220

کتاب الملل والنحل

كتاب الملل والنحل

خپرندوی

مؤسسة الحلبي

ولا يشبه شيئا من المخلوقات، ولا يشبهه شيء منها، وأن المراد بهذه الكلمات الواردة في التوراة ذلك الملك المعظم.
وهذا كما يحمل في القرآن المجيء، والإتيان، على إتيان ملك من الملائكة، وهو كما قال تعالى في حق مريم ﵍ ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾ ١، وفي موضع آخر ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا﴾ ٢، وإنما النافخ جبريل ﵇ حين تمثل لها بشرا٣ سويا، ليهب لها غلاما زكيا.

١ الأنبياء آية ٩١.
٢ التحريم آية ١٢.
٣ إشارة إلى قوله تعالى في سورة مريم آية ١٧، ١٨، ١٩ ﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا، قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا، قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا﴾ .
٤- السامرة:
هؤلاء قوم يسكنون جبال بيت المقدس، وقرايا من أعمال مصر، ويتقشفون في الطهارة أكثر من تقشف سائر اليهود، أثبتوا نبوة موسى، وهارون، ويوشع بن نون ﵈، وأنكروا نبوة من بعدهم من الأنبياء إلا نبيا واحدا، وقالوا: التوراة ما بشرت إلا بنبي واحد يأتي من بعد موسى، يصدق ما بين يديه من التوراة، ويحكم بحكمها، ولا يخالفها ألبتة.
وظهر في السامرة رجل يقال له الألفان، ادعى النبوة وزعم أنه هو الذي بشر به موسى ﵇، وأنه هو الكوكب الدري الذي ورد في التوراة أنه يضيء ضوء القمر، وكان ظهوره قبل المسيح ﵇ بقريب من مائة سنة.
وافترقت السامرة إلى دوستانيه وهم الألفانية، وإلى كوستانية. والدوستانية معناها الفرقة المتفرقة الكاذبة. والكوستانية معناها الجماعة الصادقة. وهم يقرون بالآخرة،

2 / 23