وهذه الصفات كلها تسمت إلى الخلق، ولا يجري معنى الخلق على معنى الله ولا معنى الله على معنى الخلق لأن أسماء الخلق ألقاب فقد تقرر على أن تزيلها عنهم وتحذف لهم أسماء غيرها، وأسماء الله هي أسماء ذاته (¬1) .ولا تكمل مدحة شيء تستكمل له هذه الأسماء، ولو زيلت منها صفة واحدة لبطلت الوحدانية (¬2) .بكل ما ذكرنا من أسماء الله، فإنها هي مدحة لواحد ليس هو كما قال الجاهلون من إثبات العدد وذلك عن الله منفي (¬3) . ولا يقال : أن له علما به علم ولا قدرة بها قدر، ولو كان كذلك لكان في نفسه غير عالم وفي نفسه غير قادر، وجميع أسمائه.
¬__________
(¬1) - فهو كما قال الكاتب،لأن من يسمى من الخلق بعالم أو بقادر أو بسميع أو ببصير ، فان ذلك بمعنى يجوز عليه زواله وبطلانه وتزول عنه التسمية بذلك وتحدث له تسمية= = أخرى لحدوث معان أخرى ، وليس أسماء الله وصفاته كذلك ، وإنما هي للذات ، وللذات غير زائلة ولا فانية لكونها قديمة فتزول بزوالها التسمية والوصف . ولذلك قال صاحب الكتاب ( لا تستكمل له مدحة حتى تستكمل له هذه الأشياء ).
(¬2) - فقد صدق الكاتب ، ألا ترى لو كان الله غير موصوف بالعلم أليس كأن يكون موصوفا بالجهل . وكذلك لو كان غير موصوف بالسمع والبصر أليس كأن يكون موصوفا بأضداد هما من الصمم والعمى يتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، فلما كان في زوال صفة من صفاته ثبوت صفة من صفات الخلق كان في ذلك بطلان الوحدانية ونقصان المدحة .
(¬3) - والمقصود بالجاهلون هنا : هم الأشعرية الذين يثبتون العدد في العلم والقدرة ، وكذلك الناكثة هم أيضا جاهلون ، حيث جعلوا ألفاظهم المعدودة وأفعالهم المتغايرة من صفات الله - عز وجل - وأسمائه وكل ذلك عن الله منفي ، وذلك أن الله - عز وجل - غير موصوف بالتغاير لأن التغاير نفسه عدد والعدد يبطل الوحدانية .
مخ ۲۸