Mazid Fath al-Bari Bisharh al-Bukhari - Manuscript
مزيد فتح الباري بشرح البخاري - مخطوط
خپرندوی
عطاءات العلم - موسوعة صحيح البخاري
د خپرونکي ځای
https
ژانرونه
مخلصًا، وانتصابه على الحال من الدين.
قوله: (فِطْرَتَ اللهِ) أي وعليكم فطرةَ الله، أي الزموا فطرة الله وهي الإسلام، وقيل: عهد الله في الميثاق.
قلت: الفطرة تطلق على الإسلام، وتطلق على أصل الخِلقة، فمن المعنى الأوَّل قوله ﵇: «كلُّ مولودٍ يولدُ على الفطرةِ حتَّى يكونَ أبواهُ يهوِّدانهِ وينصِّرانهِ ويمجِّسانِه»، وقول جبريل ﵇ للنَّبيِّ ﷺ ليلة الإسراء لما أخذ اللبن: «هِيَ الفِطرةُ الَّتي أَنتَ عَلَيها» أي دين الإسلام، ومن المعنى الثاني: ﴿فِطْرَتَ اللهِ الَّتي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا﴾ [الروم: ٣٠] وقوله تعالى: ﴿فَاطِرَ السَّمَواتِ وَالأَرضِ﴾ [الأنعام: ١٤]. انتهى.
قوله: (﴿مُنِيْبِيْنَ﴾) نصب على الحال من المقدر وهو: الزموا فطرة الله، معناه: منقلبين، واشتقاقه من: ناب ينوب إذا رجع، وعن قَتَادَة معناه: تائبين، وعن ابن زيد معناه: مطيعين، والإنابة: الانقطاع إلى الله تعالى بالإنابة، أي الرجوع عن كلِّ شيء.
الثالث: في بيان وجه عطف قوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣] هو الإعلام بأن الصَّلاة من جملة ما يستقيم به الإيمان؛ لأنَّها عماد الدين، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن تركها فقد هدم الدين، قال شيخنا: وهذه الآية مما استدلَّ به من يرى بتكفير تارك الصلاة؛ لما يقتضيه مفهومها. وأجيب بأن المراد: أنَّ ترك الصَّلاة من أفعال المشركين، فورد النَّهي عن التشبُّه بهم، لا أن من وافقهم في الترك صار مشركًا، وهي من أعظم ما ورد في القرآن في فضل الصلاة. انتهى.
٥٢٣ - قوله: (حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ) ابن سعيد الأنصاري، ترجمته في باب السَّلام من الإسلام.
(قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، وَهُوَ ابنُ عَبَّادٍ) أي المهلَّبي البصري، وهو ممن وافق اسمه اسم أبيه، قلت: قال الذهبي في «الكاشف»: عبَّاد بن عبَّاد بن حبيب بن المُهَلَّب المهلَّبي أبو معاوية عن أبي جمرة ويونس بن خباب، وعنه أحمد ومسدَّد وابن عرفة وخلق، ثقة، قال أبو حاتم: لا يحتجُّ به، مات سنة إحدى وثمانين. وقال شيخنا في «المقدِّمة»: وثَّقه ابن معين وأبو داود والنَّسائي والعجلي وغيرهم، وقال أبو حاتم: لا يحتجُّ بحديثه، وقال ابن سعد: كان ثقة وربَّما غلط، وقال مرَّةً: ليس بالقوي، قلت: ليس له في البخاري سوى حديثين، أحدهما في الصَّلاة عن أبي جمرة عن ابن عبَّاس من حديث وفد عبد القيس بمتابعة شُعْبَة وغيرِه، والثاني في الاعتصام عن عاصم الأحول بمتابعة إسماعيل بن زكريا، واحتجَّ به الباقون.
قوله: (عَنْ أَبِي جَمْرَةَ) أي بالجيم والراء، واسمه نصر بن عِمْران.
قوله: (عَنِ ابنِ عبَّاس ﵄ في هذا الإسناد التَّحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في موضعين، وفيه القول، وفيه: (وَهُوَ ابنُ عَبَّادٍ)، كذا وَقَعَ في رواية أبي ذرٍّ بالواو، وفي رواية غيره: <عبَّاد هو ابن عبَّاد> بدون الواو، وفيه من وافق اسمه اسم أبيه كما نبَّهنا عليه، وفيه إنَّه من رباعيات البخاري، وفيه أنَّ رواته ما بين بَغْلاني - وبَغْلان من بلخ - وهو قُتَيْبَة، وبصري وهو عبَّاد وأبو جمرة.
قوله: (قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ ﷺ قَالُوا: إِنَّا هَذَا الحَيَّ مِنْ رَبيْعَةَ، وَلَسْنَا نَصِلُ إِلَيْكَ إلَّا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، فَمُرْنَا بِشَيءٍ نَأخُذُهُ عَنْكَ وَنَدْعُو إِليهِ مَنْ وَرَاءَنَا، فَقَالَ: آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمُ عَنْ أَربَعٍ: الإِيمانِ بِاللهِ - ثمَّ فَسَّرَهَا لهُمْ - شَهَادَةُ ألَّا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُوْلُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيْتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَن تُؤَدُّوا إِليَّ خُمُسَ
مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالحَنْتَم ِوَالنَّقِيْرِ والمُقَيَّرِ).
