وهذه الأمور المشتركة بينه وبين غيره ليست كمالا له من حيث أنه إنسان بل إنما هي للجسم مطلقا أو للجسم النامي أو للحيوان وإنما يتميز الإنسان عن هذه الأمور المشاركة فيما ذكر بما أعطي من القوة النطقية التي هي كماله الأول المنوع إياه وما يتبعها من الكمالات الثانية التي بها تتفاضل أفراده بعضها عن بعض من العقل أي استعداده لإدراك المعقولات والعلوم الضرورية الحاصلة له باستعمال الحواس وإدراك المحسوسات والتنبه لما بينها من المشاركات والمباينات وأهليته للنظر والاستدلال وترقيه بذلك في درجات الكمال وعلمه بما أمكن واستحال فإذا كماله الأشرف الأعلى إنما هو بتعقل المعقولات الأولى واكتساب المجهولات منها وإن كانت الأخلاق الحسنة التابعة للأعمال الصالحة كمالا له معتدا به أيضا لكن الكمالات العلمية أرفع وأسنى إذ لا كمال له كمعرفته تعالى
مخ ۲۰