د مصر پخوانۍ موسوعه (برخه لومړۍ): په تاريخ دمخه دورې نه تر اهناسي دورې پای
موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي
ژانرونه
أما في حالة الآلهة الأخرى وبخاصة الإلهين «حور» و«ست» فإنه لا يمكن أن نحدد بالضبط مدى أصل مركزهما في العبادات المختلفة سواء أكانوا آلهة تقمصوا حيوانات أو آلهة يمثلون قوى عالمية، ولا نعرف كذلك إذا كانت أسماؤهم المستعارة من علم الأساطير الدينية العالمية لم تكن منسوبة إلى آلهة محلية أولا قبل أن يسموا بها أو أنها أطلقت عليهم من بادئ الأمر.
وهناك مذهب حاسم اعتنقه كهنة عين شمس فيما بعد لترقية الفكرة الدينية في مصر، وذلك أنهم أعلنوا أن إلههم المحلي «آتوم» لم يكن إلا مظهرا من مظاهر إله الشمس «رع»، ولذلك عبدوه باسم «آتوم-رع»، ونسبوا إليه كل الأساطير التي تعزى إلى «رع»، ولا غرابة في ذلك، فإن الاعتقاد بأن «رع» هو المسيطر على العالم يرجع إلى أقدم عصور التاريخ، والبراهين على ذلك توجد في متون الأهرام، هذا إلى أن اسمه يوجد في تركيب أسماء الفراعنة منذ الأسرة الثانية ، مثال ذلك: «نب رع» أحد ملوك الأسرة الثانية، ولكن لم توجد ل «رع» عبادة خاصة، اللهم إلا عبادته المحلية باسم «آتوم-رع» قبل أن يصير إله الدولة في الأسرة الخامسة كما سنفصله بعد، وكذلك لم تكن في مصر عبادة خاصة للإله «نون» المحيط الأزلي أو للإلهة «نوت» أو لإله النيل «حعبي» أو لإله القمر، اللهم إلا في الأعياد التي كانت تنسب للأخير كعيد أول الشهر، إلخ، أو عندما كان يعبد باسم «تحوت» أو «خنسو»، وهذه كانت عبادة محلية، يضاف إلى ذلك إله الأرض «جب» إذ لا نعرف لها عبادة خاصة، وأغرب من كل هذا الإلهة «إزيس» فإنها رغم ما لها من القوة والبطش والأدوار العظيمة في تاريخ الديانة المصرية وما ذكر عنها في الأساطير، لم تعبد حتى جاء العصر المتأخر وأخذت عبادتها تنتشر. أما أختها «نفتيس» فلا تعرف لها أية عبادة خاصة في كل عصور الديانة المصرية مطلقا حتى الآن.
وقد خلقت إقامة الشعائر والطقوس الدينية صلة لا يمكن فصم عراها بين الإله المعبود، والإنسان العابد، وذلك بأن فرضت على كل منهما واجبات متساوية عليها يتوقف كيان كل منهما، فالإله يتطلب من أتباعه المخلصين كل ما هو ضروري له من خبز ولحم ولبن ونبيذ وملابس وأدوات زينة وحلي وأزهار وبخور، أو كما يقال في الصيغ الدينية للقربان كل الأشياء الطيبة الطاهرة التي توضع على مائدة القربان والتي يعيش منها الإله، يضاف إلى ذلك الأعياد التي كانت تقام له والعناية بمعبده، وكذلك تقديم شطر عظيم من الغنائم التي يغنمها أتباعه بمساعدة الإله، كل هذا كان يعمل للإله في مقابل ما يمنحه عباده من حمايتهم والمحافظة عليهم، وكان من البديهي أن تراعى الدقة في الاحتفالات والأعياد التي كانت تقام للآلهة، كما كانت تراعى في الاحتفالات الفرعونية؛ إذ هناك أمور كثيرة تشمئز منها الآلهة وبخاصة أكل لحم بعض الحيوانات، وكذلك كان لزاما على المتعبد أن يكون طاهرا عندما يقترب من الإله، ولذلك كان من الواجب عليه أن يكون بعيدا عن كل ما هو نجس وبخاصة ملامسة النساء وغشيانهن قبل دخول بيت الإله، وأن يكون قد ختن. على أن كل ما يتطلبه الإله يفهمه الرجل الذي يعرف إقامة الشعائر والطقوس بالإشارات التي يوحي بها إلهه، ومعرفة هذه الطقوس التي كانت تزداد كل يوم على مر الأزمان، يحفظها خدام الإله (الكهنة) عن ظهر قلب. وقد نصبهم القوم لينهضوا بخدمات بيت الإله، ولإطعام تمثاله وإلباسه، وللعناية بالحيوانات المقدسة، ولإقامة الأعياد والمواكب. هذا إلى أنهم كانوا يعرفون فن تخمين ما يريده الإله، وينتزعون منه بوساطة الوحي نبوءات عن المستقبل، وأحكاما فاصلة في قضايا، وحقائق تتعلق بالمخاصمات.
