إهداء الرواية
مقدمة الرواية
بيان ما استعملته من الاصطلاحات في هذه الرواية
أسماء الأشخاص وبيانهم
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
إهداء الرواية
مقدمة الرواية
بيان ما استعملته من الاصطلاحات في هذه الرواية
أسماء الأشخاص وبيانهم
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
مي
مي
تأليف
سليم خليل النقاش
إهداء الرواية
إلى جناب الخواجا أنطونياديس الشهير المقيم في ثغر الإسكندرية
مولاي
إن في إهداء روايتي هذه إلى جنابكم لفوزا ورفعة لها، فإن ظفرت لديكم بالقبول وهو أعظم مسئول كنت بالغا فوق ما تمنيت، ويكفيني بها نجاحا أن تروق في أعين من يعطي الأشياء استحقاقها، ومن حوى من سعة الفضل والمعرفة ما لا ينكره أحد سواه، فأرجو قبولها والالتفات إليها وحسبي ذلك فخرا.
من الداعي لجنابكم
سليم خليل نقاش
A Monsieur G. ANTONIADIS
Monsieur
Vous dédier, Monsieur, ma présente pièce c’est son succés succués. Un accueil favorable sera mon plus grand voeu, le comble de mes souhaits et il me suffira de la voir digne des regards de celui qui par ses hautes qualités sait apprécier le mérite.
Je vous prie donc, Monsieur et Bienfaiteur, de vouloir bien agréer mon présent et le couvrir de votre protection, ce qui sera le plus grand honneur pour celui qui se dit.
Votre très-humble et très-reconnaissant serviteur.
S. Naccache
مقدمة الرواية
لما كانت ديار مصر مستوية على عرش التقدم بين الأمصار، كأنها ملكة تتقاطر لخدمتها الأقطار، جارة ذيول الفخر في العلم والتفنن، وصاحبة مطارف النجاح في التمدن، تخذت مع الملتجئين إلى بابها نعم سبيل، وأملت من نداها إرواء العليل، واهتديت بسنا الإفضال والإجلال، إلى باب يخفق فوقه لواء المجد والإقبال، وهو الباب المشيد الأركان، المقصود من كل قاص ودان، باب من لا يخيب طالبه، ولا تحصى مكارمه ومناقبه، ولي النعمة والإحسان، من لا يحصر فضله إنسان، ويكل في مدحه كل لسان، من ساد السود والبيض، بالسمر والبيض، وقصرت عن شهرته شهرة قيصر، وخفي لظهور مجده ذكر الإسكندر، وانتصرت طلائع طوالع شأنه وفضله، فكسرت جيوش ذكر كسرى بعدله، وأمعن فيه الدهر فقال إنه فاق معنا بالحلم والإحسان، وفاضت عليه سحب البلاغة فأزرى بسحبان، فلا تقسه بقس وحدث عن إنعامه لا عن النعمان، صاحب القدر والشان الجليل، أفندينا الخديو المعظم ولي النعم «إسماعيل».
مليك له في كل مكرمة يد
تجود فأين النيل والبحر والسحب
جرى حكمه في البيض والسود مثلما
أقر لسامي فضله العجم والعرب
فأنخت هنالك مطايا الآمال بأن أخدم عظمته بإدخال فن الروايات في اللغة العربية، إلى الأقطار المصرية، وهو الفن الذي أصبح في أوروبا مدرسة الهيئة الاجتماعية، فأنعم علي بالقبول، وجاد بالسؤل وهو خير مجيب ومسئول، فبادرت بطبع هذه الرواية التي هي من النوع المعروف بالتراجيدية، ودعوتها برواية مي. وقد كنت ألفتها في بيروت من ثماني سنوات، وهي رواية لحادثة تاريخية شهيرة، أخذت بعض معانيها عن الفرنجية، بيد أني خالفت أصلها بأشياء جمة مما زادها حسنا، ووضعت لها أنغاما ونمقتها بأشعار، موافقا بذلك الذوق العربي، وأودعت فيها ذكر بعض عوائد الرومانيين بأسلوب غير مخل بالتخبير مع ذكر أسماء بعض معبوداتهم مثل مارس إله الحرب عندهم وبلوتون إله الجحيم وغيرهما؛ رغبة بزيادة الإفادة، وأبقيت الأسماء المحفوظة في تاريخ واقعة هذه الرواية على ما كانت عليه، كاسم هوراس الروماني وكورياس الألبي وتول ملك رومية المعروف بتولوس هوستيليوس
Tullus Hostilius
وهو الثالث من ملوكها الذي تولى الملك سنة 672ق.م. وأخضع الألبيين إلى حكمه، وتوفي سنة 642ق.م. أما بقية الأسماء فقد وضعتها عن غير أصل نظرا لعدم وجودها في التاريخ المذكور، وأما واقعة هذه الرواية فقد حدثت في عهد الملك تول المذكور آنفا، الذي شب نار الحرب بينه وبين الألبيين طمعا في الاستيلاء عليهم، وذلك بعد تأسيس مملكة رومية بأربع وثمانين سنة؛ أي سنة 669ق.م. أو سنة 3335 للخلقة الآدمية، وهي من أغرب الوقائع وأنسبها للروايات، غير أن الرواية مهما كانت غاية في حسن الموضوع والتأليف لا تروق لمطالعها كما تروق لمن يطالعها ويحضر تشخيصها؛ ولهذا تعود الفرنج جمع الأمرين في وقت واحد، فتراهم يأخذون نسخة من الرواية فيقرءونها بتمعن ثم يحضرون تشخيصها فيتمتعون بمشاهدة مناظرها البهجة، وناهيك ما بذلك من الملذة والفائدة، هذا وإني لأحفظ حقوقي في طبع هذه الرواية وتشخيصها حسب النظام، راجيا من الواقف عليها أن يحسن الظن بما لم يوافق ذوقه ويجتني ما طاب ويترك ما لم يستحسنه؛ فرب حجر ازدراه البناءون فكان رأسا للزاوية.
بيان ما استعملته من الاصطلاحات في هذه الرواية
*:
هذه العلامة تشير إلى أن النغم المرتبط بها يتغناه فريقان أو أكثر، أي إن كلا منهم ينشد ما خصه منه في وقت واحد.
وهذه إشارة إلى أن الكلام الموضوعة له هذه العلامة شعر. §:
وهذه تشير إلى أن ما وضعت له عروض تلحن حسب أصلها الذي يذكر في الحواشي في آخر كل صحيفة كما سيأتي. ...:
وهذه إشارة إلى قطع حديث والانتقال إلى غيره. تقع في وسط الجملة.
ي، س:
إن وضع حرف من الاسم هو اختصار عن وضعه كله، مثال ذلك: «س، ي»؛ «ي» فهي اختصار عن مي، و«س» عن هوراس، وهلم جرا.
ي، ي:
أما وضع الياء مثلا أولا، والسين ثانيا، فهو دلالة على أن «ميا» المعبر عنها بالياء تخاطب «هوراس» المعبر عنه بالسين. وهكذا في غيرهما، فإن الحرف الأول يعبر عن المتكلمين، والثاني عن المخاطبين. وإن وجدت أحرفا متتالية، يكون المعبر عن أسمائهم بهذه الأحرف متكلمين أو مخاطبين سوية. وقد يكون الحرف الواحد مكررا مرتين؛ فهذا يدل على أن المعبر عن اسمه بهذا الحرف يخاطب نفسه بنفسه.
1 (-):
وهذه إشارة إلى أن الجملة أو الكلمة المرتبطة بالهلالين وضعت لما يعمل بموجهه، ولا يلفظ حين التشخيص. مثال ذلك (باكيا) أي أن المتكلم يقول الجملة التي تتقدم هذه الكلمة وهو باك. وهلم جرا.
وقد كنت أرغب لولا خوف إنكار البعض أن أستعمل كثيرا من الاصطلاحات الفرنجية في هذا الباب، مثل «!» وهي طورا علامة التأسف وتارة إشارة الفرح والتعجب، أو «؟» وهي علامة الاستفهام، أو «:» وهي علامة الاستشهاد أو الاقتباس أو التضمين أو الإيداع، إلى غير ذلك من الاصطلاحات اللازمة التي يجمل بها أن تدخل سلك اصطلاحات لغتنا العربية الجميلة، ولولا ضيق المقام لأطلت الكلام بهذا الباب، على أنني سأتكلم فيه بالتفصيل في مقام أوسع إن شاء الله.
أسماء الأشخاص وبيانهم
ت (ملك):
الملك تول ملك رومية.
و (وزير):
وزيره.
ه (أبو هوراس):
من أعيان الرومانيين، متقدم بالسن.
س (هوراس):
ابنه زوج ملكة أخت كورياس.
ك (كورياس):
من أعيان مدينة ألبا، خطيب مي أخت هوراس.
ق (قيصر):
من أعيان رومية، مزاحم كورياس على مي.
م (ملكة):
أخت كورياس عروسة هوراس.
ي (مي):
أخت هوراس وخطيبة كورياس.
ر (إسكندر):
أحد عساكر الرومانيين.
ن (روجينا):
خادمة في بيت أبي هوراس.
ج (جوقة):
من أتباع الملك.
الواقعة في مدينة رومية في بيت أبي هوراس في الإيوان.
الفصل الأول
الجزء الأول (ي (مي))
ي (إلى ي) : §
يا دهر صبري قد وهى
لكن عذابي ما انتهى
مظلومة زاد النوى
بعذابها فارفق بها §
1 ... أشكو ودهري لا يرق لشاك
والقلب منجرح وطرفي باك
أظهرت لي يا دهر لذات اللقا
وسترت شؤم الهجر عن إدراكي
فغدوت جائلة بميدان الهوى
وجهلته فوقعت في الأشراك ...
2
الجزء الثاني (ي (مي) - س (هوراس))
س (إلى س) : §
لكل ليث حمام
يلذ كاس الحمام
أما الجبان فعنه
يفر مثل الحمام
ليس الغني ذا اقتدار
وما البهي ذا افتخر
بل من يرى الموت حلوا
في الحرب تحت الغبار §
3
س (إلى ي) :
أترين يا شقيقتي مي كيف أن خطيبك كورياس أظهر أنه في الحقيقة من أشجع الناس؛ لإنه عند سماعه بحدوث الحرب والكفاح، وذلك أمس مساء، داخله الفرح والانشراح، وتأهب وسار من مدينته ألبا حتى وصل إلى رومية في هذا الصباح. وعن قليل يحضر إلى هذا المقام، وهو الآن في ساحات الصدام، منتظر وفود عساكر مدينته، ليشبوا نار الحرب ذات الضرام، ويشنوا الغارة على عساكرنا الرومانيين، فعليك إذا أن تطلبي الانتصار لمدينتنا رومية من مارس إله الحرب ومن الآلهة أجمعين.
ي (إلى ي) : §
دهري نظير الصخور
قاس ونفسي خضرا
إن جاءنا بسرور
يوما فيحزن شهرا
س (إلى ي) :
كفي الأسى واستجيري
بالصبر، فالصبر أحرى
ي (إلى س) :
ترى الجميع نظيري
س (إلى ي) :
الله بالناس أدرى §
4
ي (إلى س) :
تشير علي بالصبر، وما الصبر لي بصاحب، فمن جرى هذه الحروب بات قلبي رهين النوائب، فإنه في الليل الماضي قد تراكمت علي بهذا الخصوص الأحلام، فأيقنت أن لا بد أن تداهمني بلية عظيمة في هذه الأيام.
س (إلى ي) :
أنا لا أرى في هذه الحروب ما يدعو إلى الحزن والأسف، بل بعكس ذلك، إني أراها سببا لاكتسابنا الفخر والشرف؛ ولهذا ترينني بكل شوق منتظرا حدوث الحرب لأنال الجاه العظيم بمعاطاتي الطعن والضرب، وها أنا ذاهب أحضر السلاح، لأنحدر حالا إلى ساحات الكفاح.
الجزء الثالث (ي (مي))
ي (إلى ي) : §
يا لقهري ما احتيالي
قل صبري واحتمالي
آه من جور الليالي
آه من جور الغرام
للهوى جد اهتمامي
فابتلاني بالسقام
ليت لا كان غرامي
كان قلبي في سلام §
5
الجزء الرابع (ي (مي) - ن (روجينا))
ن (إلى ي) :
ما بالك يا سيدتي تزيدين في حزنك ونحيبك، وقد كان الأجدر أن تفرحي لما بشرك به أخوك هوراس من قدوم حبيبك، ولقد سمعته من داخل يبشرك بحضور خطيبك كورياس، ثم رأيته دخل إلى محل الأسلحة، فحضرت لأهنيك بهذه البشارة المفرحة؛ فقد عجبت لتأسفك وتوجعت لتلهفك.
ي (إلى ن) :
إن قلبي لفي خفقان عظيم؛ فإن هذه الحرب بين رومية وألبا قد أوقعتني في قلق جسيم، وأنا داخلة إلى مخدعي لأريح قلبي في الخلوة عسى يتصبر، فإذا جاء كورياس فاستدعيني حالا لأحضر.
الجزء الخامس (م (ملكة) - ن (روجينا))
م (إلى ن) : §
أنت روجينا أعلميني
هل أتى بعلي أخبريني
ن (إلى م) :
قد أتى من قبل حين
ومضى يجلي السلاح
م (إلى م) :
آه ما هذي المصائب
لم يزل دهري يحارب
قد رمى والسهم صائب
فشكا قلبي الجراح §
6
ن (إلى م) :
وأنت أيضا يا سيدتي ملكة، أراك حزينة مرتبكة، وما علمت ما هو السبب، فعجبت كل العجب، ومثلك سيدتي مي، فقد لاحظت أنها من حزنها لا تعي على شيء، مع أن أخاها بعلك هوراس بشرها بقدوم خطيبها أخيك كورياس، فاشتد لذلك قلقي وبلبالي، فأعلميني ما الخبر، عسى أن يستريح بالي.
