له عقیدې تر انقلابه (۳): عدل
من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل
ژانرونه
ويتخذ الإيهام بالجبر الأسماء أيضا ذريعة، ويعتمد عليها للإيحاء بالجبر خاصة وأنها كلها أسماء متعالية تعطي الأولوية المطلقة للفعل الإلهي، مع أنها مجموعة القيم الإنسانية النظرية والعملية ومقاييس للحكم.
13
وأكثر الأسماء شيوعا للإيهام بالجبر هو الخالق. فالله خالق كل شيء في الكون بما في ذلك أفعال الإنسان. ومن هنا يأتي اسم «خلق الأفعال» بمعنى أن الله هو الخالق لأفعال الإنسان. فإذا كان الفعل يتم بالقدرة والداعي، أي بالطاقة والباعث، فإنهما يأتيان من الإنسان. فلا يعني كون الإنسان مخلوقا أنهما أيضا مخلوقان. خلق الله الإنسان، ولكن قدراته ودواعيه من نفسه كما أن الله خلق الطبيعة ولكن قوانينها وحركتها من ذاتها. هناك فرق بين الخلق المادي التكويني للشيء وخلق الفعل الحر من الخلق الأول. فليس الإنسان خالقا لبدنه ولا لقواه ولا لموقفه الاجتماعي ومع ذلك فهو خالق لفعله، مسئول عن نشاطه.
14
قد يكون الهدف من الخلط بين الاثنين هو القضاء على استقلال الإنسان، وإيهام له بالتبعية، وأن وجوده قائم على أساس من خارجه في حياته ورزقه وأفعاله، فتنتفي المسئولية ويقضى على المعارضة، وإعطاء الأولوية المطلقة للعلة الأولى، أي السلطة على العلل الثانية أي المعارضة. إن كون الله خالق الكون هو حق طبيعي له، ولكن ذلك لا يعني أنه خالق للأفعال كحق معنوي، وكونه خالق الإنسان الحر لا يعني أنه خالق الفعل الحر. هناك حرية داخل الكون، في الطبيعة، وفي نطاق الأفعال، في الإنسان، هناك قوانين مستقلة، كمون وطفرة وظهور. إن كون الله خالق الكون والإنسان لا يمنع الإنسان من أن يكون خالقا حرا، مؤثرا في الكون ومغيرا للنظم الاجتماعية والسياسية. بل إن ضرورة أفعال الإنسان الحرة هي إكمال لأفعال الخلق وإعادة لنظامه الطبيعي. إن الاستنباط العقلي لا يحكم على التجارب الحسية، والاستدلال الصوري لا يقضي على الواقع المشاهد. فكون الله خالق كل شيء لا ينتج منه استدلالا أنه بالتالي خلق الأفعال، وبالتالي فالإنسان ليس خالق أفعاله، وبالتالي فهو ليس حرا مسئولا، وبالتالي في حاجة إلى وحي وإرادة مطلقة فتأتي السلطة السياسية المطلقة وتقوم بالدور! إن الجبر إنكار لحرية الإنسان ولتجدد أفعاله، بل وإنكار للتغير والقرار الحر والصراع والتاريخ. إذا كان كل شيء محددا من قبل، فإنه لا فعل ولا تغير ولا تاريخ، وتكون حياة الإنسان وصراعاته وهما في وهم وخداعا في خداع. إن الابتهال والدعاء والسؤال لله لا تعني أن الإنسان ليس خالقا لأفعال الشعور الداخلية، بل هي أقرب إلى تقوية الذات وتحمية الشعور وعقد العزم وإلا وقعنا في فلسفة السؤال وفي موقف الشحاذة.
15
ولما كان خلق أفعال الشعور أسهل من خلق الأجسام فإنه ليس من كمال الله أن يكون قادرا على خلق الأضعف. وما دام الاستنباط واردا فإن كان الله قادرا على خلق الأجسام فإنه طبقا لقياس الأولى يكون قادرا على خلق الأفعال ويكون إثبات خلق الله للأفعال تحصيل حاصل بالنسبة للتوحيد، ويقضي على حرية الأفعال وعلى خلق الإنسان لأفعاله بالنسبة للعدل. ويكون الهدف هو توجيه التوحيد لتقويض العدل كأسس نظري عقائدي لتصدى السلطة للقضاء على المعارضة. صحيح أن حرية الأفعال تتحقق في موقف وفي مجموع من الإرادات الخارجية، تقابلها العقبات، وتتحداها القوى، ومع ذلك تظل أفعالا حرة للشعور، ثابتة وباقية، وما الإرادة الخارجية المطلقة الشاملة إلا اختصار لمجموع الإرادات المقابلة، والعقبات المواجهة، ومكونات الموقف الاجتماعي الذي تتخلق فيه أفعال الإنسان. أفعال الشعور الداخلية أفعال حرة حتى يمكن الحكم عليها وعلى مسئولية الإنسان عنها. والخطأ في تصور الإرادة العامة المطلقة والشاملة اعتبارها مشخصة لمريد مشخص وليس إحالة مختصرة إلى «الموقف الحياتي» الذي يتم منه خلق الإنسان لأفعاله. كما أنها تشير إلى أنه لا يوجد شيء لا يمكن تطويعه أو يند عن الإرادة حتى يدرك الإنسان العالم خاضعا للفعل وإمكانيات التغيير.
وقد ينشأ الإيهام بالجبر من تصور الله ملكا والإنسان مملوكا، ومن الطبيعي أن يكون من حق الملك التصرف في مماليكه! وهذا تصور مهين لله وللإنسان على السواء؛ فالله ليس ملكا فقط، بل هو عادل حكيم، ومن سمات الملك العدل والحكمة. وهما يقتضيان أن يكون الإنسان خالقا لأفعاله حتى تصح المسئولية ويقع الاستحقاق، الثواب والعقاب. وهل المتكلم مدافع عن حق المالك أم عن حق المملوك؟ هل هو مدافع عن حق الحاكم أم عن حق المحكوم؟ لذلك سهل على المتكلم في الدنيا أن ينصب نفسه مدافعا عن حق الملوك والأمراء والسلاطين مبررا لأفعال الحكام والخلفاء والرؤساء ما داموا أصحاب سلطة، وما داموا أولى الأمر؛ مما جعل البعض الآخر يدافع عن حقوق المحكومين والمظلومين والمضطهدين ويأخذون صف الشعوب المغلوبة على أمرها. يمثل تراث السلطة الإرادة المطلقة، ويمثل تراث المعارضة خلق الإنسان لأفعاله. ودخلت معارك التفسير والمذاهب والعقائد في أتون الصراعات الاجتماعية والسياسية.
16
ومن الأسماء التي توهم بالجبر أن الله كامل، وأن تصور أي فعل حر مستقل عنه هو نيل من كماله وكأن الكمال لا يثبت إلا على حساب حرية أفعال العباد. وهو قريب من تصور الله كملك والعالم كله كملك له. وكأن الكمال الإلهي لا يثبت إلا بنقص الإنسان وخراب العالم.
ناپیژندل شوی مخ