وبجانب هؤلاء الكهنة ومساعديهم كانت توجد طائفة أخرى عظيمة من «المطهرين» في معزل عن عامة الشعب، وأفراد هذه الطائفة كانوا ينادون بهذا الاسم نسبة إلى التطهير بالماء الذي كان يصب عليهم كما يدل على ذلك تصوير اسمهم باللغة المصرية.
وتنقسم هذه الطائفة أربع فرق، كل فرقة تقوم بخدمة الإله بالتناوب طوال أشهر العام. فكانوا بذلك يشاركون الكهنة في أعمالهم، كما كانوا يشاطرونهم دخل المعبد وخيراته التي توقف عليه، وقد كان هذا النظام قائما منذ الدولة القديمة، ومن المحتمل، بل من المرجح أنه يرجع إلى عصور أقدم من ذلك، ولا يبعد أنه كان في الأصل لكل فرد من سكان المقاطعة الحق في التقرب من الإله، وأن يكون له نصيب من القربان الذي يقرب له، وكذلك من الممتلكات الأخرى الخاصة بالإله، ولكن على كر الأيام أصبح هذا الحق وقفا على سكان المكان الذي يقطن فيه الإله، ثم تدرج الأمر بعد ذلك فأصبحت هذه الحقوق وقفا على طائفة مميزة، ومن ثم أصبح وراثيا فيها، وبذلك أصبح من واجب عامة الشعب الذي يريدون أن يتقربوا من إلههم أن يلجئوا إلى طائفة الكهنة ليصلوا إلى ربهم في بيته المقدس، ومن المحتمل كذلك أنه كان في استطاعة الأفراد الذين ليسوا من طائفة الكهنة، ويرغبون في الانخراط في سلك هذه الطائفة أن يصلوا إلى بغيتهم هذه، إذا توفرت فيهم شرائط خاصة، وقد يجوز أن يصدر الملك مراسيم ملكية بذلك، ولا شك أن هذا هو السبب الذي من أجله لم تصبح وظيفة الكهنة طائفية؛ أي إنها لم تصبح وقفا على أسرهم دون سواها كما كان الحال في الهند وفي بلاد فارس وعند بني إسرائيل.
وكان جل هم المصري في الحقيقة أن يعمل جهد الطاقة ليصل إلى السبيل التي تنتهي به إلى إرضاء الإله، وكسب عطفه مهما كلفه ذلك، ولو ضحى بأخيه الإنسان، وأعنى بذلك تقديم ضحايا بشرية، ولقد تضاربت الأقوال والآراء في هذه المسألة، ولكن يظهر أن التضحية البشرية أمرا واقعا في الأزمان السحيقة من عصور ما قبل التاريخ، فيقال إن المصري كان يقرب أخاه الإنسان قربانا لإلهه عند اشتداد حنقه، أو عندما كان القوم يبغون مساعدته في مدلهم الأمور العويصة، ولكن كل ذلك كان يحدث في أزمان بعيدة جدا، وكانت هذه الضحايا تقدم عند قيام حروب بين الآلهة أو في مواقيت الأعياد الجنازية، وسنرى فيما بعد أن الذين كانوا يناصبون الآلهة العداء كانوا يقتلون بضربه عصا، أما شركاؤهم في ذلك سواء أكانوا رجالا أم نساء فكانوا يضربون حتى تدمى أجسامهم، وربما كان هذا يحدث في الأصل للبشر في العبادات المأتمية الخاصة، ولا شك في أن ختم حيوانات الضحية بختم مثل عليه رجل موثوق في وتد التعذيب، وعلى رقبته سكين لذكرى تشعر بأن الإنسان كان يقدم يوما ما ضحية في الأزمان الغابرة. يضاف إلى ذلك أننا نجد على جدران المعابد المصرية حتى نهاية العصور المتأخرة جدا صورا لم يتغير شكلها، تمثل الملك وهو يقتل الأسرى الذين جيء بهم أمامه مكبلين في السلاسل والأغلال أمام إلهه، هذا إلى أننا نشاهد صور أبي الهول التي تمثل الملوك، وصور الحيوانات الخرافية، تلقي بالأعداء على الأرض وتمزقهم كل ممزق، ثم نشاهد كذلك صورا رمزية ممثلا فيها الفرعون قابضا على نواصي طائفة من الأعداء، يضربهم برأس دبوسه أو بخنجره المعقوف.
صور بعض الحيوانات الخرافية.
كل هذه المناظر والصور والذكريات تشعرنا بأن القوم كانوا متعودين ذبح الأسرى من الأعداء تكريما لإلههم، والواقع أننا نجد على أقدم الآثار مناظر عدة ممثلة عليها هذه الذبائح، ويشاهد عليها كذلك جثث الأسرى مكدسة، وقد ذكرنا في الفصل السابق أن الدمى كانت توضع في المقابر مع الموتى لتحل محل زوجاتهم أو خدمهم الذي كان يظن أنهم يذبحون ويوضعون بجانب جثث سادتهم في الأزمان السحيقة. هذا وتدل الوثائق التي في متناولنا على أنه عندما كان الإله يغض الطرف عن رهطه عند حلول أية كارثة أو نزول أي وباء، فإن القوم كانوا يلتجئون خوفا من استمرار شرور هذه المصائب إلى الحيوان الذي تتقمصه روح هذا الإله، ويقودونه في صمت إلى الظلام الدامس بطريقة سرية، ويعملون على تخويفه وإرهابه بالتهديد أولا، فإذا فشلوا في قضاء بغيهم عمدوا إلى عقابه بالإنذار ثم بالذبح.
