الحجة الثانية : أن العلم إما أن يكون دينيا. أو يكون غير ديني ولا شك أن العلم الدينى أشرف من غير الدينى.
وأما العلم الدينى فإما أن يكون من علم الأصول أو ما عاداه.
أما ماعادا علم الأصول فإن صحته متوقفه على صحة علم الأصول ، لأن المفسر إنما يبحث عن معانى كلام الله تعالى ، وذلك فرع على معرفة الصانع المختار المتكلم.
وأما المحدث فإنما يبحث عن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك فرع عن إثبات نبوته.
والفقيه يبحث عن أحكام الله تعالى ، وذلك فرع على ثبوت التوحيدوالنبوة.
فثببت أن هذه العلوم مفسرة إلى علم الأصول.
وظاهر أن علم الأصول غنى عنها بأسرها ،فوجب أن يكون علم الأصول أشرف.
الحجة الثالثة : أن شرف الشئ قد يظهر بواسطة حاسة ضده ، فكلما كان ضده شئ أخس كان هو أشرف ، ولاشك أن ضد علم الأصول هو الكفر والبدعة ، وهما من أخس الأشياء ، فوجب أن يكون علم الأصول من أشرف العلوم.
الحجة الرابعة : أن شرف العلم تارة يكون لشرف موضوعه وتارة لشدة الحاجة اليه ، وتارة لقوة براهينه ودلائله ، وذلك : أن علم الهيئة أشرف من علم الطب ، مع أن الحاجة إلى الطب أشد ، وعلم الحساب أشرف منهما ، من حيث أن موضوع علم الهيئة أشرف من موضوع علم الطب ، إن كان علم الطب أشرف من حيث أن براهين هذا العلم أقوى وعلم الأصول مجتمع لهذه الخصال.
مخ ۳۰