الثالث: الإجماع , كتعليل تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب في الإرث , بامتزاج النسبين.
الرابع: المناسبة، المناسب ما يجلب للإنسان نفعا أو يدفع عنه ضررا، هو حقيقي دنيوي ضروري , كحفظ النفس بالقصاص , والدين بالقتال , والعقل بالزجر عن المسكرات , والمال بالضمان , والنسب بالحد على الزنا , ومصلحي كنصب الولي للصغير , وتحسيني كتحريم القاذورات , وأخروى كتزكية النفس , وإقناعي يظن مناسبا فيزول بالتأمل فيه.
والمناسبة تفيد العلية إذا اعتبرها الشارع فيه كالسكر في الحرمة , أو في جنسه , كامتزاج النسبين في التقديم , أو بالعكس , كالمشقة المشتركة بين الحائض والمسافر في سقوط الصلاة , أو جنسه في جنسه , كإيجاب حد القذف حد القذف على الشارب لكون الشرب مظنة القذف , والمظنة قد أقيمت مقام الظنون , لأن الاستقراء دل على أن الله سبحانه شرع أحكامه لمصالح العباد تفضلا وإحسانا فحيث ثبت حكم وهناك وصف , ولم يوجد غيره ظن كونه علة , وإن لم تعتبر , هو المناسب المرسل: اعتبره مالك.
والغريب: ما أثر هو فيه ولم يؤثر جنسه في جنسه أيضا , كالطعم في الربا , والملائم: ما أثر جنسه في جنسه أيضا , والمؤثر ما أثر جنسه فيه.
مسألة: المناسبة لا تبطل بالمعارضة , لأن الفعل وإن تضمن ضررا أزيد من نفعه لا يصير نفعه غير نفع , لكن يندفع مقتضاه.
الخامس: قال القاضي المقارن للحكم إن ناسبه بالذات , كالسكر للحرمة فهو المناسب أو بالتبع , كالطهارة , لاشتراط النية , فهو الشبه , وإن لم يناسب , فهو الطرد , كبناء القنطرة للتطهير , وقيل: ما لم يناسب إن علم اعتبار جنسه القريب , فهو الشبه وإلا فهو الطرد.
واعتبر الشافعي: المشابهة في الحكم , وابن علية في الصورة , والإمام: ما يظن استلزامه , ولم يعتبر القاضي مطلقا , لنا أنه يفيد ظن وجود العلة , فيثبت الحكم , قال: ما ليس بمناسب فهو مردود بالإجماع , قلنا: ممنوع.
مخ ۴۵