165

المسألة الثالثة [دلالة الاستعاذة على أفعال العباد]

الاستعاذة تدل على أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى، وسيأتي بيان وجه الاستدلال بها.

واعلم أن هذه المسألة من أعظم مسائل الخلاف بين الأمة، حتى أن بعض الأئمة" أفردها بالتأليف ك(القاسم بن إبراهيم) عليه السلام له كتاب الرد على المجبرة، و(للهادي) عليه السلام كتاب في الرد عليهم، و(للقاضي إسحاق العبدي) كتاب (إبطال العناد في أفعال العباد) ولغيرهم فيها مؤلفات ورسائل، ومسائل مبسوطة ومتوسطة ومختصرة، ولعمري إنها لجديرة بذلك لما وقع فيها من اضطراب أكثر العقول، وتحير العلماء الفحول، وكثرة ما ورد فيها من شبه المعقول، ومتشابه المنقول، بحيث لا يتبين فيها الحق الذي ينجي من الضلال، ويتخلص به مما تورط فيه كثير من الجهال، إلا بنظر صحيح في البراهين القاطعة، واقتباس نور العلم من أنوار الأدلة الساطعة، وذلك لا يتأتى إلا بإيراد زبدة أدلة جميع الفرق على الوفاء والتمام، وتمييز الصحيح من الفاسد عند أولي النهى والأحلام، ورد ما ورد، وإبطال ما فسد، ونحن بعون الله نذكر في هذا الموضع ما يكون عمدة وأصلا يرجع إليه في حل المشكل، وبيان المجمل فيما يتعلق بهذه المسألة عند تكرر ذكرها في هذا الكلام، لنجعل الكتام فيها في ثلاثة فصول:

الأول: في ذكر الفعل والفاعل وما يتعلق بهما؛ لأن المسألة في الأفعال والفعل يدل على الفاعل ضرورة، ولا ينبغي التكلم فيها من دون بيان حقيقة الفاعل، وحقيقة الفعل، وذكر صفاته وأقسامه.

الثاني: في ذكر المسألة، والخلاف فيها، وبيان الأدلة، وما يرد عليها ورده، وذكر شبه المخالفين وبيان بطلانها.

الثالث: في ذكر ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن بعض قدماء أهل البيت" مما يوهم القول بالجبر، وبيان تأويله وإبطاله.

مخ ۱۶۵