250

Memoirs of a Witness to the Century

مذكرات شاهد للقرن

ایډیټر

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

خپرندوی

دار الفكر

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٠٤هـ - ١٩٨٤م

د خپرونکي ځای

دمشق - سورية

ژانرونه

وجه الخصوص التواضع النبيل الذي لاقاني به والذي أراه الفضيلة الأولى عند رجل العلم الحقيقي، كما شاهدته فيه ذلك اليوم وهو يقول:
إننا عوّدنا الطلبة في هذه المدرسة أن يسألونا في الفصل، أو يطرحوا أسئلتهم في دفتر مُعَدّ لذلك، وقد يحدث أن يعسر علينا الجواب على الفور، فنأخد عندئذ وقتًا للتمعن في القضية، وربما للرجوع لبعض المراجع ...
استمعت منه هذه الكلمات، فكانت أول وأكبر درس أخذته عنه.
...
وجدت وجه العاصمة (الجزائر) في صيف عام ١٩٣٢، قد تغير عما عرفته، وما كنت في الحقيقة أعرفه قبل ذلك إلا قليلًا، لأن أهالي الجنوب القسنطيني لم تكن لهم حاجة بالعاصمة قبل الحرب العالمية الأولى، خصوصًا منهم التبسيين الذين كانوا يقضون أمورهم الإدارية بقسنطينة، ويتوجهون لطلب العلم إلى (توزر) أو (نفطة) في الجنوب التونسي، إن لم تسمح لهم إمكانياتهم بالالتحاق بجامع الزيتونة بتونس؛ ومن كان به مرض كافٍ يسافر إليها أيضًا للمعالجة على يد الأطباء الإيطاليين.
لم أكن أعرف جيدًا قاعدة (خير الدين بربروس)، وقد رأيتها لأول مرة سنة ١٩٢٧ عندها توجهت إلى (أفلو)، ولم يكن الجزائري يشعر في العاصمة عند وصوله إليها، أنه في منزله وعقر بيته؛ إذ كان القوم في الأحياء الشعبية يتكلمون فيها لغة هجينًا من مفردات عربية وإسبانية وفرنسية، أما في الأحياء الأخرى فيتكلمون اللغة الفرنسية.
وقلما كان الجزائري أثناء تجواله داخل المدينة يتعدى بخطواته حدًا معينًا، وكانت إدارة البريد هي الحد بين الحياة الجزائرية والحياة الفرنسية.

1 / 255