أوقفني في المراتب وقال لي أنا مظهر الإظهار لما لو بدا له أحرقه ، وأنا مسر الأسرار لما لو بدا له أحرقه . وقال لي أظهرت الخلق فصنفتهم أصنافا وجعلت لها الأفئدة فأوقفتها إيقافا فكل قلب واقف في مبلغه منقلب بحكم ما وقف فيه . وقال لي بالتصنيف تعارفت الجسمية وبالوقوف تعارفت العلوية . وقال لي من عرفني فلا عيش له إلا في معرفتي ، ومن رآني فلا قوة له إلا في رؤيتي . وقال لي إذا عرفتني فخف مكري وأني يعرفه إلا المصطفون لعلمي . وقال لي اعتبر المكر بالغيرة فإذا رأيتها تحوشك إلي وإلى سبيلي فقد قر قرار حكمتك وأنار هدي هدايتك ، تمسك بها واصلك من واصل وجانبك من جانب فهي دليلي الذي لا يتيه وتدبيري الذي لا يحيد . وقال لي إذا جاءك التأويل فقد جاءك حجابي الذي لا أنظر إليه ومقتي الذي لا أعطف عليه . وقال لي العلم يدعو إلى العمل والعمل يذكر برب العلم والعلم فمن علم ولم يعمل فارقه العلم ومن علم وعمل لزمه العلم . وقال لي من فارقه العلم لزمه الجهل وقاده إلى المهالك ومن لزمه العلم فتح له أبواب المزيد منه . وقال لي إن عصيت النفس إلا من وجه لم تطعك من وجه . وقال لي بقي علم بقي خاطر ، بقيت معرفة بقي خاطر . وقال لي صاحب العلم إذا رأى صاحب المعرفة آمن ببداياته وكفر بنهاياته وصاحب المعرفة إذا رأى من رآني كفر ببداياته ونهاياته وصاحب الرؤية يؤمن ببداية كل شيء ويؤمن بنهاية كل شيء فلا سترة عليه ولا كفران عنده . وقال لي العلم عمود لا يقله إلا المعرفة والمعرفة عمود لا يقله إلا المشاهدة . وقال لي أول المشاهدة نفي الخاطر وآخرها نفي المعرفة . وقال لي إذا بدا العلم عن المشاهدة أحرق العلوم والعلماء .
54 - موقف السكينة
مخ ۸۸