د مصر پخوانۍ موسوعه (برخه لومړۍ): په تاريخ دمخه دورې نه تر اهناسي دورې پای
موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي
ژانرونه
وفي خلال عهد نقادة تقدمت طريقة الدفن بسرعة، فأصبح شكل اللحد سواء أكان بيضيا أم مستديرا يشبه شكل العشة، ولما تغير شكل الكوخ وأصبح مستطيلا تغير كذلك شكل القبر وأصبح شبه مستطيل، وكان هذا النوع الأخير صغير الحجم في أول الأمر، ولكنه كان يكبر حسب ثراء المتوفى، وقد عثر على مقبرة نموذجية لهذا النوع من الدفن في «العمرة» ومحتوياتها لا تقل عن 21 إناء عظيما مصفوفة على مقاعد على جوانب ثلاثة من حفرة الدفن، وكذلك عثر على قبر لفرد من علية القوم يحتوي على 12 إناء كبيرا مصفوفة صفين على أحد جوانب القبر وذلك عدا اثني عشر إناء أخرى أحدها فخار مصقول من طرفيه، وهذا الثري لم توضع جثته في تابوت، بل في شبه التابوت؛ إذ حاول أن يصنع لنفسه صندوقا مركبا من ألواح مربوط بعضها ببعض بحبل، وهذا الصندوق يرتفع عن سطح رقعة القبر بنحو 25 بوصة، وكان القبر من جهة أخرى مسقوفا بعصي دهكت بالطين، وهذا مثل من الأمثلة التي يظهر فيه الفرق بين طبقات الشعب.
أما الخطوة الثانية في شكل إقامة المقابر فنتيجة للرقي الطبيعي الذي ينشأ من الشكل السابق، وذلك أنه لما كثر عدد القربان فإن البروز الذي كانت توضع عليه أواني القربان في القبرين السالفين قد صار رفا، أخذ يكبر تدريجا حتى أصبح صاحب المقبرة يشعر بأنه سيضايقه في مضجعه الأخير، ومن أجل ذلك بدأت المقابر تأخذ شكلا جديدا في عهد ما قبل الأسرات الحديث، فصار شكل كل المقابر مستطيلا، وفي الوقت نفسه أخذ استعمال بناء القبر ينتشر، وذلك لتدعيمه وجعله صلبا، وبتقدم فن المعمار الأول أدخل بناء الجدران باللبن، وكذلك استعملت القباب في المقابر، وأصبح من السهل عمل التحسينات اللازمة، فأضيفت حجرات مجاورة لحجرة الدفن الأصلية خصصت للمئونة والقربان، هذا إلى أنه صنع في القبر سلم للنزول والصعود بوساطته، وسواء أكان القبر في هذا العهد مسقوفا أم غير مسقوف، فإنه لم يظهر منه أي جزء على سطح الأرض يعرف بوساطته أين يرقد المتوفى، وربما كان ذلك خشية أن يسطو اللصوص على محتوياته، ومن العادات الغريبة التي ظهرت في أواخر هذا العصر دفن المتوفى تحت إناء عظيم منكس، وقد أخذت عادة لف الجثة في حصير أو جلود تختفي تدريجا، وأخذ يحل محلها وضع الجثة أولا في سلة من البوص المجدول، ثم توضع بعد ذلك في تابوت حقيقي مصنوع من الفخار أحيانا، وغالبا يكون مصنوعا من ألواح كما سبق، وكانت عادة دفن عدد عظيم من الأجسام في حفرة واحدة محصورة في عهد ما قبل الأسرات القديم، وقد لوحظ أحيانا أن الصياد كان يدفن بجانبه كلاب صيده.
