مفتاح سعادت
مفتاح السعادة
ژانرونه
وللمقبلي في أول (العلم الشامخ) ما يخالف كلامه في مسألة التحسين والتقبيح في تقرير مذهب المعتزلة فيهما، وعند التحقيق فإن السيد محمدا والمقبلي لم يوافقا العدلية في هذه المسألة، وإنما وافقا ابن تيمية وطائفته؛ لأنه ممن يقول بهذا الاعتبار، حتى أن السيد محمد بن إسماعيل قال: إن الحسين بن القاسم وهم في اقتصاره على العدلية، ثم قال: إنه قول جمهور الحنفية وكثير من أصحاب مالك، والشافعي، وأحمد، وحكاه أبو الخطاب عن أكثر أهل العلم، وهو قول أبي علي بن أبي هريرة والقفال وغيرهما من أصحاب الشافعي، وطوائف من أئمة الحديث، وعدوا القول الأول من أقوال أهل البدع.
قلت: يعني بالقول الأول القول بأن العقل لا يدرك الحسن والقبح بمعنى المدح والذم، فأما بمعنى الثواب والعقاب فالسيد محمد قد أخرجه من محل النزاع كما تقدم، وحينئذ اتضح الحق وصح النقل، وظهر لك أن الرجلين إنما يحاولان إبطال إدراك العقل لاستحقاق الثواب والعقاب، ولو حاولا ذلك ونسباه إلى أنفسهما لكان أجمل بهما.
وأما نسبة ذلك إلى المعتزلة والتمويه بإطلاقات بعضهم في حد الحسن والقبح مع تقييده بقواعد لا يمكن دفعها، فهو ينادي عليهما بالغباوة، أو عدم معرفة أصول العدلية، أو التمويه، وإذا عرفت هذا فاعلم أن الحدود التي حكاها ابن الأمير عن القرشي وغيره، وأنهم اقتصروا على المدح والذم لا يفيدهما فيما راما إثباته لأن في تلك الحدود اكتفاء، وبناء على الاختصار؛ لأن المدح والذم يغنيان عن ذكر الثواب والعقاب للتلازم بينهما كما مر من اتحاد جهة الاستحقاق مع ملاحظة شمول الحد لأفعال الباري تعالى، فتأمل.
مخ ۱۲۰