Min Balaghat al-Qur'an fi al-Ta'bir bi al-Guduw wa al-Asal
من بلاغة القرآن فى التعبير بالغدو والأصال
ژانرونه
هذا وقد ورد في التنزيل صدور الأمر بالتسبيح في حق بعض الأنبياء السابقين لنبينا محمد ﷺ كما في قوله جل شأنه في حق زكريا ﵇: (قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا واذكر ربك كثيرًا وسبح بالعشي والإبكار.. آل عمران/٤١)، وقوله: (قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويًا. فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشيًا.. مريم/١٠،١١)، وكذا قوله فى حق نبى الله داود ﵇ بعد توجيه الخطاب لخاتم المرسلين ﷺ: (اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب. إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق.. ص/١٧، ١٨) .
وقد كان لأمر التسبيح الصادر من الله على سبيل الإلزام فى حق نبيي الله زكريا وداود، ما يستدعي التعجب من بديع صنع الله، ويستوجب – من ثمّ - التسبيح على ما أعطى سبحانه من نعم وما أسبغ من فضل، فقد طمع زكريا ﵇ بعد أن رأى أن الله يرزق مريم ﵍ فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، أن يرزقه الله الولد، وهو وإن كان شيخًا كبيرًا قد وهن منه العظم، واشتعل فيه شيب الرأس، وكانت امرأته هي الأخرى مع ذلك كبيرة وعاقرًا، إلا أنه لم يقطع الرجاء في نيل ما تأمله وصبت نفسه إليه، ثقة منه في رحمة الله وقدرته على خرق نواميس الكون، فراح يسأل ربه ويناديه نداء خفيًا وكان الجواب الفوري، الماثل هو ودعاؤه في قول الله تعالى: (رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء. فنادته الملائكة وهو قائم يصلي فى المحراب أن الله يبشرك بيحيى.. آل عمران/٢٨، ٢٩) .
1 / 62