وكان المتوفى سواء أكان غنيا أم فقيرا يوضع في القبر مقرفصا على جانبه الأيسر، اللهم إلا بعض شواذ - كما شوهد في العمرة - حيث وجدت بعض الأجسام موضوعه على الجانب الأيمن لسبب مجهول، وفي العادة كانت توضع الأجسام متجهة من الشمال إلى الجنوب؛ أي في الجهة الموازية لسير ماء النيل، وفي أغلب الأحيان كانت الرأس توضع في الجهة الجنوبية، وهناك بعض شواذ كثيرة لهذه القاعدة، وقد فسر بعض علماء الآثار سبب وضع الجثة مطوية في القبر بأنها الحالة الطبيعية التي ينام بها الإنسان عادة، وقد فسرها آخرون بطريقة علمية مقبولة أكثر من السابقة، هي أن الجنين يكون بهذا الوضع في بطن أمه، ولكن الظاهر أن المصري لم يفكر لا في هذا التفسير ولا في ذاك، بل الواقع أن المصري ربما كان قد تعود دفن الجثة من بادئ الأمر في مكان ضيق اقتصادا، ثم أصبحت عنده عادة دفن الجثة بهذا الشكل، فلم يتخل عنها حتى بعد أن أصبح المكان متسعا، والمصري في كل أطوار حياته عبدا لعاداته، وقد لوحظت بعض ظواهر غريبة في بعض المقابر يجدر بنا الإشارة إليها. ومن ذلك عثر على عدد من الأجسام منفصلة عظامها، وليست موضوعة في ترتيبها الطبيعي، مع أن كل الدلائل تدل على أن القبر لم يمس منذ الدفن، وقد فسر بعض العلماء ذلك بأن هذه الأجسام مزقت بعد الموت أو قبل الدفن، وقد أنكر بعضهم تلك العادة على المصريين، ولكن من جهة أخرى عثر في «دشاشة» التي يرجع عهدها إلى ما قبل الأسرات الحديث على مقابر سليمة لم تمسها يد إنسان، ووجدت فيها الأجسام منفصلة عظامها عن بعضها ثم لفت في الكتان الذي وجد أنه لم يمس بعد في العصور التي تلت، وذلك مما يدل على أن فصل العظام كان شائعا في عصر ما قبل الأسرات، ومن المستبعد جدا أن لحمها كان يأكله الإنسان كما ادعى بعض العلماء.
وربما كان أغرب ما أظهرته لنا مقابر ما قبل الأسرات وجود عدد لا يستهان به من الأجسام، فيها الجزء الأمامي من عظم الساعد مكسور، وقد ذهبت العلماء في تفسير ذلك مذاهب شيء، ولم تقتصر هذه الظاهرة على الرجال، بل وجدت في النساء أيضا، والتفسير الذي يقبله العقل بعض الشيء أنه ربما كان هناك سبب جنازي يدعو لهذا الكسر الذي كان يحدث بعد الموت بلا شك، أما السبب الذي دعا للكسر فسيبقى بدون تفسير على الأقل الآن.
وتدل نتائج الحفائر التي عملت في عصر بداية المعادن أو عصر ما قبل الأسرات على أن المصري كان قد بلغ شاءوا بعيدا في المدنية، وأنه قد وصل إلى درجة جعلت بينه وبين عصر الوحشية هوة سحيقة، ومهما نظرنا إلى صناعته في أي عهد من عصر بداية المعادن فإنا نجده قد وصل إلى مستوى يجعله في مصاف المتمدينين، فقد كان في هذا العهد كما كان أجداده في العصور السالفة من أمهر الصناع والفنانين في عمل الظران، وقد كان عصر بداية المعادن يمتاز باستعمال الظران والنحاس لصنع آلاته وحليه جنبا إلى جنب، وتدل البحوث على أن صناعة الظران كانت سائدة الاستعمال في عصر البداري وفي عهد ما قبل الأسرات القديم أي إلى عهد التتابع التأريخي 40 وأحياء هذه الصناعة التي بدأت في العصر السالف استمر راسخ القدم بظهور السكاكين ذات الوجهين والسكاكين القصيرة ذات الطرف المستدير، هذا إلى ظهور رءوس الحراب ذات اللسانين، وكانت تصنع من شظايا غير منتظمة الشكل ولكن بعناية، وكان النحاس في هذا العهد لا يزال مادة نادرة الوجود، ولا يستعمل إلا في صنع الآلات ذات الحجم الصغير كالدبابيس التي كانت تستعمل لشبك الجلود بعضها ببعض، والإبر والكلاليب، والخطاطيف والمقاشط والمقصات، ولم يكن هذا المعدن يستعمل في حالته النقية بعد، أما الآلات التي كانت تصنع منه فكان يحصل عليها بالطرق.
ومنذ التأريخ التتابعي 40 أخذت صناعة الظران تتقهقر أمام صناعة النحاس، التي بدأت تزداد تدريجا حتى أصبحت معظم الآلات التي يستعملها الإنسان في حياته اليومية تصنع من هذه المادة.
