204

Mawsūʻat al-Raqāʼiq wa-al-Adab - Yāsir al-Ḥamadānī

موسوعة الرقائق والأدب - ياسر الحمداني

ژانرونه

فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ
=========
يحْلُو لي أَن أُرَدِّدَ في مِثْلِ هَذَا المَقَامِ الكَرِيم؛ أَبْيَاتًَا لِشَاعِرِنَا العَظِيم / هَاشِم الرِّفَاعِي، قَالهَا في غُرَّةِ العَامِ الهِجْرِيِّ الجَدِيد، في فَترَةٍ سَادَ فِيهَا الظُّلْمُ وَالاَسْتِبْدَاد؛ فَأَنْشَدَ وَأَجَادَ الإِنْشَاد:
عِيدٌ عَلَى الوَادِي أَتَى مخْتَالاَ * يحْكِي الرَّبِيعَ بَشَاشَةً وَجَمَالاَ
إِنَّا لَنَذْكُرُ بِالمُحَرَّمِ فِتيَةً * بِكِفَاحِهِمْ ضَرَبُواْ لَنَا الأَمْثَالاَ
خَرَجُواْ لِيَثرِبَ هَارِبِينَ بِدِينِهِمْ * قَدْ فَارَقُواْ أَصْحَابهُمْ وَالآلاَ
وَلِنُصْرَةِ الحَقِّ الَّذِي خَرَجُواْ لَهِ * بَذَلُواْ النُّفُوسَ وَقَدَّمُواْ الأَمْوَالاَ
وَمَنِ ابْتَغَى الإِصْلاَحَ في دُنيَا الوَرَى * رَكِبَ الشَّدَائِدَ وَامْتَطَى الأَهْوَلاَ
كَمْ مَرَّ بِالوَادِي حَكِيمٌ ضَائِعٌ * يَبْكِي عُلاَهُ وَيَشْتَكِي الإِذْلاَلاَ
فَالنِّيلُ عَبْدٌ وَالكِنَانَةُ في أَسَىً * وَالشَّعْبُ يَشْكُو الجُوعَ وَالإِقْلاَلاَ
مَا أَنْتَ إِلاَّ عِيدُ كُلِّ مُعَذَّبٍ * في الأَرْضِ قَدْ ذَاقَ الضَّنى أَشْكَالاَ
أَمْسَى وَأَصْبِحَ في القُيُودِ مُكَبَّلًا * وَقَدِ ارْتَدَى مِنْ بُؤْسِهِ سِرْبَالاَ
وَمِنَ الدُّرُوسِ المُسْتَفَادَةِ مِن حَادِثِ الهِجْرَة؛ الصَّدَاقَةُ الصَّادِقَةُ وَالإِخَاء، وَالإِخْلاَصُ النَّادِرُ وَالوَفَاء، في جَمِيعِ مَوَاقِفِ أَبي بَكْرٍ الَّتي وَقَفَهَا، وَالمَشَاهِدِ الَّتي شَهِدَهَا ٠٠
وَرُوِيَ في سِيرَةِ بْنِ هِشَامٍ عَن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ ﵂ أَنهَا قَالَتْ: " فَوَاللهِ مَا شَعُرْتُ قَطُّ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ أَنَّ أَحَدًَا يَبْكِي مِنَ الفَرَح؛ حَتى رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ يَبْكِي يَوْمَئِذٍ - أَيْ يَوْمَ بُشِّرَ بِالصُّحْبَة - ثُمَّ قَال: يَا نَبيَّ الله: إِنَّ هَاتَينِ رَاحِلَتَانِ قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتهُمَا لِهَذَا، فَاسْتَأْجَرَا عَبْدَ اللهِ بْنَ أُرَيْقِط " ٠
[ابْنُ هِشَامٍ في " كِتَابِ السِّيرَةِ " طَبْعَةِ دَارِ الجِيل ٠ بَيرُوت ٠ ص: ١١/ ٣]
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَال: قُلْتُ لِلنَّبيِّ ﷺ وَأَنَا في الغَار: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا ٠٠ فَقَالَ ﷺ: " مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا " ٠
رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (٣٦٥٣ / فَتْح) ٠
﴿إِنَّهَا ذَاتُ النِّطَاقَين﴾