م (إلى ن) :
كأنك يا روجينا تجهلين الحرب التي ستصلى نارها بين المدينتين بعد حين، فمن جهة أخاف على بعلي وعيلته من عساكرنا الألبيين، ومن الجهة الثانية أخاف على أخوتي وعيلتي من العساكر الرومانيين، وهكذا مي، فإن عليها من الخوف ما علي، أسأل الآلهة أن تنظر إليها وإلي.
ن (إلى م) : ... ذا أكيد لكنما الصبر أولى
ومع الصبر مره يحلو
م (إلى ن) :
ليس للصبر من سبيل فما لي
غير نوحي فذاك لي أهل
7 (يسمع صراخ الفوارس من الميدان.)
الجزء السادس (م (ملكة) - ن (روجينا) - ه (هوراس))
ن (إلى م) :
اسمعي اسمعي، صراخ الفرسان.
س (إلى م) :
كأن عساكر ألبا وصلوا إلى الميدان، ولا بد أن يكون من جملتهم أبوك وأخوتك، فينبغي أن أمضي الآن وأكلفهم الحضور إلى هذا المكان؛ كي يستريحوا برهة من الزمان، ريثما تكون صدرت أوامر رؤساء الحرب بالضرب والطعان، ولكن ما لي أراك حزينة كئيبة.
م (إلى س) :
ومن يا ترى لا يحزن لحدوث مثل هذه المصيبة، غير أني يا مولاي أرجو أن تفيدني ما هو سبب الحرب بين رومية وألبا في هذه الأيام.
س (إلى م) :
اعلمي أن طمع كل من ملكي رومية وألبا سبب هذا الخصام؛ فكل منهما لاح بخاطره أن يجعل الآخر تحت طاعة أوامره، وأنت تعلمين أن مشكلا كهذا لا ينتهي إلا قهرا واغتصابا وجبرا؛ ولذلك أيضا أسباب أخرى أخبرت بها أمس شقيقتي مي بالتمام.
س (إلى م) :
يا روجينا، أين هي مي الآن، إني لا أراها في هذا المقام.
ن (إلى س) :
دخلت مخدعها.
س (إلى ن) :
لا ينبغي أن تتركيها وحدها، فادخلي واستدعيها، وحدثيها بما يسلي خاطرها ولاطفيها.
س (إلى م) :
وأنت أيضا يا ملكة، خففي عنك هذه الهموم والكروب، وادخلي إلى الجوا أعدي لنا المأكول والمشروب، فسأحضر عن قليل مع والدك وإخوانك، فاظهري لهم نخوتك ولا تدعيهم يطلعون على أحزانك؛ فهذا مما يضر بشاني وبشانك.
الجزء السابع (م (ملكة))
م (إلى م) : §
من مجيري يا ترى
فوق الثرى
مثل حزني هل يرى
ويلتي مما جرى
بين الورى
أحمرا دمعي جرى
أيها العين اذرفي
دمعا وفي
عل ناري تنطفي
عل دهري يكتفي
بل يشتفي
إن شجاه تلفي §
8
الجزء الثامن (ي (مي) - ن (روجينا))
ن (إلى ي) :
ولربما تبطل الحروب في هذه الأيام، فنحصل على السلام، ويتم غدا اقترانك بكورياس، كما كان الكلام، و...
ي (إلى ن) :
اصبري قليلا لنرى من هذا الآتي إلى هذا المقام.
ن (إلى ي) (روجينا تلتفت) :
هذا قيصر.
ي (إلى ي) :
آه يا ويلاه!
ن (إلى ي) :
لماذا تتأوهين؟
ي (إلى ن) :
لا أطيق أن أراه.
ن (إلى ي) :
لا ينبغي يا سيدتي أن تظهري له كالأول الجفا والخصام، فما هو إلا من أعيان رومية الكرام، وعند الملك وأهل بلاطه فهو مسموع الكلام.
ي (إلى ن) :
أنا لا أظنني قادرة على أن أكالمه، وأسايره وأنادمه، ولا سيما أني أخاف أن يحضر كورياس ويراه هنا، فيتسبب لي العنا.
الجزء التاسع (ي (مي) - ن (روجينا) - ق (قيصر))
ق (إلى ي) :
أيا من على طول الزمان بحبها
أسير أسيرا فاصطباري قد ولى
صباح سعيد أنت زدت بهاءه
بنور جبين كالهلال إذا هلا
9
ن (إلى ق) :
أسعد الله صباحك ولا زلت في عز وأمان.
ي (إلى ي) :
يا ويلاه! من أين أتانا الآن هذا الشيطان؟
ق (إلى ي) :
أيا من إذا سلت من الجفن مرهفا
كيف أخيها ترهب الأنس والجنا
دعي عنك هذا الصد وارثي لحالتي
ورقي لصب من صدودك قد جنا
10
ي (إلى ي) :
كيف العمل مع هذا الإنسان؟
ن (إلى ي) :
ما دمت تعاملينه بالجفا، فلا يذهب من هذا المكان.
ق (إلى ي) :
ومعرضة عني أهذ بذكرها
إذا لاح صبح أو إذا غسق جنا
أجود بمالي بل بروحي دونها
وتبخل حتى بالجواب على المضنى
11
ي (إلى ي) :
يا ألله، ماذا أفعل إذا أتى خطيبي كورياس بهذا الوقت، ونظر هنا هذا الشخص الذي برؤيته يسبب له الكراهية والمقت. (قيصر يتقدم إلى مي فتنفر منه.)
ق (إلى ي) :
ما هو ذنبي يا بهجة الممالك حتى تعامليني بهذا الجفا، أحسني في قليلا سوء ظنك، فما جرى لي كفى.
ق (إلى ي) : *§
يا فاتني قد فاتني منك الرضا
فتسعرت في مهجتي نار الغضا
ي (إلى ي) : *
كيف احتيالي يا إلهي المشتري
فلقد فقدت تجلدي وتصبري
ق (إلى ي) : *
كفي سهام جفاك
إني قتيل هواك
ي (إلى ي ) : *
من يرتضي ذا القولا
من مثله ... لا حولا ... §
12
ق (إلى ي) :
حتم قلبي في المحبة صابر
وإلى متى بالصد قلبك جائر
يا من غزتني أسهم من لحظها
وحسام جفنيها لكبدي باتر
في طين جبلتك الجمال قد استوى
وبطينتي جبل الغرام الوافر
تحصي الحصى تفني الدهور بأسرها
وجميل وصفك عنه كل الشاعر
فعن الغنا وعن الغنا أنا في غنى
إذ في بهاك يقر مني الناظر
13 §
يا من لها جيد الغزال تلفتي
عطفا علي ولا تزيدي لهفني
يا من تنحت عني
ماذا بدا لك مني §
14 §
أفديك عيني فروحي
ومنك أرجو الأمان
آه يا روحي
مني بوعد أمين
دومي بعيش فروح
والمستهام مهان
آه يا روحي
جفاك أمر مهين §
15
ي (إلى ن) :
أف، ما عاد لي جلد على هذه المداعبة، بل لم يبق لي اصطبار على احتمال هذه المحاربة.
ن (إلى ن) :
وها أنا أيضا معك ذاهبة.
ق (إلى ق) : §
إن شئت حتفي فروحي
وفارقي ذا المكان
آه يا روحي
ما عاد صبري يعين §
16
الجزء العاشر (ق (قيصر)) §
آه ما هذا الجفا
منه جسمي تلفا (يبهت متفكرا)
مثلي يذل الغرام
أنا السري الهمام
قلبي جفاه السلام
وزاد همي الهيام
ما هذا الغضب
ما نلت الأرب
بل بعد التعب
ما تم قط المرام
جافاني الطرب
وافتنى الكرب
مذ بدري غرب
وحل في السقام §
17
الجزء الحادي عشر (ق (قيصر) - ن (روجينا))
ن (إلى ن) :
كيف السبيل إلى إخراجه من هذا المكان؟ فإني أخاف أن يصل كورياس الآن ويراه، فأقع أنا وسيدتي تحت السخط والهوان.
ق (إلى ق) : §
وا حرقتي ما احتيالي
لكي أنال الأمل
قد جار الغرام
وشف جسمي السقام
في العشق أضنيت حالي
ويلاه كيف العمل
ن (إلى ق) :
دع هذا الكلام
وخل سبل الهيام §
18
ق (إلى ن) : §
ذا كلام لا يصير
ليس لي فيه اقتدار
ن (إلى ق) :
إنما الله بصير
فارج منه الانتصار
ق (إلى ق) :
هل مجير هل نصير
منقذ من ذا الدمار
فلقد ساء المصير
لم يعد عندي اصطبار
آه من جور حبيبي
ظالم ليس يلين
ليس يصغى لنحيبي
وحنيني والأنين
كان لي خير طبيب
لو شفي دائي الدفين
إنما ليس نصيبي
أن أراه لي معين §
19
لا بد لي من أن أقصد كورياس حتى ألقاه في هذا النهار، وأبطش به، وأجعله مطعما للنار؛ فليس غيره يمنعني من بلوغ مرغوبي وإدراك مطلوبي، فإذا قتلته انتهى الأمر كله إلي، ولم يبق من مزاحم لي ولا رقيب علي، وبلغت ما في نفسي من الحصول على مي.
الجزء الثاني عشر (ي (مي) - ن (روجينا))
ن (إلى ن) : ... يا ويل من ألف الهوى فهو الهوا
ن وذل من قد لذ في ذل الهوى
كالشمع فوق النار يسلى دائما
أو كالسفينة حين يضطرب الهوا ...
20 (مي تدخل متنصتة.) ... إن الغرام مزيل قدر الأوجه
ولو انه بذرى الفخار وأوجه
ي (إلى ن) :
إن المحبة في الفضائل أصبحت
تمتاز فضلا إذا غدت بالأوج هي
ن (إلى ي) :
نعم المحبة رأس كل فضيلة
لكنها ليست بكل الأوجه
ي (إلى ن) :
ذا أعلنته ذوو الحجى وبكتبهم
أيضا نراه مسطرا في الأوجه
ن (إلى ي) :
حب القريب علي طهارة نية
ليس التصبب في حسان الأوجه
21
ي (إلى ن) :
أف أف، كم أنت عنيدة، مع كونك عن الصواب بعيدة ... ما لنا وهذا الكلام، افهميني بأية طريقة أخرجت قيصر من هذا المقام.
ن (إلى ي) :
يا سيدتي، أنا لست مطمئنة من قيصر غاية الاطمئنان؛ لأنه حين خروجه من هذا المكان ذكر أن في عزمه لقاء خطيبك كورياس حتى يقتله في هذا النهار، زاعما أنه من بعده يستبد بأمرك كيفما أحب واختار. أفتذكرين ما كنت أنصح لك به أن لا تجافي قيصر بهذا المقدار؛ لأنه حقود غدار، وعنفوان شبوبيته لا يحتمل مثل هذا الاحتقار، فقلما كان يخاطبك إلا ويكون جوابه الازدراء والنفار.
ي (إلى ن) : §
لم أطق أني أراه
فاقصري هذا الكلام
وفؤادي ما اصطفاه
فدعي عنك الملام
لست أهوى في زماني
غير كورياس الجميل
إن دنا فالسعد دان
أو نأى صبر جميل §
22
أي نعم يا روجينا، معاذ الله أن أحب سوى كورياس مدى عمري، وإذا مت ودعي باسم كورياس تتحرك له عظامي في قبري. فهيهات أن أسمع فيه لوم لائم، أو أستبدله بأحد بين العوالم، فهو شمسي وبدري، ومرآه يشرح صدري.
ي (إلى ي) : §
فاتني إذا ظهرا
فيه طابت نفسي
فاق بالبها القمرا
وازدرى بالشمس
فهو لي نصيب
وبه يطيب
قلبي الكئيب
في الوغى إذا خطرا
أخجل الخطارا
أرعب العدا خطرا
وعليهم دارا
كم سطا وصالا
وانتضى النصالا
ورمى النبالا §
23
ن (إلى ي) :
لقد صدقت بما نطقت، ولكن يا مولاتي إذا لم تريدي أن تحبي غير كورياس كما تفضلت، ففي الأقل لا تحتقري قيصر كما فعلت.
ي (إلى ن) : ... كلامك منه في قلبي كلام
فيا لله ما هذا الملام
لعمري ما علمت بما ألاقي
ولا تدرين ما فعل الغرام
شغفت بكورياس لا سواه
ولا أرضى سواه فلا ألام ...
24
الجزء الثالث عشر (ي (مي) - ن (روجينا) - م (ملكة))
م (إلى ي، ن) : §
يا ترى ما بالهم لم يصلوا
أقلقوا فكري وبالي بلبلوا
قل صبري حيث طال الانتظار
يا لقومي وانتفى عني القرار §
25
م (إلى ي) :
قد ارتاب فكري، وحرت في أمري، ولا أعلم ما الذي أخر حضورهم إلى الآن، وأبوك أيضا إلى الساعة لم يرجع من الميدان، فلا بد أن يكون قد حدث شيء ما بين الفرسان؛ فإن أخاك هوراس ذهب ليأتي بهم إلى هنا ولم يحضروا إلى الآن.
ن (إلى م) :
أنا أظن أن أخاك كورياس التقى بقيصر، فلا بد أنهما تعاتبا، ولعلهما بعد ذلك تشاتما وتضاربا؛ لأن قيصر كان هنا من زمن قليل وخرج مظهرا الغضب الجزيل، عازما على قتل كورياس بأي وجه كان.
