Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript
مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
خپرندوی
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
د خپرونکي ځای
https
ژانرونه
عن أبي عُبيد: المراد الصُّبح والعصر والمغرب، وفيه نظر لأنَّ المذكور تثنية، ومع هذا لم يتابعه على هذا أحد، وقال البزَّار في توجيه اختصاص هاتين الصلاتين بدخول الجنَّة دون غيرهما من الصَّلوات ما محصَّله: إنَّ لفظة (مَنْ) في الحديث موصولة لا شرطيَّة، والمراد الذين صلُّوهما أوَّل ما فرضت الصَّلاة ثمَّ ماتوا قبل فرض الصَّلوات الخمس، لأنَّها فرضت أوَّلًا ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، ثمَّ فرضت الصَّلوات الخمس، فهو خبر عن ناس مخصوصين لا عموم فيه، قال شيخنا: ولا يخفى ما فيه من النظر، والأوجه أنَّ (مَنْ) في الحديث شرطيَّة، وقوله: (دَخَلَ) جواب الشرط، وعُدل عن الأصل وهو فعل المضارع كأن تقول: يدخل الجنَّة إرادة للتأكيد في وقوعه بجعل ما سيقع كالواقع، قال العَيني: كلامه يؤدِّي إلى أنَّ هذا مخصوص لأناس معينين ولا عموم فيه وإنَّه منسوخ، وليس كذلك من وجوه: الأوَّل: أنَّ راويه أبا موسى سمعه في أواخر الإسلام، وإنَّه فهم العموم وكذا غيره فهم ذلك، لأنَّه خير فضل لمحمَّد ﵇ ولأمَّته، والثاني: أنَّ الفضائل لا تنسخ، والثالث: أنَّ كلمة (مَنْ) شرطيَّة، وقوله: (دَخَلَ الجَنَّةَ) جواب الشرط، فكلُّ من أتى بالشرط فقد استحقَّ المشروط لعموم كلمة الشرط، ولا يقال إنَّ مفهومه يقتضي أنَّ من [لم] (^١) يصلِّيهما لم يدخل الجنَّة، لأنا نقول المفهوم ليس بحجَّة، وأيضًا إنَّ قوله: (دَخَلَ الجَنَّةَ) خرج مخرج الغالب، لأن الغالب من صلَّاهما وراعاهما. انتهى. عمَّا ينافيهما من فحشاء ومنكر، لأنَّ الصَّلاة تنهى عنهما، أو يكون آخر أمره دخول الجنَّة، وأمَّا وجه التخصيص بهما فهو لزيادة شرفهما وترغيبًا في حفظهما لشهود الملائكة فيهما كما تقدَّم، وقد مضى ما رواه الطَّبَرَاني فيه، وروى أبو القاسم الجَوْزي من حديث ابن مسعود ﵁ موقوفًا: «يُنَادِي مُنَادِي عِنْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ، يا بَنِي آدَم قُومُوا فَأَطْفِئوا مَا أَوْقَدْتُّم عَلَى أَنْفُسِكُم، ويُنَادَى عِنْدَ العَصْرِ كَذَلِكَ، فَيَتَطَهَّرونَ وَيَنامُونَ وَلَا ذَنْبَ لَهُمْ» ثمَّ ذكر العَيني ما ذكره شيخنا في توجيه العدول عن الأصل، وقال: كما في قوله تعالى: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٤٤]
قوله: (وَقَالَ ابنُ رَجَاءٍ) أي -بفتح الرَّاء والجيم والمد- عبد الله البصري الغُداني، وهو أحد شيوخه.
قوله: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ أَخْبَرَهُ بِهَذَا) تقدَّم الكلام على هؤلاء الثلاثة في السند السابق، وأفاد البخاري بإيراد هذا التعليق أنَّ نسبة أبي بكر إلى أبيه أبي موسى الأشعري، لأنَّ النَّاس اختلفوا فيه، كما ذكرناه عن قريب، قال شيخنا: وقد وصله محمَّد بن يحيى الذُّهْلي: حدَّثنا عبد الله بن رجاء، ورُوِّيناه عاليًا من طريقه في الجزء المشهور المروي عنه من طريق السلفي ولفظ المتن واحد، وقال العَيني: وقد وصله الطَّبَرَاني في معجمه، فقال: حدَّثنا عُثْمان بن عُمَر الضَّبِّي، قال: حدَّثنا عبد الله بن رجاء، فذكره.
