الْقسم الأول: قوم غلب عَلَيْهِم الزّهْد والتقشف فتغفلوا عَن الْحِفْظ والتمييز وَمِنْهُم من ضَاعَت كتبه أَو احترقت أَو دَفنهَا ثمَّ حدث من حفظه فغلط، فَهَؤُلَاءِ تَارَة يرفعون الْمُرْسل وَتارَة يسندون الْمَوْقُوف، وَتارَة يقلبون الْإِسْنَاد وَتارَة يدْخلُونَ حَدِيثا فِي حَدِيث.
وَالْقسم الثَّانِي: قوم لم يعانوا على النَّقْل فَكثر خطأهم وفحش على نَحْو مَا جرى للقسم الأول.
وَالْقسم الثَّالِث: قوم ثقاة لكِنهمْ اخْتلطت عُقُولهمْ فِي آخر أعمارهم فخلطوا فِي الرِّوَايَة.
وَالْقسم الرَّابِع: قوم غلب عَلَيْهِم السَّلامَة والغفلة، ثمَّ انقسم هَؤُلَاءِ فَمنهمْ من كَانَ يلقن فيتلقن، وَيُقَال لَهُ: قل فَيَقُول.
وَقد كَانَ بعض أَوْلَاد هَؤُلَاءِ
أَو.. (١) يضع لَهُ الحَدِيث فيدون وَلَا يعلم، وَمِنْهُم من كَانَ يروي الْأَحَادِيث، وَإِن لم تكن سَمَاعا لَهُ ظنا مِنْهُ أَن ذَلِك جَائِز.
وَقد قيل لبَعض متغفليهم: هَذِه الصَّحِيفَة سماعك؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِن مَاتَ الَّذِي رَوَاهَا فرويتها مَكَانَهُ.
وَالْقسم الْخَامِس: قوم تعمدوا الْكَذِب، ثمَّ انقسم هَؤُلَاءِ ثَلَاثَة أَقسَام: الْقسم الأول: قوم رووا الْخَطَأ من غير أَن يعلمُوا أَنه خطأ، فَلَمَّا عرفُوا وَجه الصَّوَاب وأتقنوا بِهِ أصروا على الْخَطَأ أَنَفَة من أَن ينسبوا إِلَى غلط.
وَالْقسم الثَّانِي: قوم رووا عَن كَذَّابين وضعفاؤهم يعلمُونَ ودلسوا أَسْمَاءَهُم فالكذب من أُولَئِكَ الْمَجْرُوحين وَالْخَطَأ الْقَبِيح من هَؤُلَاءِ المدلسين وهم فِي مرتبَة الْكَذَّابين لما قد صَحَّ عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ: " من روى عَنى حَدِيثا يرى أَنه كذب فَهُوَ أحد الْكَذَّابين " وَمن هَذَا الْقسم قوم رووا عَن أَقوام
_________
(١) هُنَا بَيَاض فِي الاصل لَعَلَّ مَكَانَهُ روانه.
(*)
1 / 36