Miftah Al-Afkar lit-Ta'ahhub li-Dar Al-Qarar
مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار
ژانرونه
ثم تجرعته فسلخ حلقك ثم وصل إلى جوفك فقطع أمعاءك قال الله جل وعلا: ﴿وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ﴾ [محمد: ١٥] . وقال جل وعلا وتقدس: ﴿وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ [إبراهيم: ١٧] .
ثم ذكرت شراب الدنيا وبرده ولذته فبادرت إلى الحميم لتبرد به كبدك كما تعودت في الدنيا فسقيت فقطع أمعاءك والحميم شراب كالنحاس المذاب يقطع الأحشاء والأمعاء ثم بادرت إلى النار رجاء أن تكون أهون منه ثم اشتد عليك حريق النار فرجعت إلى الحميم قال الله تعالى: ﴿يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ [الرحمن: ٤٤] وقال في الآية الأخرى: ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ﴾ [غافر: ٧٢] .
فقدر نفسك مع الضائعين والخاسرين لعلك أن تلحق بالأبرار والمقربين وتصور حالتك لما اشتد بك الكرب والعطش وبلغ منك كل مبلغ وذكرت الجنان وما فيها من النعيم المقيم والعيش السليم.
وهاجت الأحزان وهاجت غصة في فؤادك إلى حلقك أسفًا على ما فات من رضا الله ﷿ وحزنًا على نعيم الجنة.
ثم ذكرت شرابها وبرد مائها وذكرت أن فيها بعض القرابة من أب أو أم أو ابن أو أخ أو غيرهم من القرابة أو الأصدقاء في الدنيا فناديتهم بقلب محزون.
لا يرحم بكاؤهم ولا يجاب دعاؤهم ولا يغاثون عند تضرعهم ولا تقبل توبتهم ولا تقال عثرتهم غضب الله ﷿ عليهم فلا يرضى عنهم أبدًا فمثل نفسك بهذا الوصف إن لم يعف عنك ربك لعلك أن تستيقظ فتستدرك.
1 / 51