موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

ابن محمد جمال الدين قاسمي d. 1332 AH
48

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

پوهندوی

مأمون بن محيي الدين الجنان

خپرندوی

دار الكتب العلمية

أَنْ قِيلَ لَهُ: هَلْ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ قَالَ: نَعَمْ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ ﷿: (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى) [الْبَقَرَةِ: ١٧٧] الْآيَةَ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ ﷿: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [الْبَقَرَةِ: ٣، الْأَنْفَالِ: ٣، وَالْحَجِّ: ٣٥، الْقَصَصِ: ٥٤، السَّجْدَةِ: ١٦ وَالشُّورَى: ٣٨] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [الْمُنَافِقُونَ: ١٠] فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ مَهْمَا وَجَدَ مُحْتَاجًا أَنْ يُزِيلَ حَاجَتَهُ عَدَا مَالِ الزَّكَاةِ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ الَّذِينَ يَقْتَصِرُونَ عَلَى أَدَاءِ الْوُجُوبِ فَلَا يَزِيدُونَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَقِصُونَ مِنْهُ وَهِيَ أَقَلُّ الرُّتَبِ، وَقَدِ اقْتَصَرَ جَمِيعُ الْعَوَامِّ عَلَيْهِ لِبُخْلِهِمْ بِالْمَالِ وَمَيْلِهِمْ إِلَيْهِ وَضَعْفِ حُبِّهِمْ لِلْآخِرَةِ. الْمَعْنَى الثَّانِي: التَّطْهِيرُ مِنْ صِفَةِ الْبُخْلِ فَإِنَّهُ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ، قَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الْحَشْرِ: ٩، وَالتَّغَابُنِ: ١٦] وَإِنَّمَا تَزُولُ صِفَةُ الْبُخْلِ بِأَنْ تَتَعَوَّدَ بَذْلَ الْمَالِ، فَحُبُّ الشَّيْءِ لَا يَنْقَطِعُ إِلَّا بِقَهْرِ النَّفْسِ عَلَى مُفَارَقَتِهِ حَتَّى يَصِيرَ اعْتِيَادًا، وَالزَّكَاةُ بِهَذَا الْمَعْنَى طُهْرَةٌ، أَيْ تُطَهِّرُ صَاحِبَهَا عَنْ خَبَثِ الْبُخْلِ الْمُهْلِكِ، وَإِنَّمَا طَهَارَتُهُ بِقَدْرِ بَذْلِهِ وَبِقَدْرِ فَرَحِهِ بِإِخْرَاجِهِ وَاسْتِبْشَارِهِ بِصَرْفِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. الْمَعْنَى الثَّالِثُ: شُكْرُ النِّعْمَةِ ; فَإِنَّ لِلَّهِ ﷿ عَلَى عَبْدِهِ نِعْمَةً فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَالْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّةُ شُكْرٌ لِنِعْمَةِ الْبَدَنِ، وَالْمَالِيَّةُ شُكْرٌ لِنِعْمَةِ الْمَالِ، وَمَا أَخَسَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى الْفَقِيرِ وَقَدْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ الرِّزْقُ وَأُحْوِجَ إِلَيْهِ ثُمَّ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِأَنْ يُؤَدِّيَ شُكْرَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إِغْنَائِهِ عَنِ السُّؤَالِ وَإِحْوَاجِ غَيْرِهِ إِلَيْهِ بِرُبْعِ الْعُشْرِ أَوِ الْعُشْرِ مِنْ مَالِهِ. وَظَائِفُ الْمُزَكِّي: [الْوَظِيفَةُ الْأُولَى] [الثَّانِيَةُ]: التَّعْجِيلُ عَنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ إِظْهَارًا لِلرَّغْبَةِ فِي الِامْتِثَالِ بِإِيصَالِ السُّرُورِ إِلَى

1 / 51