وأما محمد صلى الله عليه وسلم فاعلم أن اشتغاله بتقرير دلائل التوحيد والنبوة والمعاد أظهر من أن يحتاج فيه إلى مزيد تقرير.
وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان مبتلى بالرد على جميع فرق الكفار :
فالأول : الدهرية ، الذين كانوا يقولون : (وما يهلكنا الا الدهر)
والله تعالى ابطل قولهم ، فإنه خالق الدهر والزمان
والثانى : الذين ينكرون القادر المختار والله تعالى ابطل قولهم بحدوث أنواع النبات ، وأصناف الحيونات ، مع اشتراك الكل فى تأثير الطبائع والفلاك.
والثالث : الذين أثبتوا شريكا مع الله وذلك الشريك إما أن يكون علويا أو سفليا.
أما الشريك العلوى فمنهم من أثبت أن ذلك الشريك هو الكواكب ، والشمس والقمر ، والله تعالى أبطلهم بدليل الخليل ، وهو قوله : (لا احب الآفلين). ومنهم من قال : هو النور والظلمة ، والله تعالى أبطله بقوله : (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور).
ومنهم من قال : يزدان واهرمن ، والله تعالى ابطله بقوله : (لو كان فيهما آلهة الإ الله لفسدتا ). وبقوله : ( إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ). وبقوله : (ولعلا بعضهم على بعض ).
مخ ۴۳