قوله: (أَخْبَرَهُ بِهَذَا) أي بهذا الحديث، وهو مرسل لأنَّه لم يقل عن أبيه، إلَّا أن يقال: المراد بالمشار إليه الحديث وبقيَّة الإسناد كلاهما.
قوله: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) هو ابن منصور، وقال أبو علي الغسَّاني في «كفاية التقييد»: لعلَّه إِسْحاق بن مَنْصور الكوسج، وقال
(^١) لم: ليس في الأصل، وإنما أضيفت ليستقيم المعنى من عمدة القاري.
في موضع آخر منه: قال ابن السكن: كلُّ ما في كتاب البخاري عن إِسْحاق غير منسوب فهو ابن راهويه، قال شيخنا: ولم يقع منسوبًا في شيء من الروايات، واستدلَّ الغسَّاني على أنَّه ابن مَنْصور بأن مسلمًا روى عن إِسْحاق بن مَنْصور عن حبَّان بن هلال حديثًا غير هذا. قال شيخنا: ورأيت في رواية أبي علي الشَّبُّوِيِّ عن الفربري في باب البيعان بالخيار: حدَّثنا إِسْحاق بن منصور، حدَّثنا حبَّان بن هلال، فذكر حديثًا، فهذه القرينة أقوى من القرينة الَّتي في رواية مسلم. وقال العَيني: الأصحُّ إنَّه إِسْحاق بن منصور. انتهى.
قوله: (حَدَّثَنَا حَبَّانُ) أي بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة، ابن هلال الباهلي، مات سنة ست عشرة ومائتين.
قلت: فائدة يعرف بها الفتح والكسر في الحاء من حبَّان، قال شيخنا في المقدِّمة: حِبَّان بالكسر وباء موحَّدة مثقَّلة، حِبَّان بن موسى، وأحمد بن سُفْيان بن حِبَّان القطَّان، وهما من شيوخ البخاري، وأما حِبَّان بن عطيَّة، وحِبَّان بن العَرِقَة فلهما ذكر بلا رواية، وبفتح الحاء واسع بن حَبَّان، وابن أخيه محمَّد بن يحيى بن حَبَّان، وحَبَّان بن هلال، ومن عدا هؤلاء بالياء المُثَنَّاة من تحت، وكلُّ ما فيه أبو حيَّان، فهو بالياء المُثَنَّاة من تحت. انتهى.
قوله: (قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِثْلَهُ) أشار البخاري بهذا أيضًا بأنَّ شيخ أبي جَمْرَة هو أبو بكر بن عبد الله بن قيس، وهو أبو موسى الأشعري ردًّا على من زَعَمَ إنَّه ابن عُمارة رُؤَيبة، وقد ذكرنا أنَّ حديث عُمارة أخرجه مسلم وغيره، فظهر من هذا أنَّهما حديثان، أحدهما عن أبي موسى والآخر عن عُمارة بن رُؤَيبة، قال شيخنا: فاجتمعت الروايات عن همام، بأن شيخ أبي جمرة هو أبو بكر بن عبد الله بخلاف من زَعَمَ إنَّه عن عُمارة، وحديث عُمارة أخرجه مسلم وغيره من طرق عن أبي بكر بن عُمارة عن أبيه، لكن لفظه: (لَنْ يَلِجَ النَّار أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) وهذا اللَّفظ مغاير للفظ حديث أبي موسى وإن كان معناهما واحدًا، فالصَّواب أنَّهما حديثان.
قوله: (مِثْلَهُ) أي مثل الحديث المذكور، ويروى: بمثله بزيادة الباء.
(٢٧) (بَاب وَقْتِ الفَجْرِ) أي هذا باب في بيان وقت صلاة الفجر، قال شيخنا: ذكر فيه حديث (تَسَحَّرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ من وجهين عن أَنَس، فأمَّا رواية همَّام عن قَتَادَة، فهي عن أَنَس، أنَّ زيد بن ثابت حدَّثه، فجعله من مسند زيد بن ثابت، ووافقه هشام عن قتادة، كما سيأتي في الصيام، وأما رواية سعيد: وهو ابن أبي عروبة عن قَتَادَة عن أنس: (أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ تَسَحَّرَا) وفي رواية السَّرَخْسي والمُسْتَمْلي «تَسَحَّرُوا» فجعله من مسند أَنَس، وأمَّا قوله: «تَسَحَّرُوا» بصيغة الجمع فشاذَّة، قلت: وستأتي تتمَّة لهذا من كلام
1 / 96