مطابقة هذا الحديث للترجمة من حيث إنَّ في الآية المذكورة اقتران نفي الشرك بإقامة الصَّلاة، وفي الحديث اقتران إثبات التوحيد بإقامتها، فإن قلت: كيف المناسبة بين النَّفي والإثبات؟ قال العَيني: من جهة التضاد؛ لأنَّ ذِكْرَ أحد المتضادين في مقابلة الآخر يعدُّ مناسبة من هذه الجهة.
قال العَيني: هذا الحديث قد أمعنا الكلام فيه في باب أداء الخمس من الإيمان؛ لأنَّ هذا الحديث ذكر فيه، لكنَّه رواه هناك عن علي بن الجعد عن شُعْبَة عن أبي جمرة، قال: كنت أقعد مع ابن عبَّاس فيجلسني على سريره، فقال: أقم عندي حتَّى أجعل لك سهمًا من مالي، فأقمت معه شهرين، ثمَّ قال: «إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ» الحديث، وقد ذكرنا هناك: إنَّه أخرج هذا الحديث في عشرة مواضع، وذكرنا أيضًا من أخرجه.
قوله: (إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ القَيْسِ)، الوفد: قوم يجتمعون فيردُّون البلاد، وقال القاضي: هم القوم يأتون الملك ركابًا، وهو اسم الجمع، وقيل: الجمع، وعبد القيس أبو قبيلة، وهو ابن أفصى - بالفاء - ابن دُعمى -بالضمِّ- ابن جَديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
قوله: (إِنَّا هَذَا الحَيَّ) بالنَّصب على الاختصاص.
قوله: (مِنْ رَبِيْعَةَ) خبر، لأنَّ ربيعة هو ابن نزار بن معد بن عدنان، وإنَّما قالوا: ربيعة؛ لأنَّ عبد القيس من أولاده.
قوله: (إِلَّا فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ) المراد به الجنس، فيتناول الأشهر الحرم الأربعة: رجب وذو القعدة وذو الحجَّة والمحرَّم. قلت: وفي أوَّل الأشهر الحرم خلاف، وتظهر فائدته فيما لو نذر أن يصوم أوَّل الحرم، أو يؤجِّل المال إلى آخرها ونحو ذلك. انتهى.
قوله: (نَأخُذُهُ) بالرَّفع على أنَّه استئناف، وليس جوابًا للأمر بقرينة عطف (نَدْعُوا) عليه مرفوعًا.
قوله: (مَنْ وَرَاءَنَا) في محلِّ النَّصب على أنَّه مفعول ندعوا.
قوله: (ثُمَّ فَسَّرَهَا) إنَّما أنَّث الضَّمير نظرًا إلى أنَّ المراد من الإيمان الشَّهادة وإلى إنَّه خصلة؛ إذ التقدير: آمركم بأربع خصال، فإن قلت: لم يذكر الصَّوم ههنا، مع إنَّه ذكر في باب أداء الخمس من الإيمان حيث قال: «وَإِقَامُ الصَّلاةِ، وَإِيَتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ» والحال أنَّ الصَّوم كان واجبًا حينئذ؛ لأنَّ وفادتهم كانت عام الفتح، وإيجاب الصَّوم في السنة الثانية من الهجرة، قال ابن الصلاح: وأما عدم ذكر الصَّوم فيه فهو إغفال من الراوي، وليس من الاختلاف الصادر عن رسول الله ﷺ.
قوله: (الدُّبَّاءِ) -بضمِّ الدال المهملة وتشديد الباء الموحَّدة وبالمدِّ وقد يقصر، وقد تُكسر الدَّال- وهو اليقطين اليابس، وهو جمع والواحدة دباءة، ومَن قَصَر قال: دُباة.
و(الحَنْتَمِ) -بفتح الحاء المهملة وسكون النُّون وفتح التَّاء المُثَنَّاة من فوق- وهي الجِرار الخضر تَضرب الى الحُمرة، و(النَّقِيْرِ) -بفتح النُّون وكسر القاف- وهو جذع ينقر وسطُه ويُنبذ فيه، و(المُقَيَّرِ) -بضمِّ الميم وفتح القاف وتشديد الياء آخر الحروف- وهو المطلي بالقارِ وهو الزفت، وفي باب أداء الخمس من الإيمان: «الحَنْتَم والدّبَاء والنَّقِيْر والمُزَفَّت» وربما قال: «المُقَيَّرِ».
فإن قلت: ما مناسبة نهيه ﵇ عن الظروف المذكورة، وأمرِه بأداء الخمس بمقارنة أمره بالإيمان وما ذكره معه؟ قال العَيني: كان هذا الوفد يكثرون الانتباذ في الظُّروف المذكورة، فعرفهم ما يهمُّهم ويُخشى منهم مواقعته، وكذلك كان يخاف منهم الغلول في الفيء فلذلك نصَّ عليه. انتهى.
قلت: وفيه مناسبة
1 / 37