د مصر پخوانۍ موسوعه (برخه لومړۍ): په تاريخ دمخه دورې نه تر اهناسي دورې پای
موسوعة مصر القديمة (الجزء الأول): في عصرما قبل التاريخ إلى نهاية العصرالإهناسي
ژانرونه
ومن المدهش أن روح الفن في هذا العصر كاد يكون منعدما، وربما كان السر في ذلك أن إنسان هذا العصر كان موجها كل همه إلى تحقيق الأشياء العملية، فكانوا يصنعون الفخار ليستفيدوا منه لا للزينة، وكذلك كانت حليهم كالقلائد والأساور التي تصنع من العظام أو الطين المحروق نادرة وساذجة، ولا يظهر فيها أي ذوق فني، ولكن رغم انعدام الروح الفني في هؤلاء القوم بالمعنى الحقيقي فإنا نجد الرشاقة الفنية في بعض الأواني وبعض سنان الحراب، مما كان يبشر باستعدادهم للذوق الفني الذي نما فيهم فيما بعد، ومنذ ذلك العصر نشاهد بعض علامات منها نستخلص أن مدنية وادي النيل، كانت تنقسم قسمين متميزين عن بعضهما، وينحصر القسم الأول في الفيوم والدلتا والثاني في الوجه القبلي، وتمتاز مجموعة المدنية الشمالية بأنها أقدم من مدنية الوجه القبلي وأكثر تقدما، وهي التي ظهرت فيها سنان الحراب الفاخرة المهذبة على شكل «ورق الغار» الذي ورد ذكره - فيما سبق - وتعد هذه السنان والبلط المصقولة التي توجد في كل مكان الآلات التي يمتاز بها هذا العصر، وقد وجدت أدلة كثيرة في بحوث أخرى تثبت هذه الحقيقة.
مجموعة آلات من الظران تمثل العصر الحجري الحديث.
آلات للطحن وبلط من العصر الحجري الحديث.
وليس من بين الأماكن الشاسعة التي يحتلها سكان مرمدة بني سلامة ما يمكن مقارنته بمحطات الوجه القبلي حتى في عصر نقادة، وذلك مما يحمل على الظن بأن المدنية في الوجه البحري كانت أكثر تقدما ونموا منها في الوجه القبلي ففي الوجه البحري بدأ الإنسان في تربية الخنزير وجعله أليفا ولم يكن وقتئذ معروفا في الوجه القبلي. وكان إنسان الوجه البحري يستعمل كثيرا من الأواني ذات الحامل المستدير، وهذا النوع من الفخار كان نادر الوجود في الوجه القبلي، وفي حين أن فخار الدلتا كان ذا لون أحمر أو أسود كله وكثيرا ما يكون مصقولا، فإن الأواني المصنوعة من الطين الأسود والمزخرفة بمادة بيضاء وكذلك الأواني الحمراء ذات الحافة السوداء كانت خاصة بالوجه القبلي.
وقد أطلق علماء ما قبل التاريخ على مدنية العصر النيوليتي في الوجه البحري اسم المدنية المرمدية نسبة إلى أهم موقع عثر فيه على صناعات من هذا العصر. أما مدنية الوجه القبلي فيطلق عليها اسم المدنية الطاسية نسبة إلى بلدة «دير طاسا» القريبة من البداري، وهي التي وجدت فيها أقدم آثار مصرية إلى الآن من هذا العصر، وهذه البلدة تمتاز بحفائرها، ففي مصانعها وجدت البلطة والقدوم منتشرتين، أما أدوات الزينة فنادرة فيها وينحصر ما وجد في بعض محار وخرز مصنوع من العظام أو من الحجر الجيري الأبيض، ويلاحظ أن بين هاتين المدنيتين مدنية أخرى، وهي التي عثر عليها في الفيوم. وهي في جوهرها تميل إلى مدنية الوجه البحري، غير أن لها بعض مميزات خاصة بها. فمثلا نجد أن مخازن الغلال تقام على مرتفع بعيدة عن المساكن ومجموعة في مكان واحد، هذا إلى أن مدافن الفيوم لم توجد بالقرية، لأنها كانت مفصولة عنها كما هو الحال في الوجه القبلي. (2-8) عصر بداية المعادن
يمتاز عصر بداية استعمال المعادن بظهور صناعة جديدة، غطت على صناعة الظران، وأعنى بذلك صناعة المعادن؛ إذ وجدت في هذا العصر آلات وحلي من النحاس والذهب في بادئ الأمر، ثم عرف فيما بعد استعمال الشبه «البرنز»، وباستعمال المعادن أخذ الإنسان الأنيوليتي يستغني تدريجا عن صنع آلاته من الظران والأحجار الصلبة الأخرى التي كان يستعملها في العصور السابقة. على أن صناعة الظران لم تدرس جملة، بل بقيت بعض الشيء حتى في العصور المصرية التاريخية؛ وذلك لأن المصري كان بطبعه عبدا للتقاليد والعادات، فكان يستعمل الظران في أوج مدنيته سنانا للسهام وغير ذلك. هذا العصر قد أطلق على العهد الذي سبق بداية التاريخ أي عهد ظهور الكتابة في مصر.
والواقع أننا إلى الآن في كل بحثنا عن مدنية ما قبل التاريخ في العصور القديمة، لم نجد مميزات بارزة يمتاز بها وادي النيل عن باقي ممالك العالم، اللهم إلا بعض خصائص قليلة ، ولكن من جهة أخرى لاحظنا على وجه عام أن مدنية الوادي تتفق في مجموعها مع المدنيات الأوروبية في تلك العهود السحيقة في القدم، وكذلك تتمشى بوجه خاص مع عصور ما قبل التاريخ العام في أفريقيا الشمالية.
ومع أن عصر بداية المعادن في أوروبا يتفق مع عصر ظهور المعادن في وادي النيل، إلا أننا نشاهد من جهة أخرى أنه قد ظهرت فيه مميزات خاصة معلمة، أخذت تزداد وضوحا، حتى إنها صبغت ثقافة هذا العصر بصيغة أصلية، وأعطته لونا خاصا ميزه عن الممالك المجاورة، ويمكن تشبيه هذه المدنية الخاصة بانبثاق غصن ناشئ أينع في أصل شجرة في شيخوختها، فأزهر وأثمر ثمارا مختلفة أنواعها، وهذه الحياة الجديدة التي انبعثت في البلاد دب دبيبها في كل نواحي الفن والصناعات، كصناعة الفخار، وفي حفر العاج والخشب، وتهذيب الظران، وصنعه آلات بلغت الدرجة القصوى في الإتقان.
ويرجع الفضل في إبراز هذه الثقافة المصرية من مكمنها في بدايتها إلى جهود العلماء الذين وقفوا حياتهم عدة أجيال على القيام بالحفائر، التي أنتجت العناصر التي منها تتألف تلك الثقافة، لذلك كان لزاما علينا قبل أن نبدأ في درس هذه المدنية الأنيوليتية أن نمر سريعا بكلمة موجزة على أعمال هؤلاء الباحثين في الحفر والتنقيب.
وأول من فتح الطريق في هذا المضمار هو الأستاذ «فلندرز بتري»، وذلك في عام 1889 عندما قام بحفائر في اللاهون «كاهون»
ناپیژندل شوی مخ