م (إلى ي، ن) :
هذا قابل الإمكان، وأنا صرت غير مطمئنة بعد هذه الخبرية؛ لأن قلبي لا يصفو لقيصر بالكلية، إذ إنه حسود حقود ذو طباع فظة ردية. ولكن ما الحيلة، فالتسليم للمولى، بكل الأحوال أولى، فادخلي الآن يا روجينا وأعيدي النظر على الموائد التي هيأتها كما أمرني هوراس قبل ذهابه، ونحن نبقى ههنا إلى حين إيابه، وقدومه مع أصحابه.
الجزء الرابع عشر (م (ملكة) - ي (مي))
م (إلى ي) :
آه يا شقيقتي، عسى تصفو لنا كئوس المسرة، بعد تجرعنا مر الصبر مرة بعد مرة.
ي (إلى م) :
أنا ليس لي أمل حتى ولا مثقال ذرة.
م (إلى ي) : ... عل الزمان يرق عند نحيبنا
ي (إلى م) :
أترى يرق من البكا جلمود
م (إلى ي) :
وعسى يلين لمدمع منا جرى
ي (إلى م) :
أنى يلين من الدموع حديد
م (إلى ي) :
وعسى يفي بالعهد من بعد الجفا
ي (إلى م) :
ويحي وهل عند الزمان عهود
م (إلى ي) :
وعسى يجود لنا براحة خاطر
ي (إلى م) :
هل ممكن أن البخيل يجود ...
26
م (إلى ي) :
لا تقطعي الأمل يا حبيبتي، واتكلي على الآلهة العظام، واطلبي المعونة من المشتري باري الأنام، فهو يقهر حسادنا ويبلغنا مرادنا، وإذا تم ذلك فدلالة على مسرتي العظيمة، وشكرا للآلهة على نعمهم الجسيمة، لأدفقن على المائدة من المدام كمية لا تحد، ولأذبحن على مذابحهم حيوانات لا تعد.
ي (إلى م) :
إننا نفصل الآن ثياب الآمال على قامة النجاح، وعسى مع ذلك أن يتم مرغوبنا بإبطال الحرب والكفاح، لنحصل على تمام الانشراح.
م، ي (إلى م، ي) : §
يا إلهي أي حين
تنجح الآمال
ثم أنجو من أنيني
ويروق البال
أنت لي خير معين
أيها المفضال
فأصغ سمعا لحنيني
وانظر الأحوال §
27
الجزء الخامس عشر (م (ملكة) - ي (مي) - س (هوراس))
س (إلى م) :
أعلميني يا ملكة، هل أتى أحد من إخوانك إلى هذه الدار؟
م (إلى س) :
كلا يا مولاي، ونحن لم نزل بالانتظار.
س (إلى م) :
يا للعجب، يا ترى أين ذهبوا؛ فمع كل تفتيشي عليهم لم أقف لهم على أثر، ولم أسمع لهم من خبر، مع أن الحرب تبتدئ عن قريب، فكيف يا ترى ذهبوا ولم يجعلوا لهم فيها نصيب، مع أني أعهدهم من أبسل الأبطال في القتال، وأجرى الرجال في مجال النزال.
م (إلى س ) :
آه يا مولاي ، ما أعظم جزعي وقلقي، وأشد خوفي وفرقي، والله يعلم أني لو لم أكن متحققة عظم شجاعتك وشجاعة أخوتي ومحبتكم الحرب والكفاح، وارتياحكم إلى مشاجرة سمر القنا واشتباك بيض الصفاح - لكنت أتوسل إليكم ألا تعرضوا بأنفسكم لمواقع الهلكة، وأن تكفونا شر هذه الحرب وعواقبها المهلكة.
س (إلى م، ي) :
هيهات، ذلك من المستحيل، فلا بد من المخاطرة للحصول على الشرف الأثيل.
من لا يخاطر بالنفو
س فليس يحظى بالنفيس
ياما أميلح يوم حر
ب إذا كر على الخميس
وصليل حد السيف خير
من منادمة الجليس
رمحي نديمي في الوغى
ودم الأعادي خندريسي §
28
فاعلما أن فرصة هذه الحرب هي عندي خير غنيمة من غنائم الحدثان؛ لأني بها أبلغ شرف السؤدد ورفعة المكان، ووجاهة المنزلة وعظمة الشان.
م، ي (إلى س) : §
نعم نعم نعم نعم
ذقنا بها شر النقم
فالجسم منها في سقم
والنفس في هم وغم
والصبر يجري للعدم
والطرف يذري الدمع دم
والقلب كم يشكو وكم
يرجو ولم يسمع ولم ... §
29
س (إلى م، ي) :
كفاكما أن تحاربا شجاعتي، فهذا مما يجبرني على إظهار قساوتي.
م (إلى س) :
ما لنا الآن وكل هذا، فأنا متأكدة جيدا شهامتك وشهامة أخوتي، إنما يا مولاي ترانا الآن في خوف عظيم لسبب عاقة قدوم أخوتي إلى هذا المكان، فلعل قيصر التقى بأخي كورياس في الميدان، فلا بد أن يكون وقع ما بينهما واقع لأن قيصر كان هنا، وذهب عازما على قتل أخي كورياس.
س (إلى م) :
كيف؟ أفهميني جلية الأمر من غير التباس (ويختليان) .
ي (إلى ي) : §
لي كل حين من زماني نكبة
يا قاتل الله الزمان الظالما
من ذا يرى حزني وليس يرق لي
س
إلى (م ملتفتا) :
هذا أبي آت فيخبرنا بما ... §
30
الجزء السادس عشر ((م (ملكة) - ي (مي) - س (هوراس) - ه (أبو هوراس))
ه (إلى س، م، ي) : §
هل سمعتم بما جرى الآنا
س، م، ي (إلى ه) :
ما علمنا فما عسى كانا
هل خطاب مفيد
أم مصاب جديد
ه (إلى س، م ، ي) :
كورياس مع قيصر اختصما
ثم قد سارا بسلاحهما
يبغيان القتال
خارجا والنزال §
31
م، ي (إلى م، ي) : §
هذا الذي كنا نحاذره
حلت على قلبي مخاطره
يا رب ما هذا البلا
يا ربي ما ذنبي الطف بي
حقا مماتي قد حلا
ما ذنبي يا ربي الطف بي
ه، س (إلى م، ي) :
لا تفزعا إن الفتى أقدر
من خصمه في الحرب بل أشهر
م، ي (إلى ه، س) :
وقيصر معروف
بالضرب والسلب في الحرب
وبالدها موصوف
والمكر في الكر والفر
م، ي (إلى م، ي) :
قلبي ضعيف لا يطيق العنا
فهل نصير أو معين لنا
وا حسرتي كيف العمل
ما ذنبي يا ربي الطف بي
ويلاه قد خاب الأمل
ما ذنبي يا ربي الطف بي §
32
الفصل الثاني
الجزء الأول (ك (كورياس) - م (ملكة) - ي (مي) (كورياس بآلة الحرب))
م، ي (إلى ك) : §
أهلا بباهي الجمال
من بعد ما غاب عادا
حمدا لمولى الموالي
قد من لطفا وجادا
عسى بلغت التمني
بقتله والمرادا
ك (إلى م، ي) :
نلت المنى غير أني
لم أشف منه الفؤادا §
1
م (إلى ك) :
وكيف كان ذلك؟ أخبرنا بالقصة من أولها إلى آخرها، واكشف لنا عن باطنها وظاهرها.
ك (إلى م، ي) :
لما بلغني خبر الحرب سبقت أهلي وعشيرتي وأتيت في الحال، قصدا مني لأتمكن من رؤيتكم قبل النزال، ومباشرة القتال، وبينما كنت في الميدان إذا بالردي قيصر تقدم إلي بكل إعزاز، وطلب أن أذهب معه خارج المدينة للبراز، فأجبت هذا الطلب بدون أن أعلم لذلك من سبب، ولما بلغنا المحل المقصود التفت إلي كالكاشح الحقود، وقال: إما أنك تتنازل وتترك لي خطيبتك مي وترد أمرها كله إلي، أو لأقتلنك وأسعرن حول عظامك النيران، وأقدمها للآلهة تقدمة قربان، ولا أدع أحدا يحنطك ويكللك بالزهور ويضجعك على فراش من حرير؛ إذ لا تستحق أن تعد من الشرفا ذوي القدر الخطير. فلما سمعت منه ذلك صحت به صيحة رعدت لها مفاصله ارتياعا، وهجمت عليه هجمة طار لها فؤاده شعاعا ، وقلت: خسئت يا ماقط، وكذب فألك الساقط، فستلقى مني بطلا صنديدا، وجبارا عنيدا. وبعد ذلك أخذنا في الجولان، في ساحة الميدان، وقد أقسمت أنني لا بد من أن أرسل نفس ذاك الوغد الذميم، إلى بلوتون سلطان وإله الجحيم، إذ لا أدع أحدا يضع في فمه فلسا لكيلا يمكنه أن يدفع أجرة عبوره نهر الستكا، فيتكبد الألم الجسيم، والعذاب الأليم، ولا يصل إلى النعيم، وقد اشتد بيننا النضال، حتى تمادى الشوط وتطاول المجال، فسطوت عليه قاصدا إعدامه في الحال، ورشقته سهما أصاب صدر الحصان، فوقعا يختبطان على بساط الصحصحان.
ي (إلى ك) :
لا تربت يداك، ولا طربت عداك، اضرب واخمد أنفاسه.
ك (إلى م، ي) :
وبينما كنت مناهزا أن أقطع رأسه، استغاث بي وطلب مني عفو الكرام، فرق قلبي لتذلله، ومننت عليه وأعطيته الذمام.
ي (إلى ك) :
هذه شئون ابن الكرام.
م (إلى ك) :
والآن أين أبي وأخوتي، لماذا لم يأتوا بصحبتك إلى هذا المقام؟
ك (إلى م، ي) :
هم الآن في الميدان، ينتظرون وقت الصدام، إنما أخبريني ما لي أراك على خلاف العادة مغمومة حزينة، هل حدث شيء جديد في المدينة؟
م (إلى ك) :
نعم، وهو أن قيصر قبل ذهابكما للصدام، حضر إلى هذا المقام وجعل يظهر لمي فرط غرامه وهيامه، ويوضح لها عشقه بنثره ونظامه.
ي (إلى ك) :
أي نعم، وأنا كدت أذوق منه البلا والدمار، وما نجاني منه سوى الفرار.
ك (إلى م، ي) :
يا ليتني قتلته وخلصت منه، ولكن هذا لا بد عنه.
م (إلى ك) :
لا يا أخي لا، الأجمل أنك تتركه عتيق سيفك ما دام في الوجود، لكن احذر لنفسك منه لأنه حقود كنود، لا يرعى العهود، ولا يفي الوعود.
ك (إلى م، ي) : ... أمثلي جحجاح يهاب نظيره
ذليلا لئيم الأصل منخلع القلب
فكم شكت البيض الظبا عنده الظما
ولم تشك من كفي سوى شدة الضرب ...
2
نعم، لا بد عن قتله، ولو تعصبت له كل سكان الأرض، ومالت علي الفرسان بالطول والعرض . ... إذا هب العدا يوم النزال
وجالوا بالأسنة والنصال
أبدد شملهم في كل وجه
ولو كانوا بأعداد الرمال
فقد علم الورى بأسي وبطشي
إذا التقت الفوارس في المجال
أروح وأطرب الأصوات عندي
صليل المشرفيات الصقال
وأطيب مشرب أصفو عليه
دم الأعداء في يوم القتال ...
3
ي (إلى ي) :
شدتي أعظم شدة.
ي (إلى ك) :
ومع إظهارك كل هذه الشجاعة والشدة، لم أزل خائفة عليك هذه المدة؛ لأن أعداك عدة ...
ك (إلى ي) : ... ألا يا مي لا تخشي عداك
فكل الناس في أسرى عداك
ومقترن بهذا القول فعلي
ولكني أسير في هواك
وإني عبد مي كل حين
ولو أني علوت على السماك
وأنت البدر يسمو في سماه
فهل أني أنالك من سماك
فنكت بمهجتي وسلبت لبي
وذلك هين لي في رضاك
وها إني الوفي كما تريني
وعلك في الوفاء كما أراك
فديتك ظبية كسبت جمالا
ومرتعها الحشى لا في الأراك
4
أما قيصر الذي لا يستحق منازلتي ومعاناتي معه الصدام، فقسما بالمشتري باري الأنام، وبالآلهة العظام، لا بد عن قتله قبل إقبال الظلام.
م (إلى ك) :
هذا ابن عمك هوراس آت، فاسمح لنا بالدخول لنحضر ما يليق.
ك (إلى م، ي) :
ادخلا، ولكن لا تجعلا لرجوعكما إلى هنا أدنى تعويق.
الجزء الثاني (ك (كورياس) - س (هوراس))
س (إلى ك) : §
الشهم يوم المجال
يمتاز بين الرجال
ما الفخر لبس حرير
كلا ولا حشد مال
إذا هززت الرماحا
حار العدو وراحا
كذا النفوس تولى
إذا انتضيت الصفاحا §
5
ك (إلى س) : §
عاقة الحرب لماذا
ما الذي صائر
س (إلى ك) :
ليس لي علم بهذا
وأنا حائر
س، ك (إلى س، ك) :
قد غدا قلبي جذاذا
وأنا صابر
إذ وقت الكفاح
ألقي الانشراح
ما بين السلاح
والوغى دائر
إنما الحرب هواها
كالهوى العذري
ما لمن يهوى سواها
قط من عذر
حيث في دور رحاها
رفعة القدر
طعني بالمداد
ضربي بالحداد
في يوم الجلاد
مأربي فخري §
6
ك (إلى س) :
إن معظم رغبتي الآن في الحرب لألتقي بقيصر، فإني على قتله عازم، ولا بد من أن أجعل هذا السيف الصارم، لظهره صارم.
