موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

ابن محمد جمال الدين قاسمي d. 1332 AH
90

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

پوهندوی

مأمون بن محيي الدين الجنان

خپرندوی

دار الكتب العلمية

ضَرُورَةِ هَذِهِ النِّيَّةِ أَنْ لَا يَمُدَّ الْيَدَ إِلَى الطَّعَامِ إِلَّا وَهُوَ جَائِعٌ فَيَكُونُ الْجُوعُ أَحَدَ مَا لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِهِ عَلَى الْأَكْلِ، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ الْيَدَ قَبْلَ الشِّبَعِ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَغْنَى عَنِ الطَّبِيبِ. الرَّابِعُ: أَنْ يَرْضَى بِالْمَوْجُودِ مِنَ الرِّزْقِ وَالْحَاضِرِ مِنَ الطَّعَامِ. الْخَامِسُ: أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَكْثِيرِ الْأَيْدِي عَلَى الطَّعَامِ وَلَوْ مِنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ فَإِنَّ خَيْرَ الطَّعَامِ مَا كَثُرَتْ عَلَيْهِ الْأَيْدِي ; وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَا يَأْكُلُ وَحْدَهُ. الْقِسْمُ الثَّانِي فِي آدَابِهِ حَالَةُ الْأَكْلِ: وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِـ «بِسْمِ اللَّهِ» فِي أَوَّلِهِ، وَبِـ «الْحَمْدُ لِلَّهِ» فِي آخِرِهِ، وَيَجْهَرَ بِهِ لِيُذَكِّرَ غَيْرَهُ، وَيَأْكُلَ بِالْيُمْنَى وَيُصَغِّرَ اللُّقْمَةَ وَيُجَوِّدَ مَضْغَهَا، وَمَا لَمْ يَبْتَلِعْهَا لَا يَمُدُّ الْيَدَ إِلَى الْأُخْرَى فَإِنَّ ذَلِكَ عَجَلَةٌ فِي الْأَكْلِ، وَأَنْ لَا يَذُمَّ مَأْكُولًا. كَانَ ﷺ لَا يَعِيبُ مَأْكُولًا، كَانَ إِذَا أَعْجَبَهُ أَكْلُهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ. وَأَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِيهِ إِلَّا الْفَاكِهَةَ فَلَهُ أَنْ يُجِيلَ يَدَهُ فِيهَا، وَلَا يَضَعَ عَلَى الْخُبْزِ قَصْعَةً وَلَا غَيْرَهَا إِلَّا مَا يُؤْكَلُ بِهِ، وَلَا يَمْسَحَ يَدَهُ بِالْخُبْزِ وَلَا يَنْفُخَ فِي الطَّعَامِ الْحَارِّ بَلْ يَصْبِرَ إِلَى أَنْ يَسْهُلَ أَكْلُهُ، وَلَا يَجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالنَّوَى فِي طَبَقٍ، وَلَا يَجْمَعَ فِي كَفِّهِ بَلْ يَضَعَ النَّوَاةَ مِنْ فِيهِ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ ثُمَّ يُلْقِيهَا وَكَذَا كُلُّ مَا لَهُ عَجَمٌ وَثُفْلٌ، وَأَنْ لَا يَتْرُكَ مَا اسْتَرْذَلَهُ مِنَ الطَّعَامِ وَيَطْرَحَهُ فِي الْقَصْعَةِ بَلْ يَتْرُكَهُ مَعَ الثُّفْلِ حَتَّى لَا يَلْتَبِسَ عَلَى غَيْرِهِ فَيَأْكُلَهُ، وَأَنْ لَا يُكْثِرَ الشُّرْبَ فِي أَثْنَاءِ الطَّعَامِ إِلَّا إِذَا غَصَّ بِلُقْمَةٍ أَوْ صَدَقَ عَطَشُهُ. وَأَمَّا الشُّرْبُ: فَأَدَبُهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكُوزَ بِيَمِينِهِ وَيَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ وَيَشْرَبَهُ مَصًّا لَا عَبًّا، وَلَا يَشْرَبَ قَائِمًا وَلَا مُضْطَجِعًا، وَيَنْظُرَ فِي الْكُوزِ قَبْلَ الشُّرْبِ، وَلَا يَتَجَشَّأَ وَلَا يَتَنَفَّسَ فِي الْكُوزِ بَلْ يُنَحِّيَهُ عَنْ فَمِهِ بِالْحَمْدِ وَيَرُدَّهُ بِالتَّسْمِيَةِ. وَالْكُوزُ وَكُلُّ مَا يُدَارُ عَلَى الْقَوْمِ يُدَارُ يَمْنَةً. وَقَدْ شَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَبَنًا وأبو بكر ﵁ عَنْ شِمَالِهِ وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ فَنَاوَلَ الْأَعْرَابِيَّ وَقَالَ: الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ. وَيَشْرَبَ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ يَحْمَدُ اللَّهَ فِي أَوَاخِرِهَا وَيُسَمِّي اللَّهَ فِي أَوَائِلِهَا. الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا يُسْتَحَبُّ بَعْدَ الطَّعَامِ: وَهُوَ أَنْ يُمْسِكَ قَبْلَ الشِّبَعِ ثُمَّ يَغْسِلَ يَدَهُ وَيَتَخَلَّلَ وَيَرْمِيَ الْمُخْرَجَ بِالْخِلَالِ، وَأَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ عَلَى مَا أَطْعَمَهُ فَيَرَى الطَّعَامَ نِعْمَةً مِنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) [الْبَقَرَةِ: ١٧٢] فَإِنْ أَكَلَ طَعَامَ الْغَيْرِ فَلْيَدْعُ لَهُ وَلْيَقُلْ: «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ خَيْرَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا رَزَقْتَهُ وَاجْعَلْنَا وَإِيَّاهُ مِنَ الشَّاكِرِينَ» . وَإِنْ أَفْطَرَ عِنْدَ قَوْمٍ فَلْيَقُلْ: أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ. وَلْيُكْثِرِ الِاسْتِغْفَارَ وَالْحُزْنَ عَلَى مَا أَكَلَ مِنْ شُبْهَةٍ. وَيُسْتَحَبُّ عَقِيبَ الطَّعَامِ أَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا. آدَابُ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْأَكْلِ وَهِيَ سَبْعَةٌ: الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَبْتَدِئَ بِالطَّعَامِ وَمَعَهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمَ بِكِبَرِ سَنٍّ أَوْ زِيَادَةِ فَضْلٍ إِلَّا أَنْ

1 / 93