له عقیدې تر انقلابه (۳): عدل
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
ژانرونه
وعند استواء الطرفين ينزع الشعور إلى صفة موضوعية في الشيء يدركها العقل إدراكا حدسيا. لا يعني استواء الطرفين إذن ضياع الصفات الموضوعية في شيء، بل اختيار الإنسان الحر بين الخير والشر.
والعقل قادر على احتواء كل ما يعرض للإنسان من مواقف وسد حاجاته؛ فهو ذات عاقل قادر على التمييز بين الأشياء. لديه قواه مثل التذكر والتخيل والتفكر، يعتمد عليها في سعادته. قد تشتد فيلتذ الإنسان بالذاكرة أو بالخيال أو بالفكر، وقد تضعف هذه القوى فتؤثر في قدرة الإنسان على الإدراك فيختلف الناس في تمتعهم بها وفي إدراكهم للأشياء. إن إثبات أن حقائق العقل مطلقة وعامة وشاملة لا ينال من الله شيئا؛ فالله هو الإطلاق والشمول، وهو القانون وهو العقل. بل إن هذه الحقائق العقلية العامة الشاملة لأحد مظاهر الوجود الإلهي في الحياة الإنسانية وأحد الأدلة عليه. بل يمكن القول إن صفات الله العامة المطلقة الشاملة هي نفسها هذه الحقائق الإنسانية العامة؛ وبالتالي فإن إنكار الحسن والقبح العقليين إنكار لصفات الله.
41
إن الإعلاء من سلطان العقل ليس أثرا خارجيا، بل من طبيعة العقل وحكمة الشرع، وإلا كان كل شيء حسن فينا وافدا من الخارج، وكل شيء سيئ فينا نابع من الداخل. وشتان بين مصادر المعتزلة في العقل ومصادر الدهرية والمنانية والبراهمة. وإن كان هناك اتفاق في العقل فالطبيعة البشرية واحدة والروح الإنسانية واحدة.
42 (2-1) إثبات العقل قبل السمع
والعقل قادر قبل السمع على الحكم، وقادر على أن يكشف الواجبات العقلية مثل تعلق الأفعال بالمدح والذم والثواب والعقاب، أي قانون الاستحقاق وشكر المنعم. كما يمكن للعقل إدراك صفات الأفعال إدراكا مستقلا عن أي ثواب أو عقاب خارج الأفعال ذاتها وإدراك النتائج المترتبة عليها وأثرها في توجيه الواقع وإعادة بنائه. وقد كانت الأخرويات آخر مكتسبات الفكر الديني كما كان أولها التوحيد كما هو واضح في تطور الوحي وتاريخ النبوة.
43
وقد يصل الأمر إلى حد جعل التقصير في المعرفة يستوجب العقوبة وكأن هناك تكليفا عقليا قبل التكليف الشرعي. وإذا كانت صورة العقوبة وشكلها بمعنى التخليد بالنار لا تعرف إلا بالسمع إلا أن الجزاء على الأفعال يعرف بالعقل مثل وجوب الشكر. وقد يكون الجزاء في مرحلة ما قبل السمع نتائج الفعل في الطبيعة وأثره في العالم، أي الجزاء الدنيوي قبل أن يضاف إليه الجزاء الأخروي. وإذا كان شكل المعارف النظرية بعد السمع هو معرفة الله ذاته وصفاته وأفعاله أو الشرائع العملية وطرقها مثل الصلاة والصوم والحج، فإن المعارف الخلقية والاجتماعية القائمة على المصلحة والمفسدة يمكن إدراكها بالعقل قبل السمع، ما يجب وما لا يجب، الحسن والقبح، وهما أساس الشرائع البدائية. قد تختلف وتتطور طبقا لرقي الوعي الإنساني حتى تتحد بالأحكام الشرعية وتصبح أساسا عقليا وطبيعيا للحلال والحرام، للواجب والمحظور. ومهما تغيرت الأحكام والأشكال والتصورات والقوانين فستظل مقولتا الحسن والقبح قائمتين كمقولتين فطريتين عقليتين طبيعيتين. وإن أمكن عذر الإنسان في عدم معرفة الله المعرفة النظرية المفطورة فإنه لا يعذر إذا ما جهل الله على الإطلاق في أشكاله البدائية الأولى. إن لم يكن العقل قادرا على إدراك المعارف النظرية أو التشريعات العملية، فإنه قادر على إدراك الحقائق الأخلاقية والاجتماعية؛ لذلك لا يهم إذا كان العقل لا يدرك الذات المجرد أو عدد الركعات والسعي بين الصفا والمروة وتحميل العاقلة الدية دون القاتل فهي تشريعات تتدخل فيها العادات والأعراف والتقاليد. أما الحكمة منها فيمكن إدراكها بالعقل قبل السمع وإن تفاوتت الأشكال والرسوم قبل السمع وبعده.
44
لم يكن العقل قبل ورود الشرع صفحة بيضاء، بل كان قوة قادرة على التمييز بين الأشياء. وكان غرض الوحي منذ بدايته إلى نهايته كمال العقل. العقل قادر على معرفة الأشياء بلا شرع. والمعرفة ليست غيبا. الشرع مقرر ومثبت لحكم العقل وليس بادئا أو نافيا له. أما أحكام العقل الصادرة عن عاطفة تطهر مثل تحريم إيلام الحيوان، فليست صادرة عن طبيعة العقل بل عن مزايدة في الموقف الإنساني الوجداني، ووقوع في الإنسانية الفارغة ووضع الإنسان على مستوى الطبيعة وليس سيدا لها. لقد تنازع الناس في أمور معقولة قبل ورود الشرع، وانتهوا إلى أحكام عقلية. وإلا فكيف كان يحكم القاضي قبل الشرع بين المتخاصمين؟ وفيم كانت القوانين القديمة؟ ألم يدخل كثير من القوانين القديمة في الشرائع الإلهية إما تمثيلا لعدالتها أو إقرارا للأعراف السائدة؟
ناپیژندل شوی مخ