( الثانى ) أنه لو فرض أنه الآمر الأعلى فعليه أن يعدل بينهم فيما يطلبه منهم وإن كان أصل الطلب ظلما فعليه أن يعدل فى هذا الظلم ولا يظلم فيه ظلما ثانيا فيبقى ظلما مكررا فإن الواحد منهم إذا كان قسطه مائة فطولب بمائتين كان قد ظلم ظلما مكررا بخلاف ما إذا أخذ من كل قسطه ولأن النفوس ترضى بالعدل بينها فى الحرمان وفيما يؤخذ منها ظلما ولا ترضى بأن يخص بعضها بالعطاء أو الإعفاء
ولهذا جاءت الشريعة بأن المريض له أن يوصى بثلث ماله لغير وارث ولا يخص الوارث بزيادة على حقه من ذلك الثلث وإن كان له أن يعطيه كله للأجنبى وكذلك فى عطية الأولاد هو مأمور ان يسوى بينهم فى العطاء أو الحرمان ولا يخص بعضهم بالإعطاء من غير سبب يوجب ذلك لحديث النعمان بن بشير وغيره
( الثالث ) انه اذا طلب من القاهر ان لا ياخذ منه وهو يعلم انه يضع قسطه على غيره فقد امره بما يعلم انه يظلم فيه غيره وليس للإنسان ان يطلب من غيره ما يظلم فيه غيره وان كان هو لم يأمره بالظلم كمن يولى شخصا ويأمره ان لا يظلم وهو يعلم انه يظلم فليس له ان يوليه وكذلك من وكل وكيلا وامره ان لا يظلم وهو يعلم أنه يظلم وكذلك من طلب من غيره ان يوفيه دينه من ماله الحلال وهو يعلم انه لا يوفيه الا مما ظلمه من الناس وكذلك هذا طلب منه أن يعفيه من الظلم وهو يعلم أنه لا يعفيه إلا بظلم غيره فليس له أن يطلب منه ذلك
مخ ۳۴۱