عَن أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبي بَكْرٍ ﵂ قَالَتْ: " صَنَعْتُ سُفْرَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ في بَيْتِ أَبي بَكْرٍ ﵁ [أَيْ طَعَامًَا لَهُ وَلأَبِيهَا]، حِينَ أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ إِلى المَدِينَة؛ فَلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَتِهِ وَلاَ لِسِقَائِهِ مَا نَرْبِطُهُمَا بِهِ؛ فَقُلْتُ لأَبي بَكْرٍ ﵁: وَاللهِ مَا أَجِدُ شَيْئًَا أَرْبِطُ بِهِ إِلاَّ نِطَاقِي؛ قَالَ ﵁: فَشُقِّيهِ بِاثْنَين؛ فَارْبِطِي بِوَاحِدٍ السِّقَاء، وَبِالآخَرِ السُّفْرَة؛ فَفَعَلْت؛ فَلِذَلِكَ سُمِّيتُ ذَاتَ النِّطَاقَين "
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: ٢٩٧٩ / فَتْح]
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبي بَكْرٍ ﵂ قَالَتْ: " لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُو بَكْر؛ احْتَمَلَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ مَالَهُ كُلَّهُ مَعَهُ [خَمْسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ أَوْ سِتَّةَ آلافِ دِرْهَم]، وَانْطَلَقَ بِهَا مَعَه، فَدَخَلَ عَلَيْنَا جَدِّي أَبُو قُحَافَةَ وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَقَال: وَاللهِ إِني لأَرَاهُ قَدْ فَجَعَكُمْ بِمَالِهِ مَعَ نَفْسِهِ، قُلْتُ كَلاَّ يَا أَبَتِ؛ إِنَّهُ قَدْ تَرَكَ لَنَا خَيْرًا كَثِيرَا؛ فَأَخَذْتُ أَحْجَارًَا فَتَرَكْتُهَا فَوَضَعْتُهَا في كُوَّةِ الِبَيْت؛ كَانَ أَبي ﵁ يَضَعُ فِيهَا مَالَه، ثُمَّ وَضَعْتُ عَلَيْهَا ثَوْبًا ثمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقُلْت: يَا أَبَتِ؛ ضَعْ يَدَكَ عَلَى هَذَا المَال، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَقَال: لا بَأْس، إِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا فَقَدْ أَحْسَن، وَفي هَذَا لَكُمْ بَلاَغ، قَالَتْ أَسْمَاءُ ﵂ وَعَنْ وَالِدَيْهَا: لا وَاللهِ مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئَا، وَلَكِنيِّ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أُسْكِنَ الشَّيْخَ بِذَلِك " ٠
[حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيب الأَرْنَؤُوطُ في المُسْنَدِ بِرَقْم: ٢٧٠٠٢، وَقَالَ فِيهِ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم]
انْتِقَامُ قُرَيْش
يَقُولُ ابْنُ هِشَامٍ في سِيرَتِه: " لَمَّا خَرَجَ بَنُو جَحْشِ بْنُ رِئَابٍ مِنْ دَارِهِمْ؛ عَدَا عَلَيْهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَبَاعَهَا، فَلَمَّا بَلَغَ بَني جَحْشٍ مَا صَنَعَ أَبُو سُفْيَانَ بِدَارِهِمْ؛ ذَكَرَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: " أَلاَ تَرْضَى يَا عَبْدَ اللهِ أَنْ يُعْطِيَكَ بهَا اللهُ دَارًَا خَيرًَا مِنهَا في الجَنَّة " ٠٠؟
قَالَ بَلَى، قَالَ ﷺ:
" فَذَلِكَ لَك " ٠ [ابْنُ هِشَامٍ في " كِتَابِ السِّيرَةِ " طَبْعَةِ دَارِ الجِيل ٠ بَيرُوت: ٢٨/ ٣]
يَاسِر الحَمَدَاني

1 / 204