وفى هذه الأثناء قام السلطان ابن الأحمر بمحاولة أخرى للايقاع بابن الخطيب، وذلك بأن أوعز الى الوزير «ابن غازى» أن يبعث اليه بابن الخطيب، فامتنع ابن غازى، وتوترت العلاقات مرة أخرى، بين غرناطة وفاس، الأمر الذي جعل ابن الأحمر يوغر صدور هؤلاء الأمراء المرينيين ضد النظام القائم فى فاس، وبذل فى سبيل القضاء على هذا النظام مساعدات ضخمة، كما أقنع من اتصل بهم من حكام الأقاليم- وخاصة حاكم سبتة أبا محمد بن عثمان- بأن من الأفضل للمغرب أن يكون الملك رجلا راشدا، لا طفلا صغيرا، لا يدرك شيئا، واتفق معه على تنصيب الأمير المرينى أبى العباس أحمد بن أبى سالم ملكا على المغرب، وأنه- أى محمد بن عثمان- سيكون الوزير مستقبلا، وأعطاه المزيد من المساعدات الهائلة لتنفيذ هذا الاتفاق، على أن يحقق هذا الوزير لابن الأحمر ثلاثة مطالب، بعد نجاح الخطة، وهى:
١) تسليم ابن الخطيب.
٢) تسليم الأمراء المناهضين لابن الأحمر.
٣) تسليم جبل طارق.
ووقعت بعض الحوادث بالمغرب، وتمخضت عنها ثورة قاضية، أدت الى حدوث الانقلاب المنشود لابن الأحمر، ونودى حينئذ بالأمير أحمد بن السلطان أبى سالم واليا على المغرب (٧٧٦ هـ- ١٣٧٤ م) .
وهنا أسرع السلطان الجديد بالقبض على ابن الخطيب، وسجنه، وبذلك تهيأت الفرصة لوضع نهاية الوزير المنكود؛ فقد كان الوزير الجديد ببلاط فاس سليمان بن داود من ألد خصوم ابن الخطيب، ومن جهة أخرى فقد أرسل سلطان غرناطة سفيره ووزيره عبد الله بن زمرك الى فاس ليشهد آخر فصل فى هذه الرواية، وليدق آخر مسمار فى نعش ابن الخطيب، وبوصول ابن زمرك عقد السلطان أحمد مجلسا من مستشاريه وكبار رجال الدولة، ونوقش ابن الخطيب أمام هذا المجلس، حول كافة الادعاءات المقامة ضده، وبالأخص دعوى الالحاد، تلك الدعوى التى صاغها القاضى النباهى من قبل، وكان مجلسا
1 / 21