على أن السحر لم يعدم القيام بدور هام في تاريخ الديانة؛ إذ كان القوم يستعينون به على قضاء حاجاتهم، سواء أكان ذلك تجيزه الشرائع أم تحرمه، وكان السحر في نظر عامة الشعب لا يتصل بالأشباح العدة التي تسكن في دنيا الأرواح فحسب، بل كان كذلك متصلا بالمعبودات المحلية وبخاصة الآلهة العظام؛ لأن الفضل في وصولهم إلى السلطان والنصر على الأعداء يرجع إلى فنونهم السحرية، وكان في ركاب هؤلاء الآلهة عدد عظيم من الخدم لا يختلفون في شيء عن الأشباح المخيفة لا في طبيعتهم ولا في أسمائهم ولا في شكلهم الظاهري؛ إذ هم في الواقع كانوا مجموعة من الحيوانات المختلفة الأنواع والأشكال إلى حد بعيد، وكانت معرفة صفاتها الخاصة وأسمائها وأساطيرها السلاح الرئيسي في علم السحر؛ إذ به يمكن الإنسان أن يجبرها ويقهرها على خدمته، وتأتي بنتائج لحسابه الخاص لها نفس التأثير الذي كان يصل إليه الإله بنفس الطرق، وقد بقي تراث هذه الاعتقادات في مصر إلى يومنا هذا في استخدام الجن وخدامها.
ويرى المطلع على تاريخ الديانة المصرية أنها كانت في بدايتها مصطبغة بصبغة مظلمة قاتمة؛ إذ نجد معظم الآلهة تتألف من كائنات خبيثة مؤذية تبعث دائما على الخوف والقلق، فنشاهد بجانب الحيوانات الأليفة مثل الثور والكبش حيوانات أخرى متوحشة مؤذية ، وهي التي كانت تعبد بكل إخلاص وتفان، كالثعبان والذئب وغيره، ولا غرابة إذا كنا نجد في صلوات الأموات ودعائهم، وكذلك في التعاويذ السحرية التي تستعمل في الحياة العامة أن دنيا بني الإنسان وكذلك عالم الأرواح كانت آهلة بالقوى الشريرة، وهذا الاعتقاد نجده نافذا إلى كل أساطير الآلهة. إذ الحقيقة أن تلك القوى مشبعة بحب الدم وأعمال العنف والشدة، وقد لعب الإله «رع» نفسه دورا عظيما في أعمال القسوة؛ إذ أهلك بني الإنسان في سالف الأزمان بوساطة الإلهة «سخمت» التي هي على شكل امرأة برأس لبؤة، والأسطورة التي حفظت لنا يقال إنها تمثل عين «رع» وإنها نفس الإلهة «حتحور»، وهذه الأسطورة هي أحدث الأساطير التي كتبت عن الإله «رع»، وتظهر فيها الناحية الإنسانية بشكل جلي، ولذلك نقشت على كثير من مقابر الملوك، وتتلخص فيما يأتي: «كان «رع» في سالف الزمان يحكم الآلهة والناس على السواء، ولكن على مر الأيام طعن في السن، وكانت عظامه من فضة وأعضاؤه من ذهب وشعره من اللازورد الحقيقي، ولكن الناس لاحظوا ذلك وتآمروا عليه، غير أن الإله عرف نواياهم وقال لأحد أتباعه: ناد عيني، وشو، وتفنت، وجب، ونوت، وكذلك الآباء والأمهات الذين كانوا معي وقت أن كنت في ماء المحيط «نون»، وكذلك ناد الإله «نون» ... واجعلهم يأتون خفية حتى لا يراهم الناس، وحتى لا يستولي على قلبهم الفزع، وعليك أن تحضر مع هؤلاء الآلهة إلى القصر ليعرضوا وجهة نظرهم، فحضر هؤلاء الآلهة وسجدوا على بطونهم أمام جلالته، وقالوا: تكلم إلينا حتى نسمع ما ستقوله لنا، وعندئذ قال «رع» إلى «نون» أنت أيها الإله أقدم الكل والذي منه ولدت، وأنتم أيها الأجداد المقدسون انظروا إلى بني البشر الذين خلقوا من عيني لقد تآمروا ضدي، قولوا لي ما الذي تصنعونه ضد هذا العمل، ولن أقتلهم قبل أن أسمع ما تريدون أن تقولوه، فقال جلالة الإله «نون»: يا بني «رع» أنت الإله الذي يفوق والده وكل مخلوقاته في العظم، ابق على عرشك فإن الخوف الذي تنشره عظيم إذا صوبت عينك ضد المتآمرين.
ناپیژندل شوی مخ