س (إلى ك) :
آه منه آه؛ لأنه ساقط الشهامة والمروة، وليس عنده شيء من عزة النفس ولا الفتوة، فأجدر بمثله قطع الراس، وإخماد الأنفاس، وأن يجعل عبرة بين الناس؛ لأني لما توجهت من برهة زمان، لأقابل أباك وأخوتك في الميدان، لقيته فسألته عن مبارزتكما وعن ختامها، مع أني كنت عارف القصة بتمامها، ولكني أردت أن أعرف سرائره، وأكشف ضمائره.
ك (إلى س) :
وهل أقر لك بأني أعطيته الذمام، وعفوت عنه بعد أن كان في يدي أن أصبغ بدمه هذا الحسام.
س (إلى ك) :
أستغفر الله باري الأنام، هو لا يخرج قط من فمه مثل هذا الكلام، فإنه خال من النخوة والشهامة، ولو لم يكن مقربا عند الملك لما عد من أهل الكرامة؛ لأننا نحن الرومانيين لا شرف ولا فخر لنا إلا في الحروب، وإن كانت هذه الحرب الجديدة بين رومية وألبا شاقة على الطباع والقلوب؛ حيث كل له بين أعدائه أقارب وخلان، إلا أنه لم يكن بد من تجريد النظر عن ذلك كله والمبادرة إلى تناول قصب الرهان. ... خل الغرام وذكر الشوق والغزل
وانشد وشبب بذكر الحرب واشتغل
إن هام غيري بمحبوب يذلله
أهم بما فيه عزي منتهى أملي
فما معانقة الأحباب أطيب من
عناق سمر القنا الخطية الذبل
وما ابتسام ثغور الغيد أشوق من
برق الحسام على الهامات والقلل
وعن منادمة الجلاس لي بدل
صوت المنادي وما أشهاه من بدل
وشرب راحي أغنت عنه جمجمة
فيها ارتشاف دم الأعداء حلل لي
ويل العدو إذا ما جئت أطلبه
فلا مفر له في السهل والجبل
لولا حسامي تحت النقع ما وجدت
لها المنايا إلى الأرواح من سبل
أنا الهمام الذي هابت مصادمتي
أسد الدحال وقد باتت على وجل
بالسيف لي ضربة من قبل وقعتها
يعجل العزم منها آجل الأجل ...
7
ك (إلى س) :
ونحن الألبيين أيضا لا يحوز عندنا الشرف والاعتبار، سوى من اعتاد خوض الغبار، واشتهر في القتال جملة مرار؛ ولهذا نفضل أيام الحروب على ما سواها، ونشتهيها ونتمناها. ... وا شوق قلبي لحرب لذ لي فيها
نصر به بلغت نفسي أمانيها
ما القمر إلا بساحات تجول بها
وقد كست جثث القتلى ضواحيها
حيث القنا شبه شهب والسيوف غدت
تحكي وميض بروق في دياجيها
وسابحات المذاكي وهي عابسة
خاضت بحار الدما حتى تراقيها
ويل العدو إذا ما جئت أطلبه
تضيق في عينه الدنيا وما فيها
أنا المجرب رب البيض بادلها
جودا وعند ازدحام الجيش حاميها
إن تعطش الخيل يوم الروع أوردها
بحر الدماء فأسقيها وأرويها
أو تشتكي جوعها ذات المخالب من
لحم الفوارس أغذوها وأقريها
8
س (إلى ك) :
أحسنت يا ابن العم، إنما عاقة الحرب إلى الآن قد سببت لي البلبال.
ك (إلى س) :
أظن أن إبطال الحرب ضرب من المحال، فلعل هذه العاقة هدنة يوم أو يومين أعطيت لأجل تجهيز لوازم الصدام.
س (إلى ك) :
إذا كان الأمر كذلك لا بأس، وبهذه الواسطة يمكننا تتميم أفراحك على مي بهذا اليوم كما كان الكلام، ولكني أعلم جيدا أن لا حاجة للإمهال، حيث كل شيء حاضر للقتال، فلا بد من أن يكون قد عرض مانع عظيم.
ك (إلى س) :
هذا قابل الإمكان، ولعل عاقة أبيك عن رجوعه إلى الآن، لكي يستعلم ...
س (إلى ك) :
قد أصبت، فالأوفق إذا أن أذهب وأستكشف عما كان، وعليك أن تنتظرني لأعود إليك بالأخبار في أقرب أوان.
الجزء الثالث (ك (كورياس) - م (ملكة) - ي (ي))
ك (إلى ك) :
آه لو أني ألتقي بقيصر، لكنت أذيقه الموت الأحمر.
م، ي (إلى م، ي) : §
طالع الإسعاد لاح
وهزار البشر صاح
بلقا من ينجلي
من محياه الصباح
م، ي (إلى ك) :
سيدي كاس المدام
قد تهيا يا همام
إن تشا فادخل بنا
حيث قد راج الطعام
ك (إلى م، ي) :
ينبغي نستنظر
لنرى ما الخبر
فابن عمي قد مضى
وقريبا يحضر §
9
الجزء الرابع (ك (كورياس) - م (ملكة) - ي (مي) - ق (قيصر))
ق (إلى م، ي) : §
الحرب... ...
ك (إلى ق ) :
ماذا أرى
سر يا كذوب
يا ويك أطرق كرى
ق (إلى م، ي) :
أمر غريب
ك (إلى ق) :
إن النعامة في القرى
فاطلب مفرك
ق (إلى م، ي) :
حقا يلام
ذا الكلام
ق (إلى ك) :
فاخش الدمارا
ك (إلى ق) :
رح يا مهان يا جبان
كسيت عارا
م، ي (إلى ك، ق) :
لله كفا الخصام
فلا يوافق
ق (إلى ك) : *
أنت المهان الملام
أنت المنافق
ك (إلى ق) : *
ما أنت يا ابن اللئام
ما أنت صادق
م، ي (إلى ك، ق) : *
ما الوقت وقت الانتقام
الصلح أبرك
ك، ق (إلى ك، ق) : *
لو لم تكن في ذا المقام
أنجزت أمرك
ق (إلى ك) :
فسر بنا
من هنا
إن كنت فالح
فما المقال
كالفعال
والفرق واضح §
ك (إلى ق) :
ويلك، أما تستحي أن تطلبني أيضا للجدال، وقد رأيت من حربي الأهوال. وهذا أيضا بعد ما عفوت عنك ووهبتك الأمان، أيمكنك أن تنكر الآن كما أنكرت على ابن عمي هوراس في الميدان.
ق (إلى ك) :
أنا ما طلبت منك الذمام، إلا حينما قتل جوادي في محل الصدام، ولولا ذلك، لرميتك في شر المهالك.
ك (إلى ق) :
أإلى هنا تتجاسر وتتلقاني بمثل هذا الكلام، فوحق الآلهة الكرام، لولا حرمة أصحاب هذا المقام، لضربت راسك بهذا الحسام، ولا بد أني في هذا النهار، أذيقك البلاء والدمار.
ق (إلى ك) :
هذا عين الفشار، وإن كنت رجلا يفعل بموجب قوله، فهلم نستأنف البراز عن جديد، وهناك يعرف من منا يكون للآخر من جملة العبيد. §
بادر لنذهب للصدام
بلا مطال
ك (إلى ق) :
قد نلت قصدي والمرام
من ذا المقال (يتقابضان.)
ك، ق (إلى ك، ق) : *
هيا بنا للاصطدام
طاب الحمام
م، ي (إلى ك، ق) : *
لله كفا ذا الخصام
فلن يفيدا
ك، ق (إلى ك، ق) : *
من مات يوم الازدحام
شهم حمام
م، ي (إلى ك، ق) : *
بالمشتري باري الأنام
كفا وعودا §
10 (مي تتقدم لتمنع كورياس وقيصر عن الذهاب فلا يمكنانها، بل يتقابضان ويذهبان بحمية.)
الجزء الخامس (م (ملكة ) - ي (مي))
م (إلى ي) :
دعيهما يذهبان للقتال، فإني واثقة بأن أخي يبلغ من خصمه الآمال، وينتصر عليه بإذن الكبير المتعال. ... لا مثل باقي الرجال
أخي يخاف عليه
كورياس ليث المجال
والبأس يعزى إليه
وعن قليل نراه
على الحسود يسود
وسوف يلقى مناه
من قيصر ويعود ...
11
ي (إلى ي) : §
حزني فريد بين الأنام
واف مديد مدى الدوام
م (إلى ي) :
ماذا يفيد بكاؤنا
به يزيد شقاؤنا
ي (إلى ي) :
قل احتمالي مما حصل
كيف احتيالي كيف العمل
م (إلى ي) :
كفي العويلا تشجعي
واصغي قليلا لا تفزعي §
12
ي (إلى ي) : §
شجني يفوق على الشجون
مما بغى الدهر الخئون
لله هل من مسعف
ويلاه... ... ...
م (إلى ي) (ملكة تلتفت نحو باب الخارج) : ... ها هم راجعون §
13
الجزء السادس (م (ملكة) - ي (مي) - ه (أبو هوراس) - س (هوراس) - ق (قيصر) - ك (كورياس))
ه (إلى ك، ق) :
الذي مضى مضى، وأما الآن فعليكما إكراما لخاطري أن تتصافيا على الحب والرضا، وتبقيا باتفاق تام إلى الانقضا. وأود مثلما جرى الصلح بين المدينتين أن تصطلحا مع بعضكما، وتكفا عن بغضكما. (ملكة ومي تظهران الفرح، وأبو هوراس وهوراس يظهران بالإشارات إرادتهما بإجراء الصلحة بين كورياس وقيصر الذي يقف على ناحية مخاطبا ذاته كما يأتي.)
ق (إلى ق) :
ينبغي أن أصطلح مع كورياس الآن، ولا أخبرهم بما سمعته في الميدان، مما لا علم به لأحد غيري بين الفرسان ... لا جرم أن رومية قد أصابت في انتخابها هوراس وأخويه للقتال، ورؤساء الحرب من مدينة ألبا أيضا أصابوا في انتخاب كورياس وأخويه بلا إشكال، أما أنا فإني رابح على الجميع؛ لأن هوراس أقدر من كورياس، فلا بد أن يحوز عليه الانتصار، وحينئذ يذوق خصمي البلا والدمار، فأحصل أنا على مي بلا ارتياب، وأنال مرامي بأهون الأسباب.
ي (إلى س) :
أخبرني يا أخي، كيف كان أمر هذا الصلح الذي حصل؟
ه (إلى س، م، ي) :
ينبغي قبلا أن نجري الصلح بين كورياس وقيصر كما هو الأمل (يصالحهما).
ك (إلى ه) :
أنا إكراما لخاطرك لست أمانع.
ق (إلى ه) :
وأنا أيضا ليس لي مانع (يتعانقان) .
ه (إلى س، ك، ق، م، ي) :
الحمد لله أننا صرفنا المادة بالمودة.
ه (إلى ك، ق) :
والله يبقيكما بهذا الاتفاق إلى آخر مدة.
ه (إلى ي) :
أما سبب الصلح يا بنية بين المدينتين، فهو أنه لما اصطفت العساكر للقتال سمعت رؤساء الحرب تقمقما من الفرقتين، حيث إن أكثر العساكر من الفريقين لهم بين أعدائهم أصحاب وأقارب؛ فلهذا صرخوا جميعهم: لا يمكننا أن نحارب لا يمكننا أن نحارب، ومن هو ذاك المتوحش الذي يحارب أقرباه، ويسعى بقتل خلانه وأحباه. حينئذ اتفق رؤساء الحرب على أن ينتخبوا من عسكر كل من المدينتين ثلاثة فرسان يقومون مقام المعسكر كله في الميدان، وكانت عاقتي لأستخبر عن هذه الكيفية؛ فبعد البحث والفحص وجدت أنها حقيقية، فأسرعت لأبشركم بها لنكون جميعنا بأفراح وفية، وإذا بكورياس وقيصر ذاهبان بكل حمية، فأرجعتهما وأصلحناهما، فنشكر الله باري البرية.
س (إلى ه، ك، ق، م، ي) :
وإلى الآن ما حصل الانتخاب المذكور لتكميل تلك الغاية؟
ق (إلى ق) :
نعم حصل، نعم حصل، وهو يسرني للغاية.
ه (إلى س، ك، ق، م، ي) :
ولأجل هذا ينبغي أن نشكر الله على هذا الإنعام، وبعد ذلك ندخل إلى الداخل ونتعاطى المدام.
