![image filename](./0505Ghazali.MihakkNazar.pdf_page_130.png)
فاعرض قول القائل : (الصدق جميل ، والكذب قبيح ) على العقل الأولي الفطري الموجب للأوليات ، وقدر أنك لم تعاشر أحدا ، ولم تخالط أهل ملة، ولم تأنسن بمسموع ، ولم تؤدب باستصلاح ، ولم تهذب بتعليم أستاذ وأب ومرشه ، وكلفك نفسك أن تآمشكك فيه . . فإنك تقدر عليه ، وتراه متأتيا ، وإنما الذى يعسر ول المشهوتعليك هلذه التقديراث ؛ فإن تقدير الجوع في حال الشبع عسير ، وكذا تقدير كل حالة أنت منفك عنها في الحال ، ولكن إذا تحذقت فيها . . أمكنك التشكك ، ولؤ كلفت نفسك الشك فى أن الاثنين أكث من الواحد . . لم يكن الشك متأتيا ، بل لا يتأتى الشك في أن العالم ينتهي إلى خلاء (11 ، وهو كاذب وهمئ ، وللكن فطرة الوهم تقتضيه ، والآخر تقتضيه فطرة العقل .
وأما كون الكذب قبيحا . . فلا تقضى به لا فطرة الوهم ولا فطرة العقل ، بل ما ألفه الإنسان من العادات والأخلاق والاستصلاحات ، وهلذه أيضا مغاصة مظلمة يجثب التحوز عنها .
وقل من لا يتعثر بهذه المقدمات ، ولا تلتبس عليه باليقينيات ، لا سيما في تضاعيفي الأقيسة مهما كثرت المراتب والمقدماث .
وهذا القدر كافي في المقدمات التي هي الحاملةآ للنظم والترتيب والتأليف .
مخ ۱۲۸