من السيرة وسيلة للطعن في شخص النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) أو ما يتصل به، فآمن بعض أصحاب الأقلام الجديدة بأن في السيرة أخبارا لا تمت إلى الحق بصلة في قليل ولا كثير، ثم تجرؤوا فأقدموا على تهذيب السيرة مما الصق بها وهي ليست منها، كقصة شق الصدر والغرانيق (1) وغرام الرسول (صلى الله عليه وآله) بزوجة زيد ربيبه!
إن سيرة محمد (صلى الله عليه وآله) كسائر العظماء أضيف إليها ما ليس منها، إما عن حب وهوى وحسن نية وطوية، وإما عن حقد وسوء قصد متعمد، ولكنها تمتاز عن سير جميع العظماء بأن شيئا كثيرا منها ضمه الوحي الإلهي وضمن حفظه القرآن الكريم، وكثيرا منها مروي على لسان الحفاظ الثقات من المحدثين. فعلى هذه الأسس الصحيحة يجب أن تبنى السيرة، وأن تحلل التحليل العلمي النزيه بملاحظة ظروف الوسط وحال البيئة وجوانبها المختلفة من عقائد ونظم وعادات وتقاليد وطقوس، وأن لا يبنى الأساس على المعجزات والكرامات وخوارق العادات إلا ما خرج بالدليل بل يبنى على أساس " إن الله أبى أن يجري الأشياء إلا بأسباب " (2) اللهم إلا ما خرج بالدليل الثابت المعقول.
الخلاف في كتب السيرة وبينها:
إن الدارس لكتب السيرة والتأريخ يلاحظ أن ما روته من أنباء الخوارق والمعجزات وغيرها من كثير من الأنباء، ينقص ثم يزيد بزيادة
مخ ۳۲