ه، س، ك، ق، م، ي (إلى ه، س، ك، م، ق، ي) : §
الحمد لله فقد وافى الهنا
وبلبل الأفراح صاح
والحرب لما ألغيت زال العنا
عنا ونجم السعد لاح
ه، س، ك، م، ي (إلى ه، س، ك، م، ي) : *
سروا على الدوام ما ناح الحمام
فالحزن قد ولى وراح
ق (إلى ق) : *
ذا الحظ كالأحلام في وقت المنام
إذ تنتهي عند الصباح
ه، س، ك، م، ي (إلى ه، س، ك، م، ي) : *
وابقوا بذا السرور ما جن الظلام
وما نفى الليل الصباح
ق (إلى ق) : *
فعن قليل سوف أبلغ المرام
نعم وأحظى بالنجاح §
14
ه، س، ك، ق، م، ي (إلى ه، س ، ك، ق، م ، ي) : §
تمم الزمان مرامنا هذا عجيب
حيث ليس نؤمل منه شيئا ويجيب
فالآن قد جاد لنا وقد زاد
فضلا علينا فعيشنا يطيب §
15 §
السرور اكتمل
ثم تم الأمل
فابشروا بالهنا
وبلوغ الأرب
زال عنا العنا
وأتانا الطرب
فلنطب كلنا
بكئوس الهنا
نستقي بسرور
من خمور السلام
أبشروا بالحبور
وبحسن الختام
الجزء السابع (ق (قيصر))
ق (إلى ق) :
هو ذا ما أروم
ذا الهنا لا يدوم
حظهم لا يطول
فأنال المرام
وعذولي الجهول
سوف يلقى الحمام §
16
الجزء الثامن (ق (قيصر) - ن (روجينا))
ن (إلى ق) : ... يا سيدي إن هذا أعجب العجب
فكلهم أخذوا في اللهو والطرب
هل زالت الحرب حتى إنهم فرحوا
واستبشروا بزوال الهم والكرب
ق (إلى ن) :
سرورهم عن قريب يضمحل وإن
نجوا من الحرب لن ينجوا من الحرب
وعن قليل نرى ماذا يحل بهم
من المصائب والأتراح والنوب
17
الجزء التاسع (ق (قيصر) - ن (روجينا) - ر (إسكندر))
ق (إلى ر) :
أخبر يا إسكندر بما في نفسك، فما القصد من مجيئك إلى هذا المكان؟
ر (إلى ق) :
إني آت يا مولاي من قبل رؤساء الحرب بطلب هوراس وكورياس إلى الميدان، فإن القوم بانتظارهما.
ق (إلى ر) :
وهل وجدتم أخويهما فإنهما ليسا هنا الآن؟
ر (إلى ق) :
أخوا هوراس وجدا بين معسكر الرومانيين، وأخوا كورياس أيضا بين عساكر الألبيين، والفريقان حاضران وللأوامر منتظران.
ق (إلى ر) :
أحسنت فادخل إلى الجوا تجدهما، وأعلمهما بما أتيت به وأفدهما.
الجزء العاشر (ق (قيصر) - ر (روجينا))
ن (إلى ق) :
أعلمني يا سيدي بما جرى، فما عندي علم شيء مما طرا، فما عسى أن يكون ... (يسمع ضحك وقهقهة من الداخل) .
ق (إلى ن) :
مساكين مساكين، اسمعي كيف يضحكون ويتقهقهون، فاعلمي يا روجينا أن رؤساء الحرب قد انتخبوا من كل مدينة ثلاثة فرسان، يقومون مقام العسكر كله في الميدان؛ فرومية انتخبت هوراس وأخويه وألبا كورياس وأخويه، ولا علم لأحد منهم إلى الآن بشيء مما أطلعتك عليه، بل إنهم علموا بإبطال الحرب فقط، وأنه سيحدث الانتخاب ، وما دروا بما أعلنته لك في هذا الخطاب، فدخلوا فرحين من هذا القبيل، ولكن سيعقب سرورهم هذا حزن وبيل، وأفراحهم تعود إلى الأتراح منقلبة؛ لأن هوراس وأخويه هم بلا ريب أقدر من كورياس وأخويه، فلا شك أنهم يحوزون عليهم الغلبة، وحينئذ تدور على كورياس دوائر الهلاك، وينشب من المنية في أشراك، فيتهيأ لي إذ ذاك أن أحصل على مي بلا ريب، وأنت يا روجينا عليك أن تساعديني، وأنا لا أقصر معك كما يشهد علي عالم الغيب.
الجزء الحادي عشر (ق (قيصر) - ن (روجينا) - ر (إسكندر))
ر (إلى ق، ن) :
أوصلت الأوامر إليهما، وقصصت الأخبار عليهما، فكف الجميع عن شرب المدام، وتناول الطعام، وطلب هوراس آلة الجلاد، وأخذ هو وكورياس في الاستعداد، أما ملكة ومي فبكاؤهما أحزن قلبي وهيج كربي.
ن (إلى ن) :
ينبغي أن أدخل لأرى ما تم، فقد كاد قلبي ينفطر من الجزع والغم.
الجزء الثاني عشر (ق (قيصر) - ر (إسكندر))
ر (إلى ق) :
في الحقيقة يا مولاي، إن هذه الحرب قاسية بربرية.
ق (إلى ر) :
صحيح، ولكن نتيجتها شهية، حيث كما في معلومك أنه إذا انتصر هوراس وأخواه فكأن رومية انتصرت، فتستولي على ألبا وجميع ملحقاتها، وبالعكس إذا ظفر كورياس وأخواه، فكأن ألبا ظفرت فتستولي على رومية وسائر مقاطعاتها.
ر (إلى ق) :
ولكن يا سيدي قساوة هذه الحرب ظاهرة لجميع الناس؛ فمن الجهة الواحدة هوراس متأهل بأخت كورياس، وكورياس من الجهة الثانية مزمع في أقرب وقت أن يتأهل بأخت هوراس، فكلاهما صهر وابن عم صاحبه بلا التباس، أما العذاب العظيم عند ملكة ومي، فكلتاهما على الحالتين في خسران؛ لأنه إذا انتصرت فرسان رومية في الميدان فتبكي ملكة فقد إخوانها وتشكو مي فقد خطيبها، وإذا ظفرت ألبا فتحزن مي على إخوانها وتنوح ملكة على بعلها وحبيبها، فانتصار أية كانت من المدينتين لا يرضيهما، وانكسار كلتيهما يؤذيهما.
ق (إلى ر) :
صدقت، إنا فرحي أنها بهذه الأخبار لكوني مؤكدا أن الهوراسيين هم أقدر من الكورياسيين، فلا شك يفوزون بالانتصار، ويقتل كورياس خطيب مي في الميدان، فيمكنني حينئذ أن أتخذها امرأة لي وأستريح مدى الزمان، فإني أحبها محبة تفوق الإمكان، ومع احتقارها لي لا تزيدني إلا شوقا وهياما، فقد كدت أموت بها صبابة وغراما ... (يسمع صراخ فرسان من محل بعيد).
ر (إلى ق) :
اسمع، اسمع صراخ الفوارس في الميدان، فسر بنا يا مولاي لنرى ما كان.
الجزء الثالث عشر (م (ملكة) - ي (مي))
م (إلى م) : §
إلهي، قد أبان الدهر نابا
فعن فرحي الشديد الحزن نابا
أيا مولاي لم أحمل عذابا
وجسمي من جرى الأشجان ذابا
فموتي الآن خير من حياتي
أراك ولست أدري ما جناحي
قصدت تقص يا دهري جناحي
فهل يا دهر لم تسمع نواحي
وقد ضجت به هذه النواحي
ألا فارحم وجد لي بالممات
ي (إلى ي) :
ألا يا دهر ما طال السرور
ألا يا دهر أعقبه شرور
ألا يا دهر ما هذا الفجور
كفاك علي يا دهري تجور
أما تحنو على ضعف البنات
فتاة لم تطق جورا مديدا
وقهرا لم يزل أبدا جديدا
وحزنا لا يفارقها شديدا
فقد فاقت قساوتك الحديدا
أيا دهري ونفسي كالنبات §
18
م، ي (إلى م، ي) : §
خان دهري
حان قهري
وخوى عزمي
ضاع صبري
ضاق صدري
وذوى جسمي
صبري رحل
جسمي انتحل
دنا الأجل
ما كان إثمي
خاب الأمل
كيف العمل
هل يحتمل
نظير غمي §
19 §
كنت خلت البؤس عنا قد نزح
أملي خاب وظني ما نجح
رؤساء الحرب هذا الظلم قد
قد قلبي فوهى مني الجلد
بئسما أجريتم بالانتخاب
من جراه نابني شر مصاب
من مجيري من نصيري من معين
ارفقوا في حالتي يا ظالمين §
20
م (إلى م) :
قد كبا مهر صبري بميدانه
حيث حمله الحزن ما يثقل
لو قسمت عذابي لكل الأنا
م لما حملوا سدس ما أحمل
21
ي (إلى ي) :
يقولون صبرا على ما دهاك
وهيهات ما الصبر عندي بنافع
صرفت اصطباري وما نلت من
زماني إلى الآن غير الفجائع
أحاط فؤادي شديد العنا
نظير الخواتم حول الأصابع
22
م (إلى ي) :
الآن يا مي بحق البكا والأنين.
ي (إلى م) :
الآن ابتدا يتم قول أحد المنجمين، الذين بعضهم من تأملهم في أحشاء الذبائح التي تقدم للآلهة على المذابح، وبعضهم من تفرسهم في طيران الطيور وصدحها وأكلها، حين يزجرون ينكشف لهم الغيب إن خيرا وإن شرا؛ فأحدهم تنبأ لي بأنه لا بد من أن تداهمني مصيبة كبرى، وذلك في هذه الثلاثة أيام الاحتفالية من شهر كانون الأول، أعني أيام الأعياد الساتورنالية من سنة ثلاثة آلاف وثلاثماية وخمسة وثلاثين للخلقة الآدمية؛ ولهذا قد كنت أوصيت البنات الفيستالية، بإيقاد البخور، ونشر الزهور، وإشعال النار، ليلا مع نهار، على مذبح الإلهة فيستا التي هن متخصصات لخدمتها، لكيما تقينا جميعنا من الأضرار بنعمتها وقدرتها.
الجزء الرابع عشر (م (ملكة) - ي (مي) - س (هوراس) - ك (كورياس))
ك (إلى س) : §
أنا ليس لي صبر ولا جلد لكي
أطيق وداعا لم تطقه صخور
س (إلى ك) :
وهل نظرت عيناك شهما نظيركم
يرد كئوس الحين حين تدور
ك (إلى س) :
أنا ليس خوفي أن أموت لدى الوغى
فمن مات تحت النقع فهو خطير
س (إلى ك) :
كذا فليكن من يدعي الفخر والعلا
ومن حاد عن هذا السبيل حقير §
23
م (إلى س، ك) :
إني لأعجب منكما كيف تطيقان أن تقتلا بعضكما بعضا، مع أني إلى الآن لم أر بينكما عداوة ولا بغضا.
ي (إلى س، ك) :
وأعجب من ذلك قساوة أبي كيف أمرنا بالخروج إلى هذا الإيوان، ولم يدعنا نتودع منكما برهة زمان.
س (إلى م، ي) :
إنه لم يفعل ذلك إلا مخافة أنكما ببكائكما تضعفان عزائمنا فتنبو عن الجلاد في الهيجاء، وتصيب أدمعكما جذوة حميتنا، فيدركها الخمود والانطفاء. والآن فكفا عن البكاء على غير طائل، وعليكم بعد الحرب أن تتناسيا المقتول بفرحكما بانتصار القاتل.
س (إلى ي) :
إذا عدت بعد الحرب والنصر صاحبي
فلا تذكري من نال بالموت فخره
وإن مت فارضي قاتلي بعد مصرعي
حليلا وإن حنى نجيعي نحره
ي (إلى س) :
ألا ليت لي قلبا كقلبك قاسيا
لكي ألتقي جور الزمان وغدره
ك (إلى م) :
إذا عدت منصورا فلا تحزني لمن
إذا مات تحت النقع مات خطيرا
وإن مت لا تبكي أخاك كهالك
فللدهر يحيي الذكر منه شهيرا
م (إلى ك) :
بأيكما تسخو النفوس إذا قضى
ألا فاتركانا للشجون وسيرا
إلى الله نشكو أمرنا كيفما انتهى
وإياه نرجو مسعفا ونصيرا
24
س (إلى ي) :
ودعيني يا مي قبل ارتحالي
ودعي أمر ذا البكا والنحيب
ي (إلى س) :
يا شقيقي ألست ترحم ضعفي
رب غفرا فقد توالت ذنوبي
ك (إلى م) :
ودعي يا أختي أخاك وكوني
ذات صبر فالصبر خير معين
م (إلى ك) :
يا شقيقي ألا ترق لحالي
أم ترى لا ترى لشجو أنيني
س (إلى م) :
بنت عمي تجلدي وهلمي
ودعيني، فربما لا أعود
م (إلى س) :
قل صبري، يا لهفتي، ما احتيالي
فإلى كم يا دهر أنت حقود
ك (إلى ي) :
يا ابنة العم ودعيني فما لي
أمل بعد في اللقا والرجوع
ي (إلى ك) :
جد بحتفي أيا زمان فإني
أحسب الموت لي أبر صنيع
25
الجزء الخامس عشر (س (هوراس) - ك (كورياس) - م (ملكة) - ي (مي) - ر (إسكندر))
ر (إلى س، ك) :
قد أرسلني رؤساء الحرب إليكما يا سيدي لأستدعيكما، فإن القوم لكما بالانتظار.
س (إلى ر) :
أحسنت.
س (إلى ك) :
فسر بنا يا كورياس إلى حيث نسعى لبعضنا بالويل والدمار.
ك (إلى س) :
أي نعم، فها هنا محبة ووداد، وهناك عداوة وعناد.
ر (إلى س، ك) :
وقد اصطفت العساكر وضربت آلات الحرب والجلاد، وخفقت البنود وارتفعت، ورقصت القلوب وانصدعت، والجمع منتظر حضوركما في الحال، فسيرا ولا تؤخرا وقت النزال.
س (إلى م) : §
ألا ودعيني يا غزالي فربما
أبيت قتيلا في الفلاة فقيدا
م (إلى س) :
ألا ليت لم أعرفك أصلا فلم أبت
أقاسي عذابا بالفراق شديدا
ك (إلى ي) :
ألا زوديني منك آخر نظرة
إذا مت عقباها أموت سعيدا
ي (إلى ك) :
ألا ليت لم أخلق ولم أدر ما الهوى
فيمسي عن قلبي الشقاء بعيدا
س (إلى ي) :
أيا نور عيني كفكفي الدمع واكتفي
فحسبك من دمع يذيب فؤادي
ي (إلى س) :
فؤادك صخر لا يلين لأدمعي
فخذ بيدي إني عدمت رشادي (تتكئ على هوراس مغشيا عليها.)
