213

کتاب الملل والنحل

كتاب الملل والنحل

خپرندوی

مؤسسة الحلبي

بل صحفًا. وقد ورد الخبر عن النبي ﷺ أنه قال: "إن الله تعالى خلق آدم بيده، وخلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده" فأثبت لها اختصاصًا آخر سوى سائر الكتب. وقد اشتمل ذلك على أسفار. فيذكر مبتدأ الخلق في السفر الأول. ثم يذكر الأحكام، والحدود، والأحوال، والقصص، والمواعظ، والأذكار في سفر سفر.
وأنزل عليه أيضًا الألواح على شبه مختصر ما في التوراة؛ تشتمل على الأقسام العلمية والعملية. قال الله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً﴾ ١ إشارة إلى تمام القسم العلمي ﴿وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ ٢ إشارة إلى تمام القسم العملي.
قالوا: وكان موسى ﵇ قد أفضى بأسرار التوراة والألواح إلى يوشع بن نون وصيه وفتاه والقائم بالأمر من بعده ليفضي بها إلى أولاد هارون، لأن الأمر كان مشتركًا بينه وبين أخيه هارون ﵉؛ إذ قال تعالى حكاية عن موسى ﵇ في دعائه حين أوحى إليه أولًا: ﴿وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي﴾ ٣، وكان هو الوصي. فلما مات هارون في حال حياة موسى: انتقلت الوصية إلى يوشع بن نون وديعة؛ ليوصلها إلى شبير وشبر ابني هارون قرارًا. وذلك أن الوصية والإمامة بعضها مستقر، وبعضها مستودع.
واليهود تدعي أن الشريعة لا تكون إلا واحدة، وهي ابتدأت بموسى ﵇ وتمت به؛ فلم تكن قبله شريعة، إلا حدود عقلية، وأحكام مصلحية.
ولا يجيزوا النسخ أصلًا. قالوا: فلا يكون بعد شريعة أصلًا؛ لأن النسخ في الأوامر بداء ولا يجوز البداء على الله تعالى.
ومسائلهم تدور على جواز النسخ ومنعه. وعلى التشبيه ونفيه، والقول بالقدر، والجبر وتجويز الرجعة، واستحالتها.

١، ٢ الأعراف آية ١٤٥.
٣ طه آية ٣٢.

2 / 16