«العباس بن عبد المطلب»، وكان لا يزال مشركا، لكنه رغب فى حضور
هذا الاجتماع؛ ليطمئن على ابن أخيه.
وفى هذا اللقاء بايع الحاضرون النبى - صلى الله عليه وسلم - «بيعة
العقبة الثانية» أو «بيعة القتال»، لأن أهم ما تضمنته التزام أهل
«يثرب» بالدفاع عن النبى عندما يهاجر إليهم، ومنعه مما يمنعون منه
أنفسهم ونساءهم وأبناءهم. وبعد أن تمت البيعة اتفق على ترتيبات
هجرة أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى «يثرب»، وما يلتزمه
أهل «يثرب» تجاههم من توفير المأوى والمعاش.
وقد أثبت أهل «يثرب» أنهم أهل كرم وشهامة وتضحية، فقدموا
لإخوانهم المهاجرين كل ما يحتاجون إليه، بل وآثروهم على أنفسهم.
المؤامرة الكبرى:
بدأ أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - من أهل «مكة» يهاجرون
إلى موطنهم الجديد، أفرادا وجماعات متخفين عن أعين «قريش»،
وبقى الرسول فى «مكة»، ووقعت «قريش» فى حيرة شديدة؛ لأنها
لم تكن تعرف ما هو صانع؛ هل سيبقى فى «مكة»، أم سيلحق
بأصحابه إلى «يثرب»؟ وفى هذا خطر شديد عليهم، لأنه سيجد فى
«يثرب» المنعة والحماية والاستعداد للدفاع عنه، مما قد يجرهم إلى
الدخول فى عداء سافر مع «يثرب».
وأمام هذه التطورات المتلاحقة قررت «قريش» أن تحزم أمرها سريعا
قبل أن يهاجر النبى ويفلت من بين يديها، فعقدوا اجتماعا فى دار
الندوة لم يحضره أحد من «بنى هاشم» سوى «أبى لهب» عم النبى،
وبحثوا فيه الأمر، وعرضت ثلاثة اقتراحات لمواجهة الموقف، الأول:
أن يضعوا «محمدا» فى السجن، والثانى: أن ينفوه من «مكة»،
والثالث: أن يقتلوه، وحاز الاقتراح الثالث الموافقة على تنفيذه،
وهذه هى المؤامرة التى عبر عنها القرآن الكريم، فى قوله تعالى:
{وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون
ويمكر الله والله خير الماكرين}. [الأنفال: 30].
وبعد أن اتفقوا على قتله، ناقشوا كيفية تنفيذ ذلك، فرأوا أن
مخ ۲۷