174

له عقیدې تر انقلابه (۳): عدل

من العقيدة إلى الثورة (٣): العدل

ژانرونه

وهل هذه هي صورة الله أم صورة الدكتاتور؟ صورة الله أم صورة الطاغية؟ وما أسهل أن يأتي الحاكم بعد ذلك ويأخذ مكان الله في قلوب العامة فيحسن ويقبح، ويصبح العقل خاضعا له وتابعا لإرادته، ويصبح الحسن تابعا لرضاه والقبح تابعا لسخطه. ولا معقب على إرادته ولا مراجعة عليها من أحد. يفعل ما يشاء، يسالم من يشاء ويحارب من يشاء، يصالح من يشاء ويعادي من يشاء، وليس في العالم سواه، وليس في الوجود إلاه. (1-1) هل يمكن إنكار العقل قبل النبوة؟

وقد بلغ هدم العقل إلى حد إنكار وظيفته كلية قبل النبوة وكأن الإنسانية كانت قبلها أحط من الحيوان لم تعرف إلى العقل سبيلا. وصحيح أن الإنسانية قد تطورت وبلغت استقلالها واكتمل وعيها بانتهاء النبوة، ومع ذلك فطليعة الإنسانية الممثلة في فلاسفتها ومفكريها وحكمائها قادرون على التوصل إلى الحقائق البشرية العامة. فقد امتنع قابيل عن قتل أخيه هابيل حتى لا يبوء بإثمه، لأن تحريم قتل النفس حقيقة إنسانية عامة. قد يقال لقد عرفت الإنسانية النبوة من آدم، فآدم إنسان ونبي؛ وبالتالي لا توجد فترة زمنية استقل فيها العقل بنفسه. العقل والوحي متزامنان. ولا توجد إنسانية قبل آدم كان العقل فيها بمفرده. وبالتالي يكون الحديث فقط قبل بعثة محمد وقبل ختام النبوة وقبل ظهور الإسلام أي في المراحل السابقة على الوحي التي لم يكن العقل قد اكتمل فيها بعد. فإثارة السؤال الآن والعقل قد اكتمل، والإنسانية قد استقلت لا معنى له، سؤال نظري خالص، وافتراض صرف، ورجوع إلى الوراء، وإسقاط من الحاضر في الماضي، من مرحلة كمال العقل إلى مرحلة نقصانه كعقل جمعي عام، وتوهم فترة قد انقضت ولم تعد موجودة بالفعل. والإنسانية لا ترجع إلى الوراء، ولا يمكن إسقاط الحاضر على الماضي أو التفكير بشعور مستقل في مرحلة سابقة عليه. ولا يكون القصد من ذلك إلا ضياع استقلال الوعي الحالي والإيهام بأننا في مرحلة سابقة؛ فيطغى الماضي على الحاضر، ويضيع التقدم، ويسقط التاريخ من الحساب، ويضيع نضال الإنسانية في سبيل تقدمها واكتمالها هباء.

فالعقل قادر قبل البعثة على أن يدرك الفائدة في الحال وفي المآل، وأن يدرك أن الأفعال تحاسب وتجازى، تثاب وتعاقب، وقد كانت قوانين الجزاء معروفة في تاريخ البشرية قبل ورود الشرع، وأن التكليف لا يبدأ إلا بوجود الشرع، وكأن الإنسان عاجز عن التمييز بين الخير والشر، وبين الصواب والخطأ اعتمادا على العقل وحده قبل ورود الشرع.

13

إن الحقائق الأخلاقية مثل الحسن والقبح مثل الحقائق الرياضية يقدر العقل على الوصول إليها دون تعليم أو شرع أو نبوة أو اكتساب؛ فهي أقرب إلى الحقائق الفطرية. إن إنكار الحسن والقبح العقليين إنكار لاستقلال القوانين الخلقية وهدم لموضوعية القيم.

14

ولا يمكن أن يثبت الحسن والقبح بالشرع لأن الشرع لا يثبت إلا بالعقل، وبالتالي يقع الفكر في الدور.

15

فالعقل أساس الشرع، والقدح في العقل قدح في الشرع بإجماع علماء الأصول وجمهور الأمة. ولو كان الحسن والقبح من الله لحسن منه الكذب وذلك إبطال للنبوات. ولا يمكن أن تكفي المعجزة في إثبات صدق النبي لإمكانية صدورها على يد كاذب، هذا إذا كانت المعجزة، وهي الدليل الخاص، دليلا على صدق النبوة أصلا.

16

ناپیژندل شوی مخ