قلنا : لما أوتيا من الآيات الظاهرة والمعجزات الباهرة ، مع الكتابين العظيمين المشهورين.
فإن قيل : لم قال تعالى : ( من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة ) [الآية 254] وفي يوم القيامة شفاعة الأنبياء وغيرهم بدليل قوله سبحانه : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) [الآية 255] وقوله تعالى : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) [الأنبياء : 28] وقوله تعالى : ( ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ) [سبأ : 23].
قلنا : هذه الآيات لا تدل على وجود الشفاعة يوم القيامة ، بل تدل على أنها لا توجد ولا تنفع من غير إذنه تعالى ، ولا توجد لغير مرضي عنده ، وهذا لا يتعارض مع وجودها ، بل المتعارض معه هو الإخبار عن وجودها ، لا الإخبار عن إمكان وجودها ، ولو سلم ، فالمراد به نفي شفاعة الأصنام والكواكب التي كانوا يؤمنون بها. ولهذا عرض بذكر الكفار ، بقوله تعالى : ( والكافرون هم الظالمون ) (254) وقيل : المراد ، أنه لا شفاعة في إثم ترك الواجبات ، لأن الشفاعة في الاخرة في زيادة الفضل لا غير ، والخطاب مع المؤمنين في النفقة الواجبة وهي الزكاة.
فإن قيل : لم قال الله تعالى : ( والكافرون هم الظالمون ) على وجه الحصر ، وغيرهم ظالم أيضا؟
قلنا : لأن ظلمهم أشد ، فكأنه لا ظالم إلا هم ، نظيره قوله تعالى : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) [فاطر : 28].
فإن قيل لم قال الله تعالى : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) [الآية 257] بلفظ المضارع ، ولم يقل أخرجهم بلفظ الماضي ، والإخراج قد وجد ، لأن الإيمان قد وجد؟
قلنا : لفظ المضارع فيه دلالة على استمرار ذلك الإخراج ، من الله تعالى في الزمان المستقبل ، في حق من آمن ، بزيادة كشف الشبه ومضاعفة الهداية ، وفي حق من لم يؤمن ، ممن قضى الله أنه سيؤمن بابتداء الهداية وزيادتها ، أيضا ، ولفظ الماضي لا يدل على هذا المعنى.
فإن قيل : متى كان المؤمنون في ظلمات الكفر ، والكافرون في نور الإيمان ليخرجوا من ذلك؟
مخ ۲۷۴