موارد الظمآن لدروس الزمان
موارد الظمآن لدروس الزمان
د ایډیشن شمېره
الثلاثون
د چاپ کال
١٤٢٤ هـ
ژانرونه
فإن العِلْمَ كَمَا قَالَ الحسنُ عِلْمَان: عِلْمُ اللسانِ فذاك حَجُةُ اللهِ على ابن آدم، وعلْمُ في القلبِ فذَاك العِلْمُ النافِعُ. وروي عن الحسن مرسلًا عن النبي ﷺ.
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود ﵁ قَالَ: «إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ وَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ» .
فالعلمُ النافعُ هو ما بَاشرَ القلبَ فأوْقَرَ فيه معرفَة اللهِ وعظمته وخَشْيتهِ وإجلالَه وتَعْظِيمهُ ومحبته، ومتى سَكَنَتْ هذِه الأشياءُ في القلبَ خَشَعَ فَخَشَعَتَ الجوارُح تَبَعًا لَهُ. وفي صحيح مسلم عن النبي ﷺ أنه كان يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ» .
وهذَا يَدُلُ على أن العلْمَ الذي لا يوِجِبُ الخشوعَ لِلْقَلْبِ فهو عِلْمٌ غَيْرُ نَافعٍ. وروي عنه ﷺ أنه كان يَسْأَلُ الله علمًا نافعًا. وفي حديث آخر: «سَلُوا الله علمًا نافعًا وتَعوذُوا باللهِ مِنْ علمٍ لا ينفع» .
وأما العلمُ الذي على اللسان فهو حُجَّةُ اللهِ على ابنِ آدم كما قَالَ ﷺ: «والقرآنُ حُجُّةٌ الله لَكَ أَوْ عَلَيْكَ» . فإذا ذهبَ مِن الناسِ العلمُ الباطنُ بَقِيَ الظَّاهرُ على الألسنةِ حُجَّةً.
ثم يَذْهبُ الْعِلْمُ الذي هو حجةٌ بذَهَابِ حَملته ولا يَبْقَى مِن الدِّين إلا اسْمُهُ ولا مِن القرآن إلا رَسْمُهُ، فَيَبْقَى الْقرآنُ في المصاحفِ ثم يُسْرى به في آخر الزمان فلا يَبْقَى مِنْه في المصاحفِ ولا في القلوب شيء.
ومن هنا قَسَّم مَنْ قَسَّمَ مِن العلماء إلى باطنٍ وظاهر: فالباطن: ما باشَرَ القلوبَ فأثْمرَ لها الخشيةَ والخشوعَ والتعظيمَ والإِجلالَ والمحبةَ والأنْسَ والشوقَ. والظاهرُ: ما كان على اللسانِ فَبِهِ تَقُومُ حُجَّةُ الله على ابن آدم.
1 / 138