287

موسوعه قرانیه

ژانرونه

عمران : بيان أسباب انصراف الناس عن الحق ، وشرح أسباب العلة التي تستحوذ على عقول الناس ، وتستولي على قلوبهم ، فتصرفهم عن الاستماع للحق والالتفات إليه.

وقد بينت السورة أن هذه العلة هي غرور الناس بما لهم من أموال وأولاد وجاه وسلطان ، فقد كانوا يتصورون أن في إيمانهم بصاحب الدعوة الجديدة زلزلة لما لهم من جاه وسلطان ، وأنهم في غنى عن هذه الدعوة بما لهم من الأموال والأولاد. ويظنون أن ذلك كان لهم عن استحقاق ذاتي وأنه دائم لا يزول ، ولا يؤثر فيه إيمان ولا كفر ، وكثيرا ما حدثنا القرآن عن مثل هذا الوهم الفاسد الذي خدع كثيرا من الناس فأضلهم وأعمى أبصارهم ، قال تعالى :

( ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (35) وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ) (36) [الكهف].

وقال سبحانه :

( إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين (76) وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين (77) قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون ) (78) [القصص].

وعلى هذا الأساس الذي أرشدنا الله إليه في كثير من آيات كتابه ، أخذت سورة آل عمران تضرب على هذه العلة التي يتوارثها الجبارون ، وترشد إلى أن حب المال والغرور بمتاع الحياة هما علة العلل ، وهما الحائل بين الناس وبين الحياة الطيبة والإيمان الصادق. وفي ذلك تقول :

( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار ) (10).

وجدير بالمسرفين في كل زمان ومكان أن يلتفتوا إلى أن الأموال التي ينفقونها في لذاتهم وشهواتهم وبسط سلطانهم على الناس بغير حق ، لا بد أن تفسد عليهم في نهاية الأمر أخلاقهم

مخ ۹