت الحضارة، وهدأ الانفعال، ورجع الناس إلى العقائد الأولى دون أي عمل عقلي أو حضاري، ثم أصبحت العقائد المذهب الرسمي للدولة، فأصبح المتوسط هو فكر السلطة، واستحال بعد ذلك قول شيء أو تأسيس دعوى كفعل أو كرد فعل.

ناپیژندل شوی مخ