ك (إلى م) :
ألا يا منى روحي زفيرك مضرم
بقلبي شرارا مثل قدح زناد
م (إلى ك) :
فراقك مر والممات حلا ولم
أنله فمن لي أن أنال مرادي §
26 (تتكئ على كورياس مغشيا عليها.)
الجزء السادس عشر (س (هوراس) - ك (كورياس) - م (ملكة) - ي (مي) - ر (إسكندر) - ه (أبو هوراس))
ه (إلى س، ك، ر) : §
كفاكم أيا سباع
واستعجلوا فالوقت ضاع
س، ك (إلى س، ك) :
حيث انتهى أمر الوداع
هيا لنمضي للقراع
ه (إلى س، ك، ر) : *
إذا المطل ما منه انتفاع
في الحال سيروا
س، ك (إلى س، ك) : *
إن المعالي في الصراع
هيا نسير
م، ي (إلى م، ي) : *
لا أستطيع الاستماع
من لي مجير
آمان
س، ك (إلى س، ك) :
لقد دنا
ما لذنا
فسر بنا
م، ي (إلى م، ي) :
أما أنا
فقد منى
جسمي الضنى
س، ك (إلى ه، م، ي، ر) :
لربما وداعنا هذا الأخير
م، ي (إلى م، ي) :
آمان §
27
الفصل الثالث
الجزء الأول (ه (أبو هوراس) - م (ملكة))
ه (إلى م) :
خير له في الوغى لو أنه قتلا
من أن يروم النجا عمدا كما فعلا
لئن تخلص ممن رام مقتله
فليس يبلغ مني القصد والأملا
ما كان أجدره بالحمد مني لو
قضى كما أخواه في الوغى قتلا
قد كنت أحسبه من قبلها بطلا
فساءني أن ظني فيه قد بطلا
م (إلى ه) :
يا سيدي لا تكن ... ...
ه (إلى م) : ... ... ... ... العدل يلزمني
لا بد من قتله إن حل أو رحلا
م (إلى ه) :
أرجوك عفوا له ... ... ...
ه (إلى م) : ... ... ... اليوم من دمه
أطفي بأحشاي جمرا منه قد شعلا
إذا بقيت بغير ابن فأيسر لي
من أن أكون أباه بعدما حصلا
م (إلى ه) :
هذه قساوة قلب لا نظير لها
ه (إلى م) :
عين العدالة هذي فاقصري العذلا
م (إلى ه) :
أرجو له العفو فاصفح ... ...
ه (إلى م) : ... ... ... ... غير محتمل
عندي سوى قتله كي أشفي الغللا
تبغين مني له عفو الكرام ولم
يترك إلى العفو عندي بعدها سبلا
عفوي بعيد كبعد النجم عنه وهل
سمعت أن امرأ للنجم قد وصلا
1
م (إلى ه) : §
مولاي رفقا بحالي
وارحم فؤادي الجريحا
ه (إلى م) :
تبغين عين المحال
فلست قطعا سموحا
م (إلى ه) :
مولاي رفقا فروحي
قد عز عندي بقاها
فقل لروحي روحي
إن كنت تبغي فناها §
2
ه (إلى م) :
قد قلت لك لا تتعبي، فلا بد من قتله، فلا أريد أن أبقى طول عمري تحت الخجل والعار لأجله، نعم لو أنه قتل نظير أخويه لكان خيرا له من الهزيمة، والآن أيضا خير له أن يموت بسيفي ولا يعيش عيشة ذميمة، وخير لي أيضا أن أعدم ابني وثمرة أحشائي من أن أدوم أبا لمن يجلب على عيلتنا العار، ويلبسها ثوب الذل والشنار، ويعدمها العز والافتخار.
ه (إلى ه) :
وا حرباه عليك يا هوراس، فأنت ... أنت ... أنت لست بابني يا أجبن الناس.
م (إلى ه) :
ترفق يا مولاي، ولا يهج فيك الغضب والحمية قبل أن تتأكد القضية.
ه (إلى م) :
إني تأكدتها وصدقتها حيث أخبرني بها إسكندر أحد عساكرنا الرومانيين، فضلا عن أصوات الفرح التي سمعناها من العساكر الألبيين دلالة على انتصارهم، وهذا واضح مبين.
الجزء الثاني ((ه (أبو هوراس) - م (ملكة) - ق (قيصر)
ق (إلى ه) : §
قد أرسلني مليكنا بين يديك
يا ذا القدر
إذ أمرني بأنني أتلو عليك
أشهى خبر
ه (إلى ق) :
هذا خبر... ... ...
ق (إلى ه) : ... ... مفرح بل يحلو
مثل العسل
فاسمع قصصا بها يحار العقل
والأمر جلي §
3
قد أرسلني مليكنا تول المعظم بين يديك لأعزيك الآن بالنيابة عنه على فقد ولديك، ولكي أظهر لك ...
ه (إلى ق) :
أما من خصوص ولدي اللذين قتلا في الميدان، فإني منهما على غاية المسرة والرضوان؛ لأن كليهما إنما فعلا ما يتوجب عليهما، وأما هوراس ...
ق (إلى ه) :
ينبغي الآن أن تعزه، ليس كذي قبل فقط بل أشد؛ لإنه من الآن فصاعدا هو يقوم مقام الثلاثة بلا رد.
ه (إلى ق) :
يا ليته قتل مثلهما، ولا فعل كما ...
ق (إلى ه) :
يا للعجب! أنت وحدك فقط تذمه فيما فعل.
ه (إلى ق) :
نعم، ويتوجب علي أنا وحدي أيضا أن أعاقبه على ذلك العمل.
ق (إلى ه) :
وما هي أفعاله التي أبداها هذه المرة حتى يستوجب منك هذه الكلمات المرة؟
ه (إلى ق) :
وهل هربه من ساحات الحرب يستحق المدح ويستجلب محبة القلب؟!
ق (إلى ه) :
ولكنه ما طلب الهرب إلا عندما وجب، قد فعل فعل حكيم عاقل، يراعي صروف الزمان، فكان بهربه هذا يستوجب المدح والرضوان، لا الذم والخذلان؛ لأنه لولا ذلك لكان ...
ه (إلى ق) : §
كفاك تهذي بي
كفاك تعذيبي
علمت ما قد جرى
لا تبغ تكذيبي §
4
ه (إلى ه) :
آه، ثم آه، لو أني أراه، لكنت بغير شك أقتله، وإلى الجحيم أرسله.
ق (إلى ه) :
إنني لمتعجب غاية العجب، من إظهارك شدة هذا الغضب، على ابنك الذي لولاه لكنا الآن في أسر العدا، ولولاه تسلطت علينا الفضيحة أبدا، ولولاه ما انتصرت رومية على ألبا، واستولت على الملك طول المدى، ولولاه ... ولولاه ...
ه (إلى ق) :
رويدا رويدا، كفى كفى، تعد وتفسر أحلام! ما هذا الشرف والانتصار والملك للدوام، وأين شرفنا وجاهنا إذا كانت ألبا حازت على رومية الانتصار.
ق (إلى ه) :
الظاهر أنكم إلى الآن ما علمتم بكل ما جرى وصار، فإن رومية هي انتصرت.
ه (إلى ق) :
رومية هي انتصرت؟ كيف هذا؟ اقصص علي الأخبار باختصار.
ق (إلى ه) :
إن هرب هوراس بعد قتل أخويه كان حكمة لا تعاب، وغايات يعجب بها أولو الألباب غاية الإعجاب، وذلك أنه لما رأى نفسه بعد مقتل أخويه قد أصبح وحده، ورأى أعداءه الثلاثة مجتمعين ضده، أيقن أنه لا حيلة له إلا بالفرار، وجعل ذلك شركا لهم حتى يصب عليهم الدمار، وكانوا ثلاثتهم قد أثخنوا بالجراح، ووهت عزائمهم دون المجالدة والكفاح، غير أنهم يغلبونه لو حاربهم معا وهم مجتمعون عليه، وإن كان إلى الآن صحيح الجسم لم يصل أدنى سوء إليه، فخالج قلبه أنه إذا هرب يسعون وراءه بالطلب، وإن بعضهم يكون أسبق من بعض بحسب كثرة جراحه أو قلتها، وشدة آلامه أو خفتها، فيفرقهم عنه بهذه الحيلة بعد ذلك الاتحاد، ثم يعطف على كل منهم فيقتله على انفراد، وكان من المحال أن يتغلب عليهم وهم سواء.
م (إلى م) :
آه يا حسرتي على أخوتي، أخوتي الثلاثة يقتلون معا، ما هذا البلاء!
ه (إلى ه) :
إنه لأطرب الأنباء.
ه (إلى ق) :
لا جرم أن ابني من رجال الحكمة والدهاء؛ إذ علم أنه إذا تبعوه كان بعضهم أسبق من بعض بحسب ما به من الجراح والأسواء.
ق (إلى ه) :
أي نعم، وهذا الذي حدث، فإنه ارتد عليهم كالأسد القسور، وقتلهم الواحد بعد الآخر، وقد أمرني أن أبشرك بهذا الخبر أو أنعى إليك في من نعى. مليكنا تول المعظم الذي سيحضر إلى هنا بشخصه عن قليل ليعزيك ويهنيك معا، وقد وعدني أيضا بأنه يبذل في استعطافك غاية الجهد والعناية، لتسمح لي بخطبة السيدة مي التي سترى مني خيرا من خطيبها الأول وأحسن للغاية، فأذن لي الآن بالذهاب حيث أمرني الملك بالرجوع إليه في الحال. وعند حضوره أسبق وأخبرك بقدومه لكي تستعد للاستقبال.
ه (إلى ق) :
آه، الآن انشرح صدري وانجبر كسري، وحيث هذه هي إرادة مليكنا المفضال، فأنا مستعد لتتميم أوامره في الحال.
الجزء الثالث (ه (أبو هوراس) - م (ملكة))
ه (إلى م) :
وأنت يا ملكة تدرعي بالصبر والجلد، ولا تحزني على فقد إخوتك، فذكرهم يحيا إلى الأبد، وأنا داخل لأوعز إلى روجينا الخادمة بأن تحضر ما يليق بمولانا الموقر، فإنه عن قليل يشرف دارنا كما أخبرنا قيصر، وربما يتنازل ويتناول عندنا الطعام إكراما لانتصار ابني بعلك هوراس في ساحة الصدام.
الجزء الرابع (م (ملكة))
م (إلى م) : §
الدهر أبلاني
بفقد إخواني
فالقلب ذابا
والموت طابا
والعيش أعياني
يا دهر ما ذنبي
ذوبت لي قلبي
قل احتمالي
كيف احتيالي
من يلتقي كربي §
5
الجزء الخامس (م (ملكة) - ي (مي))
ي (إلى م) :
ماذا ترى جد هذه المدة في الميدان، وإني من برهة سمعت عساكر رومية يصرخون لا شلت أناملك يا فارس الفرسان، ثم بعد ذلك سمعت أصوات الفرح من معسكر الألبيين، فأضحيت في الحالين بين الشك واليقين، فأخبريني عما حصل، لعل الخبر إليك اتصل.
م (إلى ي) :
نعم عرفته، وليتني مت قبلما كشفته، والآن انفصل القتال، وانتهى الجدال، ورومية حازت بالظفر، هذا هو الخبر.
ي (إلى م) :
فإذا، قتل حبيبي كورياس.
م (إلى ي) :
نعم، ومن الفرسان الستة المنتخبين لم يسلم سوى هوراس.
ي (إلى ي) :
يا لهفتي!
م (إلى م) :
يا حسرتي!
م، ي (إلى م، ي) : §
ألا يا عين أجري دمعك القاني
فحق الآن أن يجري كمرجان
وزد يا دهر أنى شئت أشجاني
فلا يخشى غريق بل أردان §
6
الجزء السادس (م (ملكة) - ي (مي) - ن (روجينا))
ن (إلى م) :
إن مولاي أبا هوراس يدعوك إليه يا سيدتي ملكة في الحال، لتنظري معنا في ما يجب تحضيره للملك، فإن الأمر يطلب الاستعجال.
ي (إلى م) :
كيف تدخلين أمامه وعيناك بالدموع مغرورقتان.
م (إلى ي) :
أحسنت.
م (إلى ن) :
فادخلي يا روجينا الآن، فإني أحضر بعد برهة من الزمان، ولا تخبريه بشيء مما رأيته من بكائنا الآن، فإن ذلك يصعب عليه، ولا يحسن لديه.
ن (إلى م) :
السمع والطاعة يا مولاتي، ولكني أراه مصيبا بمنعكما عن البكاء والأسف، فإن الحزن يؤدي إلى التلف.
الجزء السابع (م (ملكة) - ي (مي))
م (إلى ي) :
ولما أخبرنا قيصر بهذه الواقعة الشؤمى، شعرت كأن فؤادي يذوب أسفا وغما، ثم طلبك من أبيك فلم يلبث أن وعده بذلك.
