194

Memoirs - Ali Al-Tantawi

ذكريات - علي الطنطاوي

خپرندوی

دار المنارة للنشر والتوزيع

شمېره چاپونه

الخامسة

د چاپ کال

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

د خپرونکي ځای

جدة - المملكة العربية السعودية

ژانرونه

لقد كان مدرّسًا للعربية ولكنه كان أكثر من مدرس، وكان عالِمًا من علماء البلد بل كان أكثر من عالِم، ورُبّ مدرّس لا يكون عالِمًا، ورب عالِم لا يكون عالِمًا إلا في بلده وبين أقرانه، ورب عالِم لا يكون عالِمًا إلاّ بالنسبة إلى عصره وزمانه. أما الجندي فكان من أعلم علماء العربية في هذا العصر، وكان واحدًا من علماء العربية الأوّلين، ولكنه ضلّ طريقه في بيداء الزمان فجاء في القرن الرابع عشر لا في القرن الرابع!
أقرّر هذا بعدما مشيت في البلاد وجالست العلماء، فما ثَمّ عالم مشهور في العربية في الشام ومصر والعراق والحجاز والهند وماليزيا وأندونيسيا إلاّ عرفته، لقاءً به أو قراءة له أو سماعًا به. عرفت في مصر علماء الجامع الأزهر والجامعة والأدباء والكتاب، أعني الكثير منهم، وأنا أؤكد القول -صادقًا إن شاء الله- أنّي لم أجد فيهم من يفوق في حفظه وضبطه وأمانته وملَكته وإحاطته الأستاذ سليم الجندي.
وكشفت فيه يومًا بحر علم لم أكُن أعرفه من قبل. سألته عن مسألة أصولية فإذا هو أصولي، وإذا هو عارف بالفقه راوٍ للحديث عارف بالتفسير ... ومن هنا جاء علمه بالعربية. إن العربية لا تنفصل عن الإسلام.
أذكر أنه لما قدم علينا حفّظنا قصيدة المتنبي: «وا حَرَّ قلباهُ ممّن قلبُهُ شبِمُ»، فلما كان الدرس التالي قال لنا: المتنبي شاعر مولّد لا يُحتجّ بعربيته، فأعرِضوا عن هذه القصيدة. وحفّظنا (ولا زلت أحفظ الكثير منه) المنتقَى المختار من شعر الشعراء

1 / 205