له عقیدې تر ثورت (٥): ایمان او عمل - امامت
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
ژانرونه
وقد تذكر مراتب التابعين بالأسماء وزيادة في التفضيل أو بالنسب، مع أن القرابة ليست مقياسا في التفضيل. وقد ترتبط مراتب التابعين في آخرها بمراتب العلماء لما كانوا حملة العلم، كما ترتبط في أولها بمن أدرك العشرة المبشرين بالجنة، كلهم أو بعضهم. وقد تكون الغاية من التفضيل عدم الخلط في الروايات، خاصة في الإسناد الذي يتطلب معرفة عصور الرواة وأزمانهم.
28
وقد يتحول الحساب التفصيلي إلى حساب إجمالي، وتصبح الخلافة استمرارا للنبوة بعدها يسقط التاريخ مباشرة في خط منكسر دونما تدرج، فإما خلافة وإما ملك عضود. فالخلافة نيابة عن النبوة في عموم مصالح المسلمين، وتوقف بنهاية الخليفة الرابع، وبعدها تتحول إلى ملك عضود؛ لذلك كان للخلفاء الأربعة الفضل على باقي الصحابة لرعايتهم مصالح المسلمين وتدبير شئونهم؛ فالملوك والأمراء يضرون بالرعية ولا يرعون إلا مصالحهم الخاصة، لم يأتوا ببيعة من الأمة، بل وراثة وملكا.
29
وإذا ما تم حساب الواقع بالسنين، مدة الخلفاء الأربعة لقاربت على الثلاثين سنة بالشهر وباليوم، سنتان وثلاثة أشهر وعشرة أيام، والثاني: عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام، والثالث: إحدى عشرة سنة وعشرة شهور وتسعة أيام، والرابع: أربع سنوات وتسعة أشهر وسبعة أيام. فيكون المجموعة تسعة وعشرين عاما وخمسة أشهر وأربعة أيام.
30
ولما لم تكتمل المدة ثلاثين سنة تماما، كان لزاما إضافة أحد الأئمة من أولاد الخليفة الرابع الذي انتهى ببيعة الإمام الجائر، أو أحد الخلفاء الآخرين المشهود له بالحق والعدل، وبأنه أعاد سيرة الخلفاء الراشدين! والإشكال الأعظم في إدانة التاريخ مما يسبب حرجا لمبرري الأنظمة السياسية الذين يريدون إلحاقها بالنبوة والخليفة انتسابا إلى الرسول، أو استمرارا للخلفاء الراشدين؛ فيخفف القطع إلى الاحتمال، أو يخفف كمال الخلافة بخلافة ناقصة، ولكنها ليست الملك العضود! وبهذا التبرير يستطيع ملوك اليوم وأمراؤهم إيجاد نسب لهم بالنبي أو صلة لهم بالخلفاء الراشدين. إن الأمر كله لا يعدو مجرد تعويض نفسي عن هزائم العصر ومقارنتها بانتصارات الماضي. ولما كانت إمكانيات العمل في الحاضر مستغلقة تم الانفتاح على الماضي، وظهر هذا التصور المنهار للتاريخ المتساقط المتهاوي المغمور تدريجا أو انكسارا. والحقيقة أن لكل عصر روحا، ولكل نظام سياسي أسسا، ولا توجد روح لكل العصور ولا نظام لكل الأزمان. لو كان المقياس في التفضيل هو الصحبة، فإنه يمكن للمعاصر اليوم أن يكون من رفاق الرسول وصحبه شعوريا بتمثل قيمته وأخذ سلوكه قدوة. وقد يكون التابعي أفضل من الصحابي، وقد يكون تابع التابعي أفضل من التابعي، وقد يكون إيمان مسلم اليوم أقوى وأعمق من إيمان مسلم الأمس. وهل يقل الشهيد في الأرض المغتصبة اليوم الذي يفجر نفسه مع المتفجرات في حصون العدو عن إيمان المسلمين الأوائل؟ وماذا عن جندي اليوم الذي يقف أمام الإمام الجائر ببندقية ينهي بها حكم الخيانة ونظام العمالة والتبعية، ويحمي شرف أمة، ويزيح عار جيل بأكمله؟ وما ذنب الأواخر أنهم لم يولدوا في زمن الأوائل، والميلاد عرض تاريخي لا يدخل في نطاق حرية الإرادة، وبالتالي يكون خارج الاستحقاق؟ تقوم الإمامة في التاريخ إذن على نظرية في التدهور. في البداية كان الكمال والوحدة والفضيلة، وفي النهاية كان النقص والتجزئة والرذيلة. وإذا كانت رؤية النبوة هكذا، فهل هي نبوة أم معرفة بقوانين التاريخ والتطور؟ إذا كان النبي مجرد مبلغ للوحي وليس منبئا بالمستقبل، فإن تحول الخلافة إلى ملك عضود يكون أقرب إلى استقراء الحوادث وسبر التاريخ ومعرفة قوانينه. فكل ثورة تتحول إلى ثورة مضادة، وكل نظام جديد ينتهي وينكسر بمخلفات النظام القديم. إن التفضيل على هذا النحو المنهار إنما يقضي على تعددية النماذج؛ فكل صحابي نموذج في السلوك ورؤية في العمل لا فضل لإحداها على الأخرى. قد يوجد نموذج يعطي الأولوية للمثال على الواقع، وللمبدأ على الحالة الخاصة، وهو نموذج صالح في بعض الأوقات والظروف التاريخية. وقد يوجد نموذج آخر عكسي يعطي الأولوية للواقع على المثال، وللحالة الخاصة على المبدأ، ويكون صالحا أيضا في ظروف تاريخية أخرى؛ فكلاهما صحيح نظرا، وكلاهما يطبقان عمليا في لحظتين تاريخيتين مختلفتين. أما التفضيل بمعنى المراتب واختلافهما بين الأعلى والأدنى أو بين السابق واللاحق، بين السلف والخلف، فإنما يقوم على التصور الهرمي للعالم الذي نتج عن الإشراق، والذي صبت فيه الأشعرية المزدوجة بالتصوف وعلوم الحكمة. إن الأفضلية لا تكون بين فرد وفرد أو أمير وأمير، بل بين نظام ونظام بمقدار ما يحققه كل نظام من رعاية لمصالح الناس وحفاظ على وحدة الأمة؛ لذلك ظهرت تصورات أخرى للتاريخ تضع الأفراد على المستوى نفسه إبقاء على التعددية، أو تصور آخر عكسي يجعل الخلف أفضل من السلف، والقرن المتأخر أفضل من القرن المتقدم؛ فوراءهم تراث طويل وتجارب سابقة، وأمامهم رصيد ضخم من التجارب البشرية وخبرات الأجيال.
31
ولكن هذه التصورات البديلة المتعددة النماذج أو الارتقائية الاتجاه لم تستقر في وعينا القومي لأنها لم تكن التصور الغالب في الذات؛ لأنه كان تصور المعارضة في حين كان التراث تراث سلطة. ولم يستقر هذا التصور الارتقائي إلا في أحد جوانب الوعي في الأمم المجاورة على نحو أسطوري عن طريق انتظار الإمام الغائب الذي سيكون بيده سبيل الخلاص. (2-5) هل هناك تفضيل بين العلماء؟
وإذا كان العلماء ورثة الأنبياء، كما أن الخلفاء نيابة عنهم في مصالح الأمة، وقع تفضيل أيضا بين العلماء. فهل يأتي العلماء بعد الرسل باعتبار أنهم ورثة الأنبياء، أم بعد الخلفاء الأربعة، أم بعد المبشرين بالجنة، أم بعد أهل بدر أو أحد أو بيعة الرضوان؟ وأي علماء أفضل، علماء الأول أم الثاني أم الثالث أم علماء الأمة إلى يوم الدين؟ وأي علماء وفي أي علم؛ العلوم النقلية أم العلوم العقلية أم العلوم النقلية العقلية؟ وهل أفضل في درجة العلم أم في فضائل أخرى تزخر بها مصنفات العلم والعلماء؟ وما هو موقفهم؛ التقليد أم التجديد، التبعية أم الاستقلال، الترديد أم إعادة البناء، التكرار أم الخلق والإبداع؟
ناپیژندل شوی مخ