والواقع أن أهم ظاهرة بارزة في مدنية ما قبل الأسرات هي اكتشاف معدن النحاس واستعماله في معدات الإنسان في معظم مرافق الحياة، وذلك على الرغم من وجود الذهب والفضة وإن كانت الأخيرة نادرة، هذا إلى أن الحديد المطروق قد ظهر كذلك في هذا العصر واستعمل في صنع خرز أنبوبي الشكل، ولكنه كان نادرا أيضا، ولذلك كانت قيمته عظيمة لدرجة أنه كان ينظم في القلائد الغالية مع حبات الذهب، ولكن النحاس كان في هذا العصر «ملك المعادن»، ولذلك نتساءل من أين أتى هذا المعدن؟ وكيف كشفت مادته أولا؟ والظاهر أننا مدينون بكشف النحاس واستعماله لأول مرة إلى إنسان مصر في عهد ما قبل الأسرات. على طريق أن طريقة كشفه ليست واضحة لدينا، ولا ترتكز على أساس تاريخي، والمحتمل جدا أنها جاءت بطريق الصدفة المحضة إذا قبلنا إحدى النظريتين اللتين فرضهما كل من الأستاذ «أليت سمث» والأستاذ «برستد»، وقد عزا كل منهما السبب في كشف معدن النحاس إلى استعمال المصري مادة التوتية «نترات النحاس» - التي سبق أن تكلمنا عنها - وهي مادة كانت توجد في معظم القبور المصرية في هذا العصر، ومعها لوحة من الأردواز لتطحن عليها قطع التوتية، وكان يستعمل لطحنها حصاة كبيرة من الحجر الصلب، وكان الغرض من وجودها مع المتوفى أن تكون مادة للزينة ودواء للعينيين لحفظهما من تأثير أشعة الشمس في الصحراء، وقد استعملها الرجل والمرأة على السواء لهذا الغرض.
أما نظرية الأستاذ «برستد» في اكتشاف النحاس فإنه تصور المعدن المصري في شبه جزيرة سينا قد وضع رحله في مكان، واتفق أنه أوقد ناره على قطعة من النحاس الغفل «التوتية» الذي كان مبعثرا بكثرة هناك، وفي الصباح عندما كان يريد كنس بقايا موقده وقع نظره على قطع صغيرة من مادة لها بريق ولمعان، وبالطبع كانت هذه القطع الصغيرة ما أنتجه اختلاط النار بالمعدن الغفل، ومن هذه اللحظة علم المصري أنه يمكنه الحصول على هذا المعدن بصهر حجر التوتية في النار، وبهذه الكيفية يقول الأستاذ «برستد» إن الإنسان المصري تعلم لأول مرة في حياته كيف يمكنه أن يحصل على معدن أصبح بوساطته يضرب بسهم صائب في الصناعات وفي الهندسة.
أما الأستاذ «أليت سمث» فإنه يعزو هذا الكشف إلى زوج المعدن فيقول: إن المعدن قد جلب معه حجر التوتية من شبه جزيرة سينا إلى بيته، واتفق صدفة أن زوجته كانت تستعمل عجينة من هذا الحجر لتجميل وجهها، ولكن حدث أن سقطت هذه العجينة من يدها وهي أمام الموقد في النار، والظاهر أن ناره كانت متأججة فلم يمكنها إنقاذ عجينتها، وفي اليوم التالي عندما كانت تنظف بقايا نار أمس في الموقد لتجهز الإفطار، وجدت لدهشتها أن قطعة عجينة التوتية التي سقطت منها بالأمس قد اختفت، ولكنها في الوقت نفسه وجدت بعض قطع صغيرة من معدن لونه أحمر جميل، مما جعلها تنسى خسارة أمس، لأنها وجدت بدلا منها مادة أخرى جديدة تخلفت من حرق التوتية، يمكنها أن تستعملها في صنع أدوات زينة جديدة .
وقد كان من نتائج هذا الكشف العظيم، أن أخذت صناعة الظران منذ تأريخ التتابع 40 تتقهقر أمام صناعة النحاس التي أخذت في الانتشار والتحسن السريع، فأصبح يصنع منها معظم الآلات التي كان يستعملها إنسان هذا العصر، ومن المدهش أنه كلما كان يقل استعمال الظران في مهام الحياة كلما أخذ الصانع في تحسين الآلات التي كان يستخرجها منه، وربما كان السبب في ذلك أنها كانت تعد في هذا الوقت أدوات زينة وكماليات، وبجانب هذا الظران الفاخر المتقن الصنع، كانت تستعمل حصوات معينة الشكل «الزلط» يهذب أحد طرفي الواحدة منها ويرهف، ولكن في العصر نفسه أخذ النحاس يحل محل الظران بكثرة مضطردة في عمل آلات الحرب، ورغم النهب المنظم الذي حدث في مقابر هذا العصر للحصول على المعادن والأشياء الثمينة، فإنه عثر فيها على مقصات، وقدم، وأزاميل، وخناجر، وخطاطيف من النحاس، وقد عثر كذلك على فأس ذات وجهين يرجع عهدها إلى الرقم 80 من تأريخ التتابع مما يثبت استعمال المعادن بدرجة عظيمة في هذا الحين.
ناپیژندل شوی مخ