له عقیدې تر انقلابه (۳): عدل
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
ژانرونه
بل إن الفرق بين الأفعال الاختيارية وغير الاختيارية يثبت الحرية بدليل الفعل الاختياري ولا يثبت الجبر بدليل الفعل اللااختياري؛ فالفعل غير الاختياري قد يعبر عن طبيعة الإنسان ورسالته ودعوته، أو قد يعبر عن الدافع الأقوى وهو غير شعوري لا يظهر فيه الاختيار صراحة. ولكن وجود الفعل غير الاختياري لا يثبت عدم القدرة بل يثبت فقدم عدم تأثيرها.
44
وقد تكون الأفعال اللاإرادية في حقيقة أمرها أفعالا إرادية من نوع آخر وعلى مستوى أعلى وأعمق في الشعور. فالمجاهد يستطيع إراديا أن ينتصر على آخر، ولكنه يستطيع أيضا الانتصار على عشرة أمثاله أو عشرين، طبقا للباعث والغاية. فاللاإرادي هنا إرادي يعبر عن طبيعة الإنسان وعن مدى إحساسه بالحياة وتمثله لدعوته وتحقيقه لرسالته. ولكن يظل الفعل الأمثل هو الفعل الإرادي. فإذا حدثت أشياء غير متوقعة فإنه يمكن احتواؤها بإرادة جديدة وبتغيير خطط السلوك. هناك ظروف اجتماعية تحدد من عمل الإرادة، فالإرادة ليست خالصة، بل تعمل في موقف. والأشياء غير المتوقعة والموقف ليسا هما المعبود وإلا كانا مجرد تعبير انفعالي عاطفي عن تغير الموقف.
ويقوم إثبات الجبر على نفي الصلة الضرورية بين العلة والمعلول، إذا وجدت الإرادة حدث الفعل وإذا عدمت الإرادة عدم الفعل. فقد يحدث فعل بلا إرادة، وقد توجد إرادة ولا يحدث فعل، وهذا نفي للعلم وللفعل معا. فالعلم يقوم على الارتباط الضروري بين العلة والمعلول. والفعل يقوم على استقلال العلة عن أي شيء آخر سوى الإنسان وأنه هو المحقق للفعل. ونفي ضرورة العلم يفسح المجال للأسطورة والقضاء على الفعل يفسح المجال للطغيان الذي يجمع كل الأفعال في فعل واحد هو فعل الطاغية.
45 (6)
وعدم القدرة على الإتيان بالضد لا يثبت وجود قدرة خارجية قادرة على الإتيان به. فالسلوك الإنساني سلوك موجه قائم على فكرة واضحة، ومدفوع بباعث واحد، ويرمي إلى تحقيق غاية. فالإتيان بالضد مستحيل عمليا ونفسيا وفكريا. فالعادل، إيمانا بأن العدل قيمة وباعث وغاية لا يقدر على الظلم، والصادق لا يقدر على الكذب، والأمين لا يقدر على الخيانة. السلوك الإنساني سلوك موجه يسير في خط واحد ولا يرجع إلى الوراء.
46
إن افتراض القدرة على الضد افتراض صوري محض يقوم به المشاهد المحايد الخارج عن الفعل وكأن السلوك الإنساني سلوك آلي يحدث في أي اتجاه ممكن، ويتغير من اتجاه إلى آخر ما دام الفعل حرا. لا يعني الفعل الحر، الفعل بلا غاية ولا باعث ولا فكرة، أي الفعل الذي يسير في كل اتجاه فهذه حرية اللامبالاة، وهي حرية افتراضية صورية خالصة وأقرب إلى غياب الحرية، الفعل الحر هو الفعل الهادف الملتزم القائم على باعث. إن افتراض وجود قدرة أخرى أعظم قدرة على خلق الضد افتراض صوري خالص يقوم على إثبات عواطف التأليه والتعظيم وعلى المزايدة في الإيمان، ولا يثبت شيئا في الواقع. وهناك فرق بين السلوك الموجه كنتيجة للجبر وبين السلوك الموجه كنتيجة للجبر الذاتي؛ ففي الجبر يستحيل على الإنسان أن يكون قادرا على الترك أو على فعل الضد، لا لأن فعله مرهون بفكرة أو باعث أو غاية، بل لأنه مسير بقدرة خارجية لا محيد عنها، وعادة ما يحدث الفعل في حدود الطاقة البشرية ولا يتعداها. وإعادة شجرة مقطوعة أو حمل رجل بعد الأخرى خارج عن حدود الطاقة، ولا يثبت عجز الإنسان على الإتيان بالضد. فهذا الافتراض قائم إذن على استحالة عملية؛ ولذلك فهو افتراض صوري خالص لا يثبت شيئا فوق الطاقة، ولا يقضي على الفعل في حدود الطاقة. (7)
ولا يعني خلق الأفعال خلق الشيء، بل تأدية الشيء والإتيان بفعل. لا يعني خلق الأفعال خلق ميدان الفعل، بل تحقيق الفعل فيه. لا يعني الخلق المادي للشيء بل الخلق المعنوي للفعل الذي هو مجرد تحقيقه في موقف. فالشاعر خالق للقصيدة وليس خالقا للورق أو الصوت أو الحروف أو الكلمات، والمحرر خالق للتحرر وليس خالقا للوطن المحرر. يمكن إذن الإتيان بالفعل الحر في عالم غير مخلوق فيه. إن الفعل لا يخلق من العدم الوجود، بل هو فعل يحدث في الوجود ويهدف إلى تغيير بناء الواقع. هو فعل تغيير شيء موجود من وضع إلى وضع وليس فعل خلق من عدم.
47
ناپیژندل شوی مخ