Menhaj Al-Muhaddithin from the First Hijri Century to the Present Era
منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر
خپرندوی
الهيئة المصرية العامة للكتاب
د ایډیشن شمېره
-
ژانرونه
كنا أهل بيوتات وغنم وعمل، كنا نأتي رسول الله ﷺ طرفي النهار، وكان مسكينًا ضيفًا على باب رسول الله ﷺ يده مع يده، فلا نشك أنه سمع ما لم نسمع، ولا نجد أحدًا فيه خير يقول عن رسول الله ﷺ ما لم يقل١.
وفي رواية: قد سمعنا كما سمع، ولكن حفظ ونسينا٢.
فقد كان أعلم الصحابة بالسُّنة وأحفظهم لها، ومما يدل على ذلك ما رُوي عن أبي هريرة بسند صحيح أنه قال: أخذَتِ الناسَ ريحٌ بطريق مكة، وعمر بن الخطاب حاج، فاشتدت عليهم فقال عمر لمن حوله: من يحدثنا عن الريح، فلم يرجعوا إليه شيئًا، فبلغني الذي سأل عنه عمر من ذلك، فاستحثثت راحلتي حتى أدركته فقلت: يا أمير المؤمنين، أُخبرتُ أنك سألت عن الريح، وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: "الريح من رَوْح الله، تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، وسلوا الله خيرها، واستعيذوا به من شرها" ٣.
وكان هذا الحديث دليلًا قاطعًا على قناعة عمر ﵁ بحفظ أبي هريرة بالرغم من كثرة حديثه٤.
وروى الوليد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة حدَّث عن النبي ﷺ قال: "من صلى على جنازة فله قيراط، ومن صلى عليها وتبعها فله قيراطان"، فقال عبد الله بن عمر ﵄: انظر ما تُحدِّث، فإنك تكثر من الحديث عن النبي ﷺ فأخذ بيده، فذهب به إلى عائشة فسألها عن ذلك فقالت: صدق أبو هريرة! ثم قال: يا أبا عبد الرحمن، إنه والله ما كان يشغلني عن رسول الله ﷺ الصفق في الأسواق، إنما كان يهمني كلمة من رسول الله ﷺ يُعَلِّمنيها، أو
١ البداية والنهاية "٨/ ١٠٩"، سير أعلام النبلاء "٢/ ٤٣٦"، فتح الباري "١/ ٢٢٥".
٢ فتح الباري "٨/ ٧٧".
٣ مسند أحمد "١٤/ ٥٢" رقم "٧٦١٩"، والأدب المفرد للبخاري برقم "٣١٢"، وأبو داود برقم "٥٠٩٧"، وابن ماجه برقم "٣٧٢٧".
٤ أبو هريرة راوية الإسلام "ص١٤٨" هامش.
1 / 96