183

موارد الظمآن لدروس الزمان

موارد الظمآن لدروس الزمان

د ایډیشن شمېره

الثلاثون

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ

ژانرونه

مِنهُ خَيْرٌ وَلا هُو مِن شَأْنِهِ فَالخَيرُ الذي يَصْدُرُ مِنها إِنَّمَا هُوَ مِن اللهِ وبِهِ، لا من العبد ولا بِهِ، كما قَالَ تعالى:
﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ﴾، وقَالَ أهلُ الجنة: ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا﴾، وقَالَ ﵎ لرسوله: ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾، وقَالَ تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ الآية.
فكلُ خيرٍ في العبدِ فهو مُجَرَّدُ فضلِ اللهِ وَمنَّتِهِ وإحسانِهِ وَهُوَ المَحْمُودُ عليهِ فرؤيةُ العبدِ لأَعْمَالِهِ في الحقيقةِ كَرُؤْيتهِ لِصفاتِهِ الخَلْقِيَّةِ مِن سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وإدْرَاكِهِ وَقُوَّتِهِ، بَلْ مِن صِحّتِهِ وَسَلامَةِ أعضائِهِ ونحو ذلكَ، فالكلُ مُجَرَّدُ عَطَاءِ اللهِ وَنعمتِهِ وَفَضْلِهِ فالذي يُخَلِّصُ العَبْدَ مِن هذِهِ الآفةِ مَعْرِفَةُ رَبِّهِ وَمَعْرِفَةُ نَفْسِهِ.
والذي يُخَلِّصُهُ مِن طلبِ العِوَضِ على العملِ عِلْمُهُ بأنه عَبْدُ مَحْضٌ، والعَبْدُ لا يَسْتَحقُّ على خِدْمَتِهِ لِسَيّدَهِ عِوَضًا ولا أجْرَةَ، إذْ هُو يَخْدِمُهُ بِمُقْتَضي عُبُودِيَتِهِ، فَمَا يَنَالَه مِن سَيِّدِهِ مِن الأجر والثَوابِ تَفَضَّلٌ منه وإحسانٌ إليهِ وإنْعَامٌ عليهِ لا مُعَاوَضَةَ، إذِ الأُجْرَةُ إِنَما يَسْتَحِقُّهَا الحُرُّ أو عَبْدُ الغَيْرِ فأمَّا عَبْدُ نَفْسَهُ فلا. والذي يُخلِصُه مِنَ رِضَاهُ بِعَمَلِهِ وَسُكُونِهِ إِليهِ أَمْرَانِ. أَحدُهُمَا: مطالعةُ عُيُوبِهِ وآفاتِهِ وَتَقصيرِهِ فيه وما فيهِ مِن حَظِ النَّفْسِ والشيطانِ، فَقَلَّ عَمَلٌ مِن الأَعْمَالِ إلا ولِلشَّيْطَانِ فيه نَصِيب وإنْ قَلَّ وَلِلنَّفْسِ فيه حظ.
الثاني: عِلْمُهُ بما يَسْتَحِقُّهُ الربُّ ﷻ مِن حُقُوقِ العُبوديةِ وآدابِهَا الظاهرةِ وَالباطنةِ وشروطِهَا وأَنَّ العَبْدَ أضعفُ وأَعجزُ مِن أنْ يُوَفِيها

1 / 182