ي (إلى م) :
موتي ألف مرة ولا رؤية وجهه الحالك، فذلك لا يتم ولو ألقيت في شر المهالك، وا أسفي أستبدل البدر بزحل المشئوم بين النجوم، وأرضى من الهزار بالبوم، حاشا وكلا، وعظمة الله الجلى، إن قلبي لا يهوى إلا ... فكورياس كورياس لا أحب سواه، ولا أنقض ذمة هواه، كورياس كورياس يا مالك فؤادي، وغاية مرادي، بل يا مورثي الحسرات، ومجرعي غصص الذل إلى الممات. ... يا فارس الفرسان يا أسد الوغى
يا قاهر الأقران يا ذا السؤدد
موتي ألذ من الحياة وقد غدا
ذاك الجمال معفرا في الفدفد
هيهات لا يصل السرور حشاشتي
والعيش بعدك أرخوا لم يرغد
7
م (إلى ي) :
إني داخلة الآن لأرى عمي ماذا يريد، ولعلي أعود إليك بعد قليل. وأنت فتمسكي بحبال الله واستعصمي بالصبر الجميل.
الجزء الثامن (ي (مي))
ي (إلى ي) : §
قلبي كواه البين
بفقد نور العين
وما معيني غير الأنين
قد حان مني الحين §
8 ... يا ليت ليلة أمس طالت سرمدا
وصباحها المشئوم ضل عن الهدى
بل ليت يا كورياس لم أعرفك في
عمري وليتي قبلها ذقت الردى
كم بت أنتظر اللقا حتى دنا
يا ليت لا كان اللقاء تجددا
كم كنت قبل اليوم أشكو بعدكم
فلقد غدوت اليوم عني أبعدا
يا حبذا ذاك البعاد وحبذا
خلس تخذت بها لقربك مرصدا
يا منيتي كورياس يا خير الورى
يا منجد الملهوف يا غيث الندا
يا من تهاب لقاه آساد الشرى
إن هز في يوم العراك مهندا
عودت آساد الحمام فرائسا
إذ كنت تقريها بأجساد العدى
حتى غدوت لهن أنت فريسة
ويلاه والمعتاد حيث تعودا
أعوزتها قوتا وقد نفذ العدى
فلو استطعن لما أبين لك الفدا
ولو استطعت جعلت روحي فدية
لك فهي في الحالين موردها الردى
يا موت عجل فالحياة ذليلة
بعد العزيز ولا تؤجل موعدا
بئس الحياة ولا أرى في غمرتي
إلا انسكاب دموع عيني منجدا
ما زلت أذرفها لتطفئ زفرتي
حتى غدوت أخاف من أن تنفدا ...
9
الجزء التاسع (ي (مي) - س (هوراس) - ر (إسكندر)) (هوراس بآلة الحرب، مكلل بالزهور، ملطخ بالدم، وإسكندر حامل بعض من أسلحة القتلى.)
ي (إلى س) :
هوراس ما
هذي الدما (يغشى عليها.)
س (إلى ي) :
شقيقتي
يا مهجتي (يرشها بالماء.)
نلت الظفر
فذا الأثر
جل إعزازا
في ذا الزمن
يا عز من
مثله حازا §
10 (مي تستفيق.)
إني لم أكن أتوقع منك هذه المعاملة، وأن تقابلي أفعالي بهذه المقابلة.
ي (إلى س) :
وأنت كيف أمكنك أن تظهر أمامي ملطخا بدم حبيب قلبي، وتزيد لوعتي وكربي.
س (إلى ي) :
حسبك من مكافأتي بمثل هذا التقريع، ومقابلتي بهذا التعنيف الشنيع، على أفعالي التي استوجبت الحمد والغبطة عند الجميع. ولقد كان الأجدر بك أن تفرحي لانتصاري وتحمدي قدرتي ونخوتي، ولا تتعتبي علي لأخذي بثأر إخوتي.
ي (إلى س) :
يا قاسي الفؤاد، أتروم أن أفرح لمن قتل خطيبي، وأطال لوعتي ونحيبي، وحرمني من الدنيا نصيبي.
س (إلى ي) : §
كفي النحيب
واسلي الحبيب
ي (إلى س) :
هذا المقال
عين الضلال
س (إلى ي) :
عي للكلام
كفي الملام
قد وهى صبري
ي (إلى س) :
صدري حصر
دعني وسر
قد كفى قهري §
11
أما إنك لو كنت من ذوي العدل والإنصاف، لما كنت تتباهى بقتل كورياس، بل لكان الأمر بالخلاف؛ إذ لا جرم أن كورياس لم يكن يريد أن يقتلك لمراعاته أنك بعل أخته، ولولا ذلك كان يمكنه كما قتل أخويك أن يقتلك أيضا من وقته، ولكنه حبا لأخته ملكة قد أشفق عليك من الهلكة، فلماذا يا ظالم لم تقتد بفعله حبا لشقيقتك هذه المسكينة، فتركتني إلى الأبد عليه حزينة، وقد شاعت قساوتك بين كل أهل المدينة.
س (إلى ي) : ... ما عدت أحمل هذا العتب مرتضيا
فاللوم يحرقني كالنار في الحطب
مي اقصري ودعي ذكر الحبيب فلا
يجدي ملامك غير الحزن والكرب
ي (إلى س) :
ويلاه كيف ترى أنساه وا أسفي
حاشا ومن بعده لا عيش لي وأبي
يا فارس الخيل يا من لا شبيه له
من بعدكم عنصر الأيام لم يطب
يا ليت قد حان حيني قبل حينكم
يا من مدى الدهر عن عيني لم يغب
حيف يضمك لحد كنت تودعه
يوم الوغى كل جحجاح ومنتخب
حيف على حسنك الزاهي حكى قمرا
ويلاه من ذا رأى الأقمار في الترب
حيف على قدك الخطار تقصفه
أيدي المنون بلا ذنب ولا سبب
حيف مخدرة تبكي عليك أسى
يا عين جودي وزد يا قلبي باللهب
ما كنت عني يا كورياس ذا صمم
إذا دعوتك يا كورياس في كربي
خفضت للموت رأسا كان يرفعه
نصب المكارم في روض العلا الخصب
الخيل والسيف والأقلام تندبه
س (إلى ي) :
كفي الملام وإلا فاحملي غضبي
ي (إلى س) :
تالله قد ثكلت ألبا مزينها
كما يزين ثغر الكأس بالحبب
قد كان مفرد قوم في شجاعته
وكان يجمع بين المجد والنسب
اليوم تشمت حسادي فوا حزني
تبت يدا من رماه اليوم بالعطب
ي (إلى س) :
من شاع ذكر اسمه في قتل فارسنا
لا عاش من بعده يوما بلا نصب
ر (إلى س) (مشيرا عن هوراس) :
حملته منك ما لو عشره حملت
أعلى الجبال لمادت منه للترب
س (إلى ر) :
أما كفاك اللوم والعتب يا مشئومة، حتى اتصلت إلى الشتيمة، فهل شيء بعد هذه الجسارة العظيمة، فكفي عنها وإلا قتلتك كمجرمة أثيمة.
ر (إلى س) :
دعها الآن يا مولاي، فإنها متألمة على فقد حبيبها، وسوف تعرف قدرك عندما تنسى حب خطيبها، فالآن جرحها جديد، فإذا رمت أن تردعها عن فعلها هذا لا تستفيد
ي (إلى ي) :
رومية أيتها المدينة المشيدة الأركان، التي بسببها قتل حبيبي سيد الفرسان، سلطت الآلهة عليك النيران، لتهدم أبراجك وأسوارك المتينة البنيان، وتهلك جميع سكانك من شيوخ وغلمان، ولا زالت تعمل فيهم بيض الصفاح، وتنوشهم حمر الرماح، وتطرحهم أشباحا بلا أرواح، حتى تدنس من روائحهم الرياح، وتقيم منهم على السهول جبالا، وتجعل جماجمهم للخيول نعالا، وقلب الله عمارك إلى خراب، حتى يأوي إليك البوم والغراب.
س (إلى ي) :
آه يا شقية، أتشتهين خراب التي بروحي أفديها، وبسيفي وذراعي أحميها، وتوبخيني كأني فعلت أمرا ذميما، إذ اكتسبت بقتل كورياس شرفا عظيما.
ي (إلى ي) :
أمطري نارا أيتها السموات، وأحرقي إكليل الشرف الذي ناله بقتل ذاك الفارس الكريم، وكلل به رأسه المنفوخ بالتجبر اللئيم، و... و... وقتلتك الآلهة لتنتعش عظام حبيبي وهي رميم. (هوراس يهجم على مي فتهرب منه، فيستل خنجره ويضربها فتسقط مائتة.)
س (إلى ي) :
موتك أحرى يا شقية، فموتي كما تموت كل رومانية تبكي عدو الأوطان.
ي (إلى س) :
آه، قتلتني يا ظالم.
ر (إلى س) :
هوراس ما هذا ... هوراس ماذا كان ... هوراس ماذا فعلت ... هوراس ومن قتلت؟
س (إلى ر) :
فعلت ما قد فعلت، وفيما فعلت عدلت.
ر (إلى س) :
قد كان الأولى بك لو أنك عن هذا الفعل عدلت، ها أبوك آت من هذه الناحية، فادخل حالا من الجهة الثانية، امض امض لا تتأخر ولا ثانية.
س (إلى ر) :
ولكن ...
ر (إلى س) :
امض حالا بلا قال وقيل، وأنا ذاهب الآن وسأعود إلى هنا بخدمة الملك بعد قليل.
الجزء العاشر (ي (مي) - ه (أبو هوراس)، (مي مقتولة على ناحية))
ه (إلى ه) :
متى ألتقي ولدي الأبسلا
وحيدي هوراس سامي العلا
ومن فيه فخري سما واعتلى
ونلت الأماني بين الملا ...
12
آه يا إلهي متى أراه حتى ألثم عارضيه، وأقبل ما بين عينيه، وكم أنا نادم على ما قلته في حقه قبل الآن بسبب هربه من الميدان، ولكن ما علي من ذلك لوم لأني لم أكن عالما بكل ما كان، لا جرم أنه ينبغي الآن أن أحبه أكثر من الأول؛ لأنه هو الآن ركن دولتنا العلية، والذي عليه المعول، وهو الذي من الآن فصاعدا يسلي فؤادي، وينسيني ثكل أولادي. §
وحيدي ومن فيه آمالنا
تعلقت الآن دون البشر
نهني به نفسنا مثلما
نهنئ رومية بالظفر §
13
الجزء الحادي عشر (ه (أبو هوراس) - ق (قيصر) - ي (مي))
ق (إلى ه) : §
أسفا خابت ظنوني
كيف احتيالي
وما العمل
وا أنيني وا جنوني
مما جرى لي
وما حصل
ه (إلى ق) :
يا عزيزي بالتأني
ماذا دهانا
قل بالعجل
ق (إلى ه) (يرى مي) :
هاك فانظر لا تلمني
فالصبر خانا
وقد رحل §
14
ه (إلى ق) :
ويلك، يكفي دهشة، أخبرني ما جرى؟ وما هذا الذي أرى؟ ومن الذي فعل بها هذا من الورى؟
ق (إلى ه) :
ابنك هوراس ، ابنك هوراس قتلها ، ومثل هذه الجرائم لا يتجاسر سواه على أن يفعلها.
ه (إلى ق) :
وأين هو هوراس؟ وكيف دخل هذا المكان، وأنا لم أره إلى الآن؟
ق (إلى ه) :
نعم، دخل وقتل أخته في هذا الإيوان.
ه (إلى ق) :
وأنت من أخبرك؟
ق (إلى ه) :
أخبرني إسكندر، أخبرني إسكندر.
ه (إلى ق) :
وأين هو إسكندر؟
ق (إلى ه) :
صادفته ذاهبا من هنا، وهو قد أخبرني عن هذا الصنيع المنكر، وأنا كنت آتيا لأخبرك بقدوم الملك لتستعد لملاقاته كما كان الكلام، فإنه عن قليل يحضر إلى هذا المقام، وإن كنت لم تصدقني فلا بد من أن يحضر إسكندر بمعية الملك فاسأله عما كان.
ي (إلى ي) :
آه يا أبي، ها أنا أموت الآن.
(أبو هوراس يتكي مي على صدره.)
ه، ق (إلى ي) : §
يا مهجتي وفؤادي
يا بهجتي ومرادي
يا ميتي خاطبيني
يا منيتي جاوبيني §
15
الجزء الثاني عشر (ه (أبو هوراس) - ق (قيصر) - م (ملكة) - ن (روجينا) - ي (مي مقتولة))
م (إلى ه، ق) :
أعلمونا ماذا حدث من الأخبار، فمن داخل سمعنا.
ق (إلى م) :
انظري هنا بعلك الجبار، قتل أخته ولا نعلم أين سار.
م (إلى ي) :
وا حسرتا عليك يا مي، يا عليلة الحظ بين الناس، يا وديعة بلغي سلامي إلى أخوتي، خصوصا حبيبك كورياس.
ه (إلى ي) :
يا ولدي، وثمرة فؤادي، أزودك السلام إلى ولدي اللذين قتلا في الكفاح، وأخبريهما بأن رومية انتصرت لكي يحصلا على الانشراح، وقولي لهما أخيرا بأني قريبا أتبعكم لنجتمع سوية بدار السرور والأفراح.
ق (إلى ي) :
وا أسفي خاب الأمل وانقطع الرجا.
ن (إلى ي) :
يا لهفي، يا ليته أمكنني أن أفديك بروحي يا مولاتي مي يا قمر الدجى.
ه (إلى ي) :
يا ابنتي بلغي سلامي إلى أمك ...
ق (إلى ه) :
ها قد وفد الملك والوزير الأعظم، فكف البكاء الآن لنستقبلهما كما يلزم، وبعد لا بد من أن أشتكي على هوراس بما فعل، وأطلب دم مي ...
ه (إلى ق) :
لا لا، لا تعمل هذا العمل ؛ لأن ...
ق (إلى ه) :
لا بد عنه، كفى كفى، ها هو قد وصل.
ه (إلى م، ن) :
انقلاها حالا إلى داخل لئلا يراها الملك على هذه الحالة؛ فإن مرآها مقتولة يهيج غضبه لا محالة. (ملكة وروجينا تنقلان مي إلى الداخل.)
ه، ق (إلى ت، و) : §
لنا السرور العظيم
لنا الحبور الجسيم
ه (إلى ت) :
قد زار مولاي داري
فزاد فيه افتخاري §
16
الجزء الثالث عشر (ه (أبو هوراس) - ق (قيصر) - ت (ملك) - و (وزير) - ر (إسكندر) - ج (جوقة))
و (إلى ه) :
إنا بغاية الأسف لفقد ولديك، ومع ذلك نقدم لك التهاني بانتصار هوراس، فلولاه لغدونا عبرة بين الناس، وتسلطت علينا الألبيون بلا التباس، لك التهاني وله الشكران، ما خلا المكافأة والإحسان، كما صدرت بذلك إرادة ملك الزمان.
ق (إلى ت، و) :
نعم إنه يستحق هذا نظرا لانتصاره، ولكنه هنا ...
ه (إلى ق) :
لله أقصر يا قيصر واسترنا.
ق (إلى ه) :
لا يمكن أن أسكت، فلا تطلب ستر عاره.
ت، و (إلى ه، ق) : §
ماذا ترى جد أخبرانا
بالأمر لا تكتما البيانا
ه (إلى ت) :
مولاي هبني السماح عما
أذنبت إذ رمت عنك كتما
أخفيت للآن عنك أمرا
أورثني في الفؤاد ضرا
هوراس لما ... ...
ه (إلى ق) : ... ... أخبره عني
ويلاه مما جناه ابني §
17
ق (إلى ت، و) : §
لما رجع ابنه عقيب الحرب
مي لاقته بالبكا والنحب
ثم ابتدرته بعدها بالعتب
فلذاك تلقاها بحد العضب
ق (إلى ق) :
لله قتيلة بغير ذنب §
18
ت، و (إلى ت، و) : §
يا لبئس ما فعلا
ت (إلى ر) :
امض عن كثب
وائتنا به عجلا
نفحص السبب
الجزء الرابع عشر (ت (ملك) - و (وزير) - ه (أبو هوراس) - ق (قيصر) - ج (جوقة))
ت، و (إلى ه، ق، ج) :
إن حكمنا عدلا
والقضا وجب
ه (إلى ت، و) :
حلمكم سرى مثلا
فاتركوا الغضب
ت، و (إلى ه) :
لا ترم هنا أملا
فاترك العتب §
19
ه (إلى ت) : §
يا نور شمس للأنام
ابني وحيد يا همام
فاصفح وجد واسمح له
فالعفو من شيم الكرام §
20
ت (إلى و، ه، ق، ج) :
إنه بفعله هذا يفقد كل ما حصل عليه في الميدان من الشرف والجاه، ويستوجب أيضا قصاصا عظيما كما قدمناه؛ لأنه فعل فعلا لم يفعله أحد سواه.
و (إلى ت، ه، ق، ج) :
ما هذا بالظلم الذي إلى الآن لم يسمع بمثله في رومية سامع، ولا رأينا في ماضي التاريخ أنه وقع لهذا الأمر مضارع، سوى ما ذكر عن روميلوس من أنه قتل أخاه ريموس ليبقى بلا منازع، وذلك من مدة أربع وثمانين سنة إلى تاريخ هذه الواقعة المحزنة.
ه (إلى ه) :
يا لها مصيبة لم يقع مثلها في الأزمنة!
ه (إلى ت، و) : §
أخلاقكم لا تختلف
فالحلم عندكم ألف
سدكت شمائلكم به
كاللام عانقت الألف §
21
الجزء الخامس عشر (ت (ملك) - و (وزير) - ه (أبو هوراس) - ق (قيصر) - ج (جوقة) - س (هوراس) - ر (إسكندر))
س (إلى ت) : §
الموت أعز من بقائي
إذ فيه نهاية اللقاء
تلقى ... يا أعدل من على البسيطة
فاحكم ولكي تريح روحي
مر واقض وقل لروحي روحي
حقا ... تكفي لك لفظة بسيطة §
22
ق (إلى ت) :
إني أتجاسر أيها الملك الهمام، والباسل القمقام، أن أرفع إلى مسامعك الشريفة ما يعرضه كل رعاياك بلساني في هذا المقام، إن فعل هوراس هذا يستوجب أعظم قصاص.
و (إلى و) :
هذا ليس له منه مناص.
ق (إلى ت) :
لأن الناس يأخذهم الطمع في حلمك إذا عفوت عنه هذه المرة.
س (إلى ق) :
أما تدري أنك بهذا تنسب إلى مليكنا عدم الخبرة، ويا ليت شعري ما غرضك من هذا الطلب، أولا تدري بأنه إذا تم هذا القضاء علي أرديتك قبل العطب، وألحقتك بمن ذهب، بحد هذا المشطب، ثم ألا تعلم أنك تظلم دم من نجاك من الردى، وكف عنك طائلة العدى، فأنا الذي بظل مليكنا المعظم ظفرت بفرسان ألبا كما تعلم، ولولاي لأصبحنا جميعا أسرى عند الألبيين، ولولا حسامي هذا لما فازت رومية بالنصر المبين. ... أقرت لي من الدنيا أقاصيها
وروما قد دعتني اليوم حاميها
وقد أضحت بهذا السيف في عز
كما ذلت لها منه أعاديها
وأني ركن روما فهي لا تخشى
كان الله فوق الصخر بانيها
ومن جر العوالي نلت ما أبغي
ولي دانت من العليا نواصيها
23
ق (إلى س) :
أحسنت، ولو لم تلطخ بياض فعلك السابق، بسواد فعلك هذا اللاحق، لتوجب علينا الشكر الفائق. ... عدلا قتلت عداتنا لكنما
أرخت جئت قتلت أختك ظلما
24
س (إلى ق) :
أنا فيما فعلت معذور، وعذري لدى الجميع مشهور، نعم إن مي هي أختي وشقيقتي، ومحبتها متملكة في قلبي ومهجتي، ولكني مع ذلك لا أحبها أكثر من ذاتي، ألا ترى أنها تجاسرت وطلبت خراب رومية التي لأجلها خاطرت بنفسي وحياتي، فلم يمكني أن أحتمل منها هذا الاجترا، وهيج حب الوطن في الحمية وجرى ما جرى، فدع إذا عنك الفضول، فقد وضح أن عذري مقبول (مشيرا عن الملك). ... عذري أقدمه فإن يعنوا له
لهم الثنا أو يرفضوه فمهما ...
25
و (إلى ت، ه، ق، ج، س، ر) :
القتل جزاء القاتل.
ت (إلى و، ه، ق، ج، س، ر) :
وإني ليحزنني قتل مثل هذا الباسل.
ه (إلى ت، و، ق، ج، س، ر) :
قتله ... قتل هوراس ... كيف وأين يا ترى؟ وهو منقذ الوطن من خطب طرا، أمثله يقتل ويحرق ... ولكن أين؟ أفي قلب المدينة حيث لا يزال دم أعدائنا الألبيين يتدفق؟ أم في جوانبها حيث تشهد له وقائعه المشهورة ضد أعداء الرومانيين؟ أم أي مكان خلا مما يشفع بذنبه ويطالب بدمه الثمين، وأنا لا أظنهم يسمحون بقتل حامي هذه الأقطار، ومنقذها من الأخطار.
س (إلى ق) :
وناصرها على أعداها
وباذل روحه فداها ... أنا المعروف في يوم المجال
تهاب لقاي آساد الدحال
وتشهد لي الفوارس والمنايا
مخيمة على قمم الرجال
وقد علمت ليوث الحرب أني
أكر على الكتيبة لا أبالي
وأخترق الصفوف وفي يميني
حسام ظل يسطع كالهلال
أتنكر سطوتي يوم التلاقي
وقد عاينت في الهيجا قتالي
فكم أرديت من قرم عنيد
بطعنة سمهري ذي اعتدال
وكم بطل سعى بغي لحاقي
إلى العليا فقصر في المجال
وهل تنسى حروبا سالفات
بها حزت التقدم في النزال
بها نلت الفخار وحسن ذكر
يدوم فليس تنسخه الليالي
بظل عزيزنا الملك المفدى
مجيد الفضل محمود الخصال
مليك عادل ندب حليم
شهير حاز سبقا في الأعالي
قدير والزمان له مطيع
بما يبغي وتخدمه المعالي
فلا برحت شموس سنا علاه
تنير بأفق أفلاك الكمال
ولا زالت عداه بكل حال
تلقى بالمذلة والنكال ...
26
الجزء السادس عشر (ت (ملك) - و (وزير) - ه (أبو هوراس) - س (هوراس) - ق (قيصر) - ر (إسكندر) - ج (جوقة) - م (ملكة) - ن (روجينا))
م (إلى ت) : §
أرفق بفؤادي الكسير
يا عقوة كل مستجير
يدعى ... فإليك يعود كل أمري
ه، م (إلى ت) :
مولاي لنا أبقه معينا
وادفع ببقائه الشجونا
دفعا ... مولاي عليك جبر كسري
س (إلى ت) :
يا من كتد السماك يعلو
إن تعف فذاك منك فضل
أو لا ... فدمي لنصالكم مباح
ت (إلى س) :
لنظيركم عن المعاصي
العفو من ابتغا القصاص
أولى ... فاسلم أبدا لك السماح §
27 §
لكن بشريطة أن تبقى
أبدا أبدا وبلا تغيير
مع قيصر في سلم حقا
و، ه، م (إلى س، ق) :
تمم ذا الأمر بلا تأخير
س، ق (إلى ت) :
إني كأوامركم ألفى
خصمي كالصاحب دون نكير
ت (إلى و) :
تم مرغوبي
ذاك مطلوبي
و (إلى س، ق) :
إنما كما قد اصطلحتما
دوما بلا تغيير §
28 §
وادعيا للمليك المعظم
حيث ذا الصلح منه تنظم
و، ق (إلى ه، س، ر، م، ن، ج) :
ثم أنتم ساعدونا بالدعاء
و (إلى ه، س، ق، ر، م، ن، ج) :
وأنا معكم طالب
من صميم القلب راغب
و، ه، ق، ر، م، ن، ج (إلى و، ه، ق، ر، م، ن، ج) :
إنه يعلو على أعلى العلاء
دائما في حفظ سكان السماء §
29
ه (إلى ت، و، ق، ر، م، ن، ج) :
لو رأيت فعله يستوجب الموت (مشيرا عن هوراس)، لما تأخرت عن قتله إلى هذا الحين، كما أن شريعتنا تسمح للآباء عند اللزوم بقتل البنين .
ت (إلى ه ) : §
ذلك الحق دون ارتياب
قد فعلت بعين الصواب
وهما قد فعلا خير الفعال (مشيرا عن هوراس وقيصر.)
إن هذا الصلح مشكور
وأنا من ذاك مسرور
حيث أمري قابلاه بامتثال
و، ه ق، ج، ر، م، ن (إلى ت) :
إن من طاع لكم خير الرجال §
30
ت (إلى س) :
وأنت يا هوراس يا عون رومية وعضدها وركنها وسندها، أنت الذي اشتهرت في الحروب جملة أحيان، وسلطتني اليوم على مملكتين بعد أن كنت أيقنت بالخسران، فكيف لا أمنحك عن ذنبك الغفران.
و، ه، ق، ر، ج، م، ن (إلى ت) : §
أنت الحليم العادل
والمحسن المفضال
أنت الحكيم الفاضل
لا زلت بالإقبال
لا زلت بالتهاني
ما غردت ورقا
ودم مدى الزمان
وجد وسد وارقى §
31
ت، و (إلى ه) : §
عليك أن تهيئ المذابحا
غدا وأن تحضر الذبائحا
فذا كإكرام لسكان السما
كي يسمحوا له بما قد أجرما (يشيران عن هوراس.)
وهيئ ذا تقدمة عن نفس مي
ه (إلى ت، و) :
إني اشترطت ذا كأمركم علي
ق (إلى ق) :
ويلاه في ذا الوقت حين أسمع
ذا الاسم قلبي يكتوي ويوجع
ومن جرى ما قد جرى دمعي جرى
أمر مهول منكر بين الورى
والعقل من هذا القبيل حارا
ت، و، ه (إلى ق) :
كف البكا قد صار ما قد صارا §
32
ت (إلى ه) :
وأود أيضا أن عظام مي وعظام كورياس خطيبها يضمها لحد واحد، لتكون دائما مع حبيبها.
ه (إلى ت) :
إني على كل حال مطيع أوامر سيدي الملك المفضال، ومن تراه لا يسعى بما يوده خاطره، وهو ملك نفذت في أقاصي الأرض أوامره.
الجميع (إلى ملك) : §
مالك عرفناه
فضله غرفناه
والزمان حياه
سعيا سعيا سعيا سعيا
العزيز ذو الفخر
والعظيم ذو القدر
فاهتفوا مدى الدهر
يحيى يحيى يحيى يحيى §
33 §
مليكنا زين البدو والحضر
من قصرت عن معالي مجده الدول
بحر يفيض الإنعام كالدرر
بحر ولكنه في طعمه عسل
وطرفه يرعى الملك في سهر
على الرعايا لتغفى حوله المقل
يا رب صن مولانا من الضرر
واجعل أعاديه يوم الحرب تنخذل §
34
الجميع (إلى الجميع) :
وصن وزيرنا الخطير
المفرد الشهم الشهير
وكن له ربي نصير
واحفظه في سلام
ونسأل السامي المقام
تكون مي في السلام
مع من توفوا في الصدام
كي يحسن الختام §
35
ناپیژندل شوی مخ