موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

ابن محمد جمال الدين قاسمي d. 1332 AH
23

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

پوهندوی

مأمون بن محيي الدين الجنان

خپرندوی

دار الكتب العلمية

السَّادِسُ: وَسَخُ الْبَرَاجِمِ وَهِيَ مَعَاطِفُ ظُهُورِ الْأَنَامِلِ، كَانَتِ الْعَرَبُ لَا تُكْثِرُ غَسْلَ ذَلِكَ لِتَرْكِهَا غَسْلَ الْيَدِ عَقِيبَ الطَّعَامِ فَيَجْتَمِعُ فِي تِلْكَ الْغُضُونِ وَسَخٌ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِغَسْلِ الْبَرَاجِمِ. السَّابِعُ: تَنْظِيفُ الرَّوَاجِبِ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْعَرَبَ بِتَنْظِيفِهَا وَهِيَ رُؤُوسُ الْأَنَامِلِ وَمَا تَحْتَ الْأَظَافِرِ مِنَ الْوَسَخِ لِأَنَّهَا كَانَتْ لَا يَحْضُرُهَا الْمِقْرَاضُ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَتَجْتَمِعُ فِيهَا أَوْسَاخٌ. الثَّامِنُ: الدَّرَنُ الَّذِي يَجْتَمِعُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ بِرَشْحِ الْعَرَقِ وَغُبَارِ الطَّرِيقِ وَذَلِكَ يُزِيلُهُ الْحَمَّامُ. آدَابُ الْحَمَّامِ: لَا بَأْسَ بِدُخُولِ الْحَمَّامِ، دَخَلَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَمَّامَاتِ الشَّامِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «نِعْمَ الْبَيْتُ بَيْتُ الْحَمَّامِ يُطَهِّرُ الْبَدَنَ وَيُذَكِّرُ النَّارَ» رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ ﵄. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «بِئْسَ الْبَيْتُ بَيْتُ الْحَمَّامِ يُبْدِي الْعَوْرَةَ وَيُذْهِبُ الْحَيَاءَ» فَهَذَا تَعَرُّضٌ لِآفَتِهِ، وَذَاكَ تَعَرُّضٌ لِفَائِدَتِهِ، وَلَا بِأْسَ بِطَلَبِ فَائِدَتِهِ عِنْدَ الِاحْتِرَازِ مِنْ آفَتِهِ. وَلَكِنْ عَلَى دَاخِلِ الْحَمَّامِ وَظَائِفُ مِنَ السُّنَنِ وَالْوَاجِبَاتِ، فَعَلَيْهِ وَاجِبَانِ فِي عَوْرَتِهِ، وَوَاجِبَانِ فِي عَوْرَةِ غَيْرِهِ. أَمَّا الْوَاجِبَانِ فِي عَوْرَتِهِ فَهُوَ أَنْ يَصُونَهَا عَنْ نَظَرِ الْغَيْرِ وَيُوصُونَهَا عَنْ مَسِّ الْغَيْرِ، فَلَا يَتَعَاطَى أَمْرَهَا وَإِزَالَةَ وَسَخِهَا إِلَّا بِيَدِهِ، وَيَمْنَعُ الدَّلَّاكَ مِنْ مَسِّ الْفَخِذِ وَمَا بَيْنَ السُّرَّةِ إِلَى الْعَانَةِ. وَالْوَاجِبَانِ فِي عَوْرَةِ الْغَيْرِ أَنْ يَغُضَّ بَصَرَ نَفْسِهِ عَنْهَا وَأَنْ يَنْهَى عَنْ كَشْفِهَا، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْكَشْفِ وَاجِبٌ وَعَلَيْهِ ذِكْرُ ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ. وَأَمَّا السُّنَنُ فَمِنْهَا النِّيَّةُ، وَهُوَ أَنْ لَا يَدْخُلَ لِعَاجِلِ دُنْيَا وَلَا عَابِثًا لِأَجْلِ هَوًى، بَلْ يَقْصِدُ بِهِ التَّنَظُّفَ الْمَحْبُوبَ تَزَيُّنًا لِلصَّلَاةِ، وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى عِنْدَ الدُّخُولِ، وَلَا يُعَجِّلُ بِدُخُولِ الْبَيْتِ الْحَارِّ حَتَّى يَعْرَقَ فِي الْأَوَّلِ، وَأَنْ لَا يُكْثِرَ صَبَّ الْمَاءِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، فَإِنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ لَوْ عَلِمَهُ الْحَمَّامِيُّ لَكَرِهَهُ، لَا سِيَّمَا الْمَاءُ الْحَارُّ فَلَهُ مُؤْنَةٌ وَفِيهِ تَعَبٌ، وَأَنْ يَتَذَكَّرَ حَرَّ النَّارِ بِحَرِّ الْحَمَّامِ وَيُقَدِّرَ نَفْسَهُ مَحْبُوسًا فِي الْبَيْتِ الْحَارِّ سَاعَةً وَيَقِيسُهُ إِلَى جَهَنَّمَ، فَإِنَّهُ أَشْبَهُ بَيْتٍ بِجَهَنَّمَ، النَّارُ مِنْ تَحْتٍ وَالظَّلَامُ مِنْ فَوْقٍ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَافِحَ الدَّاخِلَ وَيَقُولَ عَافَاكَ اللَّهُ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُدَلِّكَهُ غَيْرُهُ وَيَغْمِزَ ظَهْرَهُ وَأَطْرَافَهُ. ثُمَّ مَهْمَا فَرَغَ مِنَ الْحَمَّامِ شَكَرَ اللَّهَ ﷿ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ. وَيُكْرَهُ طِبًّا صَبُّ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الرَّأْسِ عِنْدَ الْخُرُوجِ وَكَذَا شُرْبُهُ. وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ دُخُولُهُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ بِمِئْزَرٍ سَابِغٍ.

1 / 26