وأما سليمان عليه السلام فإنه كانت مناظرته مع من يدعي إلهيه الشمس ، فإن الهدهد قال : ( وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله). فلا جرم ابتداء بذكر السماوات ، ثم ذكر الأرضيات.
ثم أن سليمان عليه السلام لما تمم دلائل التوحيد قال بعدها : (لا إله إلا هو رب العرش العظيم ). والمراد : أنه لما بين افتفار السماوات والأرض وسائر الأفلاك إلى مدبر خالق ، ذكربعد ذلك أن كل ماكان فهو مخلوق ومربوب ، سواء كان عظيما أو صغيرا ، فقال : (لا إله إلا هو رب العرش العظيم ). فهذا مقام سليمان عليه السلام فى تقرير دلائل التوحيد.
وأما المقام الثانى [هو] فى تقرير دلائل النبوه فهو قوله تعالى حكاية عنه : ( قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين (38) قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين (39) قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ).
واعلم أن كثيرا من الناس قالوا : ذلك الشخص الذى قال : ( أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك). هو غير سليمان وظنوا أن الكاف فى قوله : (آتيك) خطاب مع سليمان ، وعلى هذا التقدير لا بد وأن يكون القائل غير سليمان .. إلا أن هذا ضعيف ، بل الصحيح عندنا : أن الآتى بذلك العرش هو سليمان.
مخ ۴۰