الوجه الثانى : أنهذا إشارة إلى دليل إبراهيم فى قوله : (ربي الذي يحيي ويميت ). إلى آخر الآيات. وبيانه أنه سبحانه وتعالى هو الذى يخرج الشمس من المشرق إلى المغرب بعد أفولها ، فهذا هو المراد بإخراج الخبء فى السماوات والأرض ، وهو المراد من قول إبراهيم عليه السلام :
(لا أحب الآفلين ). ومن قوله : ( فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب ). ومن قول موسى : (رب المشرق والمغرب ).
وحاصل الكلام راجع إلى أن أفول الشمس وطلوعها يدلان على كونها تحت تدبير مدبر قاهر ، فكانت العبادة لقاهرها ومدبرها ، والمتصرف فيها أحق.
وأما إخراج الخبء من الأرض فالمراد منه : إخراج النطفة من بين الصلب والترائب ، وهو المراد من قول إبراهيم عليه السلام : (ربى الذى يحيى ويميت ). ومن قول موسى عليه السلام : (ربكم ورب أبائكم الأولين ).
فإن قيل : إن إبراهيم وموسى عليهما السلام قدما دلائل النفس على دلائل الأفلاك. فإن إبراهيم عليه السلام قال : (ربي الذي يحيي ويميت ).
ثم قال : (فإن الله يأتي بالشمس من المشرق).وموسى عليه السلام قال : ( ربكم ورب أبائكم الأولين ). ثم قال : (رب المشرق والمغرب ). ثم عكس سليمان هذا الترتيب ، فقدم دلائل السماوات على دلائل النفس فقال : ( الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ).
فاعلم أن موسى وإبراهيم عليهما السلام كانت مناظرتهما مع من يدعى إلهيه البشر. فإن نمروذ وفرعون كل واحد منهما كان يدعى الإلهية ، فلا جرم ابتدأ إبراهيم وموسى بإبطال الإلهية للبشر ، ثم انتنقلا إلى ابطال الإلهية للأ فلاك .
مخ ۳۹