264

موسوعه قرانیه

ژانرونه

الشجر ، وأكثرها منافع ، خصهما سبحانه بالذكر وجعل الجنة منهما ، وإن كان فيها غير هما تغليبا لهما وتفضيلا.

فإن قيل : قوله تعالى : ( لا يسئلون الناس إلحافا ) [الآية 273] يدل بمفهومه على أنهم كانوا يسألون الناس برفق ، فلم قال سبحانه : ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ) [الآية 273].

قلنا : المراد به نفي السؤال والإلحاف جميعا ، كقوله تعالى : ( لا ذلول تثير الأرض ) [الآية 71] ، أو كقول الأعشى :

لا يغمز الساق من أين ولا وصب معناه ليس بساقه أين ، ولا وصب ، فغمزها .

فإن قيل : لم قال تعالى : ( الذين يأكلون الربا ) [الآية 275] ، ألحق الوعيد بأكله مع أن لابسه ، ومدخره ، وواهبه ، أيضا ، في الإثم سواء؟

قلنا : لما كان أكثر الانتفاع والهم بالمال ، إنما هو الأكل ، لأنه مقصود لا غناء عنه ولا بد منه ، عبر عن أنواع الانتفاع بالأكل كما يقال : أكل فلان ماله كله ، إذا أخرجه في مصالح الأكل وغيره؟

فإن قيل : لم خص الأكل بذكر الوعيد ، دون المطعم ، وكلاهما آثم؟

قلنا : لأن انتفاعه الدنيوي بالربا ، أكثر من انتفاع المطعم.

فإن قيل : لم قال تعالى : ( قالوا إنما البيع مثل الربا ) [الآية 275] والكلام إذ ذاك في الربا ، ومقصودهم تشبيهه بالبيع ؛ فقياسه إنما الربا مثل البيع في حله؟

قلنا : جاءوا بالتمثيل على طريق المبالغة ، وذلك أنه بلغ من اعتقادهم استحلال الربا ، أنهم جعلوه أصلا في الحل والبيع ، وفرعا كقولهم : القمر كوجه زيد ، والبحر ككفه ، إذا أرادوا المبالغة.

فإن قيل : كيف قلتم إن أهل الكبائر لا يخلدون في النار ، وقد قال الله تعالى في حق آكل الربا : ( ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) (275)؟.

قلنا : الخلود يستعمل بمعنى طول البقاء وإن لم يكن بصفة التأبيد ، يقال : خلد الأمير فلانا في الحبس ، إذا طال حبسه ، أو أن قوله تعالى : ( فأولئك ) إشارة إلى من عاد إلى استحلال الربا ،

مخ ۲۷۷