ثم ذم المنافقين فى ثلاث عشرة آية أولها قوله تعالى : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله) إلى قوله :
(يا أيها الناس اعبدوا ربكم).
ثم لما مدح المؤمنين وذم الكافرين والمنافقين
كأنه قيل : هذا المدح والذم لا يستقيمان إلا بتقديم الدلائل على إثبات التوحيد
والنبوة والمعاد ، فإن أصول الإسلام هى هذه الثلاثة.
فلهذا السبب بين الله تعالى صحة هذه الأصول بالدلائل القاطعه.
فبدأ أولا بإثبات الصانع وتوحيده ، وبين ذلك بخمسة أنواع من الدلائل :
أولها أنه استدل على التوحيد بأنفسهم ، واليه الإشارة بقوله : (اعبدوا ربكم الذي خلقكم ).
وثانيها بأحوال آبائهم وأجدادهم،وإليه الإشارة بقوله : (والذين من قبلكم ).
وثالثها بأحوال اهل الأرض : وإليه
الإشارة بقوله : (الذي جعل لكم الأرض فراشا).
وربعها بأحوال أهل السماء ، وإليه الإشارة بقوله : (والسماء بناء).
وخامسها بالأحوال الحادثه المتعلقة بالسماء والأرض ، وإليه الإشارة بقوله : ( وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم).
فإن السماء كالأب ، والأرض كالأم : ينزل المطر من صلب السماء ، إلى رحم الأرض،
فيتولد منها انواع النبات.
ولما ذكرهذه الدلائل الخمسة رتب المطلوب عليها فقال :
(فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون).
وذلك : أن هذه الدلائل الخمسة رتب المطلوب عليها فقال : (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون).
وذلك : أن هذه الدلائل تدل على وجود الصانع من وجه ، وعلى كونه تعالى واحدا من وجه آخر ، فأنها من حيث أنها حدثت مع جواز ألا تحدث ، ومع جواز أن تحدث على خلاف ما حدثت به يدل على وجود الصانع القادر.
مخ ۲۳