مفتاح سعادت
مفتاح السعادة
ژانرونه
الوجه الثاني: أن حاصل ما ذكروه من البراهين الحاصلة عن أشكالهم راجع إلى نوع واحد من العلم، وهو إلحاق التفصيل بالجملة، وهو من أقل العلوم كلفة، فما الفائدة في تركيب أشكال وتوسيع مقال، وتعقيد عبارة في أمر يحصل بأدنى تأمل، بيان ذلك أن من علم أن كل ظلم قبيح، ثم علم في فعل معين أنه ظلم فإن هذين العلمين يدعوانه إلى فعل علم ثالث يقبح هذا المعين إلحاقا للتفصيل بالجملة، وهذا لا يحتاج إلى تلك الأشكال، ولا إلى ترتيب تلك المقدمات، بل يحصل بأدنى تأمل، ولذا حكى القرشي عن بعض العلماء أنه ضروري، وحكاه عن الخصوم أيضا.
وحكي عن أبي الحسين أنه متولد عن العلم الجملي، وعلى أيهما فقد حصل المطلوب، وهو بيان الاستغناء عن المنطق، وعدم الفائدة فيه. والحمد لله رب العالمين.
الموضع الثاني: فيما يلزم عليه من المفاسد، فمن ذلك أنهم جعلوا الاستقراء والتمثيل من الظنيات، واحترزوا عنهما في حد القياس كما تقدم، وهذا يؤدي إلى أن يكون حدوث العالم ظنيا لا يقينيا، وهذه دسيسة من الفلاسفة؛ إذ القياس بالمعنى الذي ذكروه يرجع إلى قياس التمثيل والاستقراء.
أما الأول: فلأن اليقيني لا يكون قياسا إلا إذا حصل فيه علة جامعة، وحينئذ يكون من قياس التمثيل الذي جعلوه ظنيا فيقال: لسنا نعلم أن العالم حادث إلا لحصول معنى وهو التغيير؛ إذ لا معنى لقياس التمثيل إلا إذا كان مبنيا على علة، ويزيده وضوحا أنهم يمثلون لليقيني بقولهم: كل إنسان حيوان ولا شيء من الحيوان بحجر ينتج لا شيء من الإنسان بحجر، ومن المعلوم أنا لا نعلم أن الإنسان حيوان إلا لأجل كونه حيا بحياة، فإذا علمنا أن الحجر لا يحصل فيه الأمر الذي لأجله كان الإنسان إنسانا علمنا أنه ليس بإنسان، وهم لا يعنون بقياس التمثيل أكثر من هذا.
وأما الاستقراء فروى القرشي إجماع محققيهم على أن المقدمات اليقينية الكلية إنما يتصيدها العقل من استقراء الجزئيات